زيارة الملك لموسكو: تفهم روسي لموقف المغرب في الصحراء مقابل تسهيلات عسكرية!

الرئيس الروسي فلادمير بوتين في خطاب أمام الجيش/رويترز

يزور العاهل المغربي الملك محمد السادس روسيا ابتداء من 15 مارس الجاري، وتحمل الزيارة طابعا هاما لتزامنها مع الضغوطات التي يتعرض لها المغرب في نزاع الصحراء. وقد تشكل روسيا مساندا هاما للمغرب بعدما بدأ يجد صعوبات مع دول غربية في ملف الصحراء مثل بريطانيا والولايات المتحدة. وقد يحدث تفهم روسي لموقف الرباط مقابل حصولها على تسهيلات عسكرية مستقبلا.

وكانت الدولة المغربية قد أعلنت في مناسبات متعددة عن زيارة الملك الى موسكو، وجرى الحديث عن تواريخ كثيرة وبقيت معلقة حتى زيارة فؤاد علي الهمة المستشار الرئيسي للملك الى موسكو خلال يناير الماضي للاتفاق على القضايا الكبرى.

واعتاد سفير المغرب أو وزير الخارجية التكلف بمراسيم الزيارة، إلا أن زيارة علي الهمة غير العادية الى موسكو تعني شيئا واحدا وهو البحث في اتفاقية استراتيجية تتجاوز التعاون الاقتصادي والسياسي التقليدي الى مستوى آخر.

في الوقت ذاته، لم يتقابل الهمة مع مسؤول في الخارجية بل مع سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيقولاي باتروشيف المكلف بالقضايا الكبرى، وهو لقاء يطرح الكثير من التساؤلات حول مضمونه والاتفاقيات المرتقبة والتي ستكون غير معلنة.

ويعاني المغرب كثيرا من المشاكل مع من يفترض حلفاءه في الغرب وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا، حيث يعتبر البلدان ضمن أعضاء مجلس الأمن الذين يؤيدون التوجه الجديد للأمم المتحدة في تبني مواقف يعتبرها المغرب غير ودية في نزاع الصحراء.

وكانت روسيا هي الدولة التي ساعدت المغرب رفقة فرنسا لتجاوز المخطط البريطاني-الأمريكي الرامي خلال أبريل 2013 الى تكليف قوات المينورسو مراقبة حقوق الإنسان في منطقة النزاع في الصحراء. في الوقت ذاته، قدمت روسيا للمغرب خدمات غير معلنة ومنها ما كشفته وثيقة للدبلوماسية المغربية كشف عنها القرصان كريس كولمان الذي سرب وثائق ما بين سبتمبر 2014 ومارس 2015 تؤكد أن سفير روسيا في مجلس الأمن هو الذي أخبر المغاربة بأن الأمم المتحدة كلفت مغاربة بمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء. وهناك خدمات أخرى لم تعلن حتى الآن.

في الوقت ذاته، تتزعم روسيا على المستوى الدولي سياسة الحفاظ على “الخرائط السياسية” الحالية لتفادي وقوع اضطرابات وتغليب الحوار السياسي ما أمكن. بينما لا يمانع الغرب من تغيير “الخرائط السياسية” عملا باحترام تقرير المصير وحقوق الأقليات والاثنيات. ولم تعارض بريطانيا استفتاء تقرير المصير في اسكوتلندا منذ سنة ونصف، وبالتالي فهي تؤيد استفتاء تقرير المصير في الصحراء. ونجد معارضة موسكو شديدة لهذا التوجه. واعتراض روسيا على تغيير “الخرائط السياسية” لا يعني اعترافها بمغربية الصحراء.

وعمليا، الاتفاقيات التجارية والتعاون تعتبر ثانوية في هذه الزيارة بحكم وجود اتفاقيات عديدة بين البلدين تؤطر هذه العلاقات منذ مدة طويلة وأضيفت إليها اتفاقيات جديدة مؤخرا. ويمكن إجمال الزيارة في عنوان عريض “ماذا يطرح المغرب وماذا تطرح روسيا استراتيجيا”، أو “ماذا تريد روسيا وماذا يريد المغرب استراتيجيا”.

استراتيجيا، المغرب يرغب في دعم روسي حقيقي في نزاع الصحراء، لا يهدف الى اعتراف موسكو بمغربية الصحراء لأن هذا صعب جدا (ليس لخاطر الجزائر بل مسايرة مساعي الأمم المتحدة) بل حدوث تفهم لمواقفه ومنها الحكم الذاتي والمساعدة على تفادي فرض الغرب حلا في إطار الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، حيث هناك توجه في ملف الصحراء في هذا الشأن.

في الوقت ذاته، وفي إطار إعادة توزيع نفوذها في العالم، ترغب روسيا من المغرب تسهيلات عسكرية حقيقية وخاصة على الواجهة الأطلسية والبحر الأبيض المتوسط منها رسو بعض السفن والغواصات الحربية.

وارتباطا بهذه النقطة، رفعت روسيا من حضورها العسكري في البحر الأبيض المتوسط وكذلك عند المدخل الغربي لمضيق جبل طارق بشكل لا سابقة له، وذلك لسببين، الأول وهو استراتيجية البحر المتوسط لها بسبب النزاعات التي اندلعت فيه، والسبب الثاني هو وجود جزء من الذرع الصاروخي الأمريكي في قاعدة روتا في قادش الإسبانية.

وكانت موسكو، وفق معلومات حصلت عليها ألف بوست، قد طلبت من الرباط هذه التسهيلات ولكنه تحفظ، وفي المقابل أقدمت اسبانيا التي هي عضو في منظمة شمال الحلف الأطلسي على تقديم هذه التسهيلات الى السفن والغواصات الروسية. والمثير في الأمر أن هذه التسهيلات قدمتها لها في ميناءي سبتة ومليلية المحتلتين، حيث ترسو السفن والغواصات الروسية بين الحين والآخر.

وهكذا، فالغرب الأنجلوسكسوني بدأ يتخلى عن المغرب في ملف الصحراء متسببا له في مشاكل مع الاتحاد الأوروبي في ملف الزراعة ويضغط في الأمم المتحدة، علما أنه تاريخيا كان هذا الغرب فقط يتفهم موقف المغرب واستبعد أي اعتراف بمغربية الصحراء إذا لم تكن هناك استشارة. وعليه، فهل سيستمر المغرب في الرهان على هذا الغرب أم سيلعب أوراقه استراتيجيا بذكاء في عالم يتغير ويتغير بسرعة.

مقالات ذات صلة:

في زيارة مفاجئة، فؤاد علي الهمة في روسيا والسبب قد يكون ملف الصحراء

بصمته أمام الأمم المتحدة، المغرب الرسمي يحول سبتة ومليلية الى طابو سياسي ومدريد تقدم تسهيلات لروسيا في سبتة

2015/11/13

سلاح البحر الروسي يتموقع بالقرب من المغرب واسبانيا للتجسس على كابلات الإنترنت العالمية

2014/03/27

عودة الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن ومنها مضيق جبل طارق بعد دعوة أوروبا للأوروبيين بسياسة دفاع جديدة

أكبر سفينة حربية روسية قبالة شواطئ شمال المغرب بسبب عودة الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password