ربورتاج القناة الأولى الذي يصف السيسي بالانقلابي يؤشر على أزمة عميقة بين المغرب ومصر بسبب الجزائر والصحراء

الرئيس السيسي يستقبل وزير خارجية المغرب صلاح الدين مزوار يوم 5 يونيو

“الدموي” و”الانقلابي” و”الردة الديمقراطية” مصطلحات وردت في نشرة التلفزيون المغربي مع بداية السنة الجديدة في ربورتاج حول مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. ويشكل الربورتاج القوي في انتقاداته علامة قوية على حدوث أزمة حادة بين الرباط والقاهرة قد تكون بسبب العلاقات المصرية-الجزائرية والصحراء أو تناول الاعلام المصري لقضايا المغرب.

وانهال ربورتاج القناة الأولى من مصطلحات الجمعيات الحقوقية الدولية وحركة الاخوان المسلمين في توصيفها للانقلاب العسكري في يونيو من سنة 2013 في الربورتاج. وتجاوز الربورتاج في حدته الربورتاجات التي تخصصها القنوات الرسمية لبعض الدول إبان الأزمات الشائكة كتلك التي حدثت مع اسبانيا في الماضي والجزائر حاليا.

الربورتاج يعتبر الوضع السياسي في مصر ردة ديمقراطية ضد اختيارات الشعب المصري. ويصف عبد الفتاح السيسي بزعيم العصابة الانقلابية، ويرثي الوضع الاقتصادي المتدهور والانفلات الأمني في مصر وصلت الى إعلان حالة الطوارئ.

وفي المقابل، لا يتردد في الإشادة بالرئيس المخلوع محمد مرسي واصفا إياه بالرئيس الشرعي للبلاد الذي تعرض للإنقلاب من طرف العسكريين.

وتبنت قناة “دوزيم” الخطاب الإعلامي نفسه للأولى اتجاه السيسي، الأمر الذي يجعل الحديث عن قرار للدولة المغربية توجيه رسالة واضحة الى الدولة المصرية، فليس من باب الصدفة وجود ربورتاجين بنفس الأسلوب والرسالة.

ومن المرتقب حدوث ردود فعل إعلامية مصرية قوية تجاه المغرب بعد انتشار الربورتاج، خاصة وأن بعض الإعلاميين المصريين أسسوا لمدرسة رائدة في “السب والقذف” تنتقل عدواها الى عدد من الدول العربية في الوقت الراهن.

دهشة والبحث عن تفسيرات

وتبرز شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفايسبوك الدهشة التي تسيطر على الكثير من المغاربة بحكم أن العلاقات مع مصر لم تكن حميمية ولكن برودتها لا تصل الى إقدام التلفزيون الرسمي المغربي المرتبط بالدولة الى إنجاز ربورتاج حاد مثل هذا.

وتتعاظم المفاجأة بحكم عدم توجيه الدولة المغربية انتقادات لمصر بعد الانقلاب، بعد زار وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار القاهرة، واستقبله عبد الفتاح السيسي يوم 5 يونيو الماضي. وفي الوقت ذاته، وجه الملك محمد السادس برقية تهنئة الى السيسي بعد اختياره رئيسيا يشيد فيها بالرئيس الجديد، ومن ضمن الجمل الواردة في الرسالة أشيد بالثقة التي حظيتم بها من لدن الشعب المصري الشقيق في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخه الحديث، لقيادته إلى تحقيق ما يصبو إليه من ترسيخ لروح الوئام والطمأنينة، وتقدم وازدهار، في ظل الأمن والاستقرار”.

ووصلت الدولة المغربية الى منع وقفا مع صحفيي الجزيرة المعتقلين في مصر، وطالبت العدالة والتنمية بالتخفيف من تأييد مرسي، بل ووصل الأمر الى محاكمة شابة مغربية لأنها رفعت رمز رابعة مع لاعب مصري في الموندياليتو السنة الماضية في أكادير.

الأزمة بين السياسي والاعلامي

وتذهب التفسيرات مذهبين، الأولى تتحدث عن رد فعل قوي من الدولة المغربية على تطاول الاعلام المصري على المغرب والمغاربة والملك محمد السادس بسبب زيارته الخاصة الى تركيا. ويبقى هذا التفسير ضعيفا نسبيا لأن المغاربة اعتادوا على الخطاب الإعلامي المصري الذي يتجاوز كل الحدود، ولا يتعلق الأمر بالمغرب فقط بل بكل الدول التي تنشب بينها وبين مصر أزمات. ومن ضمن الأمثلة الأخيرة، ما تتعرض له تركيا وقطر من حملة إعلام قوية.

ويتجلى التسفير الثاني في العامل السياسي وعنوانه البارز دعم القاهرة لمخططات الجزائر بعزل المغرب في ملفات إرساء الأمن ومكافحة الإرهاب في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل.

وكان المغرب قد أعرب في مناسبات عن قلقه بصورة غير مباشرة بسبب إخلال مصر بالتوازن الذي نهجته بين المغرب والجزائر منذ رحيل جمال عبد الناصر الذي كان مؤيدا للجزائر.

وعمليا، مالت مصر كثيرا الى الجزائر بعدما عملت سلطات هذا البلد الأخير على رفع حظر الاتحاد الافريقي على عبد الفتاح السيسي. وكان الاتحاد الافريقي يعتبر السيسي انقلابيا لا يسمح به بالمشاركة في قمم الاتحاد، لكن وساطة الجزائر رفعت الحظر.

كما ارتفع التقارب المصري-الجزائري بعدما زودت هذه الأخيرة مصر باحتياجاتها من الغاز لمواجهة الأزمة الشائكة في الطاقة وخاصة هذه المادة. ووقع البلدان اتفاقية خلال يونيو الماضي.

وانخرط صحفيون مصريون مقربون من الدولة المصرية في حملات إعلامية لصالح جبهة البوليساريو، حيث زاروا المخيمات وخصصوا مقالات وربورتاجات في الصحافة والتلفزيونات لما اعتبروه “استعمار المغرب للصحراء”. وفجرت هذه التغطية أزمة حقيقية وقتها بين القاهرة والرباط، حيث سارعت الأولى الى تكذيب أي موقف رسمي يساند البوليساريو.

ومن نتائج هذا التقارب، تهميش المغرب في المخططات الإقليمية، وانفتاح إعلامي وسياسي مصري على جبهة البوليساريو.

مقالات ذات صلة بالموضوع:

الصحافة المصرية تنفتح على جبهة البوليساريو بشكل غير مسبوق وسط غياب المغرب

 

السلطات المغربية تمنع وقفة تضامنية في الرباط مع صحفيي الجزيرة المعتقلين في مصر

 

الجزائر تدعم السيسي في مصر و مراقبون جزائريون يعتبرون ذلك تحولا مفاجئا 

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password