تتعدد الهيئات المغربية المسؤولة عن قطاع الهجرة من وزارة الخارجية، ووزارة الهجرة ومجلس الجالية المغربية في الخارج. إلا أن المهاجرين المغاربة يجدون أنفسهم وحيدين وبدون مآزرة من بلادهم في مواجهة ما يتعرضون له من إجراءات إدارية تعسفية في دول الاستقبال تصل إلى مستوى العنصرية.
ومنذ أسابيع، أقدمت الحكومة الهولندية على قرار إلغاء تعويضات المتقاعدين المغاربة المستقرين في المغرب. وجاء القرار في غفلة من حكومة الرباط التي لم تستجب الى التحذيرات التي صدرت من الكثير من الجمعيات المغربية المهتمة بالهجرة في هولندا.
و منذ سنوات، يعاني مغاربة إسبانيا الذين يحصلون على تعويضات العطالة والمساعدات الاجتماعية، من إجراء إداري خطير للغاية يتجلى في إلزامهم بإعادة كل التعويضات لكل من تبث في حقه زيارة المغرب، أو المكوث هناك أكثر من أسبوعين. وخلال الشهر الجاري، رفض القضاء الإسباني هذا الإجراء، واعتبره تمييزيا لأنه ركز على جالية واحدة وهي المغربية، فقرر إلغاءه وأمر بإعادة جميع التعويضات والغرامات الى المغاربة.
وكما جرى في حالة هولندا، طالب وناشد المغاربة سفارة المغرب في مدريد ووزارة الخارجية التي يرأسها سعد الدين العثماني، التدخل لدى نظيرتها الإسبانية لرفع هذا الحيف الذي لا يمكنه وصفه إلا بالعنصرية. وكالعادة، لم تقدم وزارة الخارجية المغربية ولا سفارتها أي استفسار الى السلطات الإسبانية بشان الإجراءات التي تكاد تقطع انفاسهم في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة .
حالتا هولندا واسبانيا إضافة إلى حالات أخرى تبرز المفارقة الغريبة في تعاطي الدولة المغربية مع ملف الهجرة. فمن جهة توجد ثلاث مؤسسات دستورية تهتم بالهجرة وهي الوزارة والمجلس والخارجية، ومن جهة أخرى اللامبالاة في معالجة القضايا الحقيقية للمهاجرين. ويتأسف المغاربة للغيرة التي تبديها دول مثل السينغال والجزائر وأمريكا اللاتينية في الدفاع على مصالح مهاجريها مقابل غياب دبلوماسية الرباط. وتكشف هذه الحالات العديدة ما يلي:
-فشل مؤسسة مجلس الجالية المغربية في وظيفته ودوره وأداء مهامه، إذ لا يفهم كيف أن هذا المجلس الذي انتهت صلاحيته القانونية منذ وقت، ولم يتم تجديده لمعالجة الملفات الشائكة للهجرة المغربية في أوروبا ويكتفي بتنظيم حفلات ومهرجانات.
– عدمية الجدوى من وجود وزارة منتذبة مكلفة بالهجرة في وقت يكتفي الوزير المسؤول عنها بسفريات خمس نجوم دون سماع صوته في الملفات التي تهم الجالية المغربية.
-حرص عميد الدبلوماسية المغربي سعد الدين العثماني على عدم إغضاب الأوروبيين وخاصة الإسبان، حيث جعل في أجندته الرئيسية إرضاء الأوروبيين على حساب مصالح المغرب وخاصة الهجرة.
وغالبا ما يتذرع المسؤولون المغاربة بذرائع واهية لإعفائهم من واجب الدفاع عن حقوق مواطنيهم في بلدان المهجرالأوروبي، من ذلك تحججهم بأن الأمر شأن داخلي وسيادي. وقد يجد هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر في مبادرة وزير العدل الإسباني ألبرتو غايردون جوابا شافيا على ذلك التلكئ، إذ عمد إلى حث الحكومة المغربية على المصادقة على طلبات مواطنيه الذي ينتظرون قبول ملفات الكفالة، وعرض عليها تعديلا للقانون. ولعل الوزير الإسباني تحرك لأجل مصالح 58 من الإسبان فقط، فمابالك لو أن الأمر يتعلق بآلاف مؤلفة من مواطنيه.
وقد يجد هؤلاء المسوؤلين المغاربة أيضا في تعاطي نظرائهم من دول أمريكا اللاتنية مع ملفات مهاجريهم بدول أوروبا، آيات بينات من الالتزام الكامل بمطالب مواطنيهم في المهجر، فهل يكفي كل ذلك المسوؤلين المغاربة حتى ينبعث فيهم وازع المواطنة الصادقة.