تعيش جريدة الواشنطن بوست اليوم حزنا حقيقيا بسبب رحيل مديرها السابق بنجامين برادلي أحد الكبار في تاريخ الصحافة الذي وقف وراء فضيحة واترغيت رفقة صحفيين آخرين والتي أدت الى استقالة الرئيس الأمريكي لايتشارد نيكسون وأسس لصحافة التقصي بمفهومها الحالي.
وتعلن الواشنطن بوست في موقعها الرقمي رحيل بنجامين برادلي عن سنة تناهز 93 سنة مخصصة له حيزا هاما يناسب وتأثير الصحفي في تاريخ الصحافة الأمريكية والعالمية.
ولد برادلي سنة 1921 في مدينة بوسطن وتلقى تعليمه في مدن ولاية ماساسوتشيت وبدأت علاقته بتوزيع الصحف في مدينة بيفرلي لينتقل لاحقا الى ممارسة الصحافة ويصبح المدير الأكثر شهرة في تاريخ الصحافة الأمريكية.
وبدأت مسيرته الحقيقية مراسلا للمجلة الأمريكية الشهيرة نيوزويك في فرنسا إبان الخمسينات، ولكنه تعرض للطرد على يد الحكومة الفرنسية بسبب لقاءات وحوارات له مع بعض قادة جبهة التحرير الوطني في الجزائر. وانتقل في أواسط الستينات الى العمل في جريدة الواشنطن بوست، وسيصبح مديرها سنة 1968 الى غاية 1991.
ولم تكن الواشنطن بوست من ضمن الثلاث جرائد كبرى في الولايات المتحدة ولكنها منذ بداية السبعينات أصبحت مرجعا إعلاميا لصناع القرار بعدما شاركت رفقة نيويورك تايمز في نشر “أوراق البنتاغون” سنة 1972 وهي شبيهة بويكليكس وقتها، وتضمنت كيف كانت الإدارة الأمريكية تكذب على الرأي العام الأمريكي في حرب الفيتنام.
لكن القفزة النوعية للواشنطن بوست ستحدث سنة 1973 عندما بدأ برادلي يشرف على التحقيق رفقة صحفيين وهما بوب وودوورد وكارل برنشتاين على فضيحة ووترغيرت التي تخص تجسس الحزب الجمهوري على الديمقراطي وانتهت باستقالة ريتشارد نيكسون سنة 1974 ليكون الرئيس الأمريكي الوحيد الذي أجبر على الاستقالة.
وتحولت واترغيت الى فيلم سينمائي شهير سنة 1976 من إخراج ألان باكولا باسم “رجال الرئيس” من تمثيل روبر ريدفور ودستان هوفمان بينما أدى دور برادلي الممثل جاك واردن.
منذ واترغيت، تحولت الواشنطن الى أبرز منبر إعلامي في العالم وتحولت الى مؤسسة وضعت من جديد أسس حرية الصحافة في العالم ودشنت صحافة التقصي بمفهومها الجديد.
سيتخلى برادلي عن إدارة الواشنطن بوست سنة 1991 ولكنه حافظ على الحضور يوميا الى مكتب الجريدة الى غاية السنوات الأخيرة عندما هاجمه مرض ألزايمر ويفارق الحياة يوم 21 أكتوبر 2014، يرحل بعدما ساهم في تشييد صرح اسمه “الواشنطن بوست”.