بعد 44 سنة على وفاته… اسبانيا تغلق ملف الديكتاتور فرانكو بنقل رفاته من ضريح رسمي إلى مقبرة عادية

الدكتاتور فرانسيسكو فرانكو

استخرجت إسبانيا، الخميس من الأسبوع الجاري، رفات الديكتاتور الجنرال فرانسيكسو فرانكو من مقبرة وادي الشهداء، ونقلته إلى مقبرة في ضواحي إقليم مدريد، في حدث يشكل منعطفاً هاماً بحكم أنه ينهي طابع التقديس الذي كان يتمتع به هذا الديكتاتور في مقبرة رسمية، ومعه تستعيد إسبانيا الحديث والجدل حول مآسي الحرب الأهلية التي خلّفت مئات الآلاف من القتلى ونسبة هامة من المفقودين.
ولم تجر مراسيم نقل رفات الديكتاتور بشكل علني، بل بشكل خاص، واقتصر الأمر فقط على أفراد أسرته وبعض المسؤولين القضائيين الذين أشرفوا على تطبيق قرار نقل رفات الجنرال الذي توفي خلال نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1975. وجرى دفنه في مقبرة «إلباردو مينغروبيو» في ضواحي العاصمة. وكانت عائلته قد احتجت كثيراً على قرار الحكومة والقضاء لاحقاً بالترخيص بنقل الرفات، واعتبرت ذلك بمثابة تدنيس لمقبرة مسؤول حكومي سابق وفرد من عائلتهم، وهو ما شددت عليه أمس مجدداً. ومن اللحظات المثيرة التي خلفها إعادة دفن الرفات في المقبرة المذكورة حضور مؤيدي الجنرال فرانكو وعلى رأسهم العقيد أنتونيو تخيرو الذي كان قد نفذ آخر محاولة انقلابية يوم 23 فبراير عام 1981.
ومن شأن قرار مثل هذا أن يخلف الكثير من ردود الفعل السياسية بحكم أن الأمر يتعلق بسياسي وعسكري تزعم الحرب الأهلية ما بين عامي 1936 و1939 وخلّف وراءه أكثر من 300 ألف قتيل، علاوة على نسبة عالية من المفقودين، وهروب الملايين نحو باقي أوروبا وأمريكا اللاتينية وكذلك شمال إفريقيا.
وصرّح الرئيس المؤقت للحكومة، بيدرو شانتيس، الذي اتخذت حكومته قرار نقل الرفات، أن ضريح الديكتاتور فرانكو كان مسّاً بالديمقراطية، فنقل الرفات ينهي التمجيد العام الذي كان يتمتع به هذا الديكتاتور بحكم وجود قبره في مقبرة الشهداء، مؤكداً أن إسبانيا باتت دولة متسامحة في الوقت الراهن، ولكن لا يمكنها نسيان مآسي الماضي. وتابع أن إسبانيا ناضلت من أجل التخلص من بقايا النظام الديكتاتوري، واليوم تسجل حلقة أخرى في هذا الشأن. ومنج عن القرار ردود فعل مختلفة، فقد ندد حب فوكس وهو يميني قومي متطرف بالقرار الذي يتزامن مع الانتخابات التشريعية التي ستجري يوم 10 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وقال زعيمه سانتيغو أباسكال إن الهدف هو خلق انشقاق وسط الإسبان والتمهيد لإسقاط الملكية.
إلى ذلك، رحب زعيم حزب «بوديموس» اليساري بابلو إغلسياس بالخطوة، وشدد على ضرورة تكريم الآلاف من ضحايا الديكتاتور الذين لا مقابر لهم حتى الآن، وأضاف بنوع من النقد أنه كان من الأحسن تأجيل نقل الرفات إلى ما بعد الانتخابات.
ورفض الحزب الشعبي اليميني المحافظ التعليق على هذا الحادث، مشيراً إلى أنه لا يهتم بما وقع منذ خمسين سنة. ويعد هذا الحزب نسبياً وريث حركة فرانكو بحكم أن الكثير من مؤسسيه كانوا في حكومة الديكتاتور وعلى رأسهم مانويل فراغا، الأب الروحي لليمين الحالي.

Sign In

Reset Your Password