على شاكلة فرنسا.. إسبانيا تفشل في رئاستها لمجلس الاتحاد الأوروبي في تطوير العلاقات الأوروبية-المغاربية

العلم الأوروبي والمغربي

مرت قرابة ثلاثة أشهر على رئاسة إسبانيا لمجلس الاتحاد الأوروبي الذي يعد من أبرز هياكل هذا التجمع، وفشلت بالدفع بالعلاقات مع المنطقة المغاربية لتكرر بذلك سيناريو فشل فرنسا منذ سنة.

تولت إسبانيا رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي خلال بداية يوليو الماضي وستنتهي نهاية ديسمبر المقبل. وكانت إسبانيا ترغب في جعل فترة رئاستها منعطفا لتعزيز العلاقات مع منطقتين حيويتين لها وللاتحاد وهما شمال إفريقيا، ثم منطقة أمريكا اللاتينية. وكان وزير الخارجية المؤقت مانويل ألباريس قد صرح منذ شهور باستغلال مدريد لرئاستها لمجلس الاتحاد الأوروبي للدفع بالعلاقات مع شمال إفريقيا، من خلال إيجاد حل للمواضيع التي عليها اختلاف كبير.

غير أن كل المعطيات تشير حتى الآن إلى فشل مدريد في مسعاها لتطوير العلاقات الأوروبية-المغاربية خلال رئاستها لمجلس الاتحاد الأوروبي لأسباب متعددة، أبرزها: وجود حكومة مؤقتة في إسبانيا بعد الانتخابات التي جرت خلال يوليو الماضي، لا تتمتع بصلاحيات كبيرة لاتخاذ مبادرات جريئة في العلاقات الخارجية،و أصبح هدف رئيس الحكومة المؤقت بيدرو سانشيز هو ضمان إعادة انتخابه رئيسا للحكومة إذا فشل اليمين بزعامة نونييث فيخو في مصادقة البرلمان عليه رئيسا للحكومة.

ولم تستجب الجزائر لأي مبادرة إسبانية من أجل المصالحة الثنائية لأن العلاقات في وضع جمود بعدما سحبت الجزائر سفيرها من مدريد وأوقفت الواردات من السوق الإسبانية، وذلك ردا على قرار حكومة مدريد باعتبار الطرح المغربي للحكم الذاتي في نزاع الصحراء، حلاً مناسبا. في الوقت ذاته، تُراجع الجزائر مختلف الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي، وتحبّذ الرهان على شركاء جدد مثل الصين وتركيا وتجمعات مثل البريكس، حيث تنتظر الانضمام إلى هذا التجمع بعدما فشلت في مسعاها خلال الشهر الماضي في قمة جوهانسبورغ.

وبالنسبة للعلاقة مع المغرب، لم تستطع مدريد تحريك ملف اتفاقية الصيد البحري التي انتهت صلاحيتها منذ شهرين، ولا يمكن تجديدها بسبب انتظار قرار المحكمة للبث النهائي في شرعية الاتفاقية من عدمها من طرف القضاء الأوروبي. كما راهنت الرباط على مدريد لكي تساعدها في إقناع الدول الأعضاء بأهمية الحكم الذاتي حلا لنزاع الصحراء، خاصة بعدما اعتبرت مدريد مقترح المغرب حلا مناسبا للنزاع. ولم تجد إسبانيا الأجواء مناسبة، فمن جهة، لا تبدي فرنسا حماسا لهذا الموضوع، وهي الدولة التي تؤثر سياسيا في موقف الاتحاد الأوروبي بشأن الملفات السياسية الكبرى، ومن جهة، يوجد توتر بين المغرب والبرلمان الأوروبي بسبب ملفي التجسس بواسطة برنامج بيغاسوس الإسرائيلي وحقوق الإنسان، كما رفض المغرب مساعدات الاتحاد الأوروبي في زلزال الحوز الذي ضرب البلاد يوم 8 سبتمبر الجاري. ويضاف إلى هذا، لا تبدي مدريد حماسا للدفاع عن مقترح الحكم الذاتي في المنتديات الدولية.

وخسر الاتحاد الأوروبي فرصة تطوير العلاقات مع شمال إفريقيا خلال رئاسة فرنسا لمجلسه ما بين يناير ويونيو من السنة لماضية، حيث تصادفت رئاستها وأزمة باريس مع كل من الرباط والجزائر، ولم تنجح دبلوماسية فرنسا في أي مبادرة تقدمت بها. ويتكرر السيناريو نفسه مع إسبانيا بسبب الخلافات الدبلوماسية. ويبرز واقع العلاقات المغاربية-الأوروبية صعوبة تحقيق تطور إذا كانت علاقات مدريد أو باريس متوترة مع الرباط والجزائر. ومن ضمن ما كانت مدريد قد حققته في رئاستها لمجلس الاتحاد الأوروبي سابقا، توقيع اتفاقية التجارة الأوروبية-الجزائرية في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ثم قمة المغرب-الاتحاد الأوروبي في غرناطة سنة 2010.

Sign In

Reset Your Password