أقدمت مدرسة فهد العليا في مدينة طنجة هذه الأيام على إلغاء ماستر الترجمة والتواصل والصحافة من عروضها الأكاديمية السنوية الخاصة بتكوين الطلبة، والقرار غير حكيم ويفتقد للنظرة البعيدة ويتعارض وحلم تطوير الجامعة المغربية.
ماستر الترجمة والتواصل والصحافة بدأ مغامرة جميلة بفضل الأستاذ الطيب بوتبقالت منذ أربع سنوات، جاء ليسد فراغا مهولا في بلد لا يتوفر على كلية لعلوم الاعلام، وقد يكون واحد من خمسة دول لا تتوفر على كلية من هذا النوع في العالم. وبمجهودات بسيطة وبتضحيات من الكثير من الأستاذة القارين أو الزائرين، تخرجت ثلاثة أفواج، وبينما كان المرتقب هو تطوير الماستر تكون المفاجأة هذا الأسبوع أن الفوج الرابع سيكون هو الأخير وسيسدل الستار عن هذا الماستر.
القرار الذي اتخذته إدارة المدرسة غير حكيم وهو قرار متسرع. فالجامعات مطالبة بتطوير عرضها الأكاديمي بتقديم مختلف التخصصات لتصبح جامعات مرجعية وعريقة وتلبي حاجيات المحيط المتواجدة فيه.
والقرار غير حكيم لأن منطقة شمال المغرب ترنو الى التحول الى قطب سياسي وصناعي وثقافي في إطار سياسة “نظام مغرب الجهوية أو الحكم الذاتي”، ولا يمكن النجاح سياسيا واقتصاديا في غياب التواصل ووسائل إعلام احترافية، فمن أين سيأتي المهنيون في غياب ماستر من هذا النوع؟
والقرار يعتبر غير حكيم، فقد جرى اتخاذه في وقت يقوم العالم على التواصل ويستمر المشكل الكبير الذي يعاني منه المغرب هو فشله الذريع في التواصل مع العالم في ملفات سياسية واقتصادية، والفشل ناتج عن غياب مهنيين
والقرار غير حكيم، إذ تظهر كل معطيات سوق العمل أن قطاع الصحافة والاعلام عموما من القطاعات التي توفر نسبة هامة من فرص العمل لاحتياج المجتمع للتواصل.
بدل إغلاق الماستر كان يجب التفكير في تطويره لتقديم تخصصات وسط هذا المستر حول التواصل الدبلوماسي والتواصل الاقتصادي والتواصل السياسي، تخصصات تحتاجها البلاد سياسة وتنمية. وبالتالي، قرار اتخاذ إلغاء الماستر هو ضرب لاحتياجات البلاد في التواصل مستقبلا. والتساؤل: هل يمكن من الناحية العلمية والأكاديمية اتخاذ قرار مثل هذا في وقت تحتاج فيه البلاد لمختلف أنواع التواصل؟
من ضمن التبريرات التي قدمتها الإدارة غياب مؤطرين وغياب موارد، قد يكون هذا صحيح، لكن يكفي توفير مائة مليون سنتيم للماستر سنويا للتعاقد مع خيرة المهنيين والباحثين لتكوين جيل من المهنيين وتأطير جيل من باحثي المستقبل. هذا المبلغ هو نصف ما تحصل عليه مغنية أو مطربة قادمة من الشرق في مهرجانات تطوان وطنجة. مقابل أداء ساعتين من الغناء والرقص.
ندعو قراء المقال والذين اتخذوا القرار الى التأمل في الرتبة التي احتلها المغرب في تقرير التنمية البشرية عالميا والصادر هذا الأسبوع، الرتبة 129، فهل يمكن التطور والتقدم بدون جامعة متقدمة ومتنوعة التخصصات؟