في أعقاب الضجة التي اندلعت حول امتلاك الكنيسة لجامع قرطبة (كاتدرائية حاليا) ب 30 يورو، تعمل حكومة الحكم الذاتي في الأندلس على استعادة هذه المعلمة التاريخية الكبرى إسوة بمعالم شهيرة أخرى مثل قصر الحمراء في غرناطة التابع لها. ويترتب عن قرار حكومة الأتدلس احتجاجات اليمين المحافظ سياسيا وإعلاميا والذي يعارض سحب الملكية من الكنسية.
وكانت الكنسية قد استغلت قانونا سطره رئيس الحكومة الأسبق خوسي ماريا أثنار ينص على امتلاك المعابد وبعض المؤسسات العمومية وتسجيلها بثمن رمزي، وحدث هذا مع مئات الكنائس في مجموع البلاد، ولم ينتبه أحد الى ملكية جامع كاتدرائية قرطبة حيث سجلتها الكنيسة في صمت مطلق سنة 2006.
وتشرف الكنيسة على الجامع دينيا وسياحيا، ولكن دون ملكيتها له. وبعد انتشار خبر ملكيتها لهذه المعلمة، تأسست لجنة من المجتمع المدني وهيئات أكاديمية في قرطبة وامتدت الى الأندلس ثم باقي اسبانيا تطالب بسحب ملكية جامع-كاتدرائية قرطبة من الكنيسة وجعل ملكيتها لدى حكومة الأندلس للمحافظة على هذه المعلمة رمزا للديانات والثقافات كما كانت عليه في العهد الإسلامي.
وأكدت حكومة الأندلس هذه الأيام نيتها استعادة هذه المعلمة من الكنيسة وتحويلها الى الممتلكات العمومية على شاكلة باقي المآثر مثل قصر الحمراء في غرناطة ولاخيرالدا في اشبيلية والقصبة في مالقا وباقي مدن المنطقة. وتبقى الخاصية الوحيدة لجامع-كاتدرائية قرطبة أن باقي المعالم هي اثرية بينما يجري الصلاة في قرطبة. وكان مسلمو المدينة قد طالبوا بتمكينهم من الصلاة في الجامع بدل اقتصاره فقط على الكنيسة.
وتدرس حكومة الأندلس الكيفية القانونية لاستعادة هذه المعلمة من الكنيسة دون مواجهة الكنيسة. ويرى أصحاب هذه المبادرة ضرورة استعادة الجامع أن قرطبة فضاء تاريخي للحوارات والحضارات علاوة على أن اسبانيا طرحت مبادرة “تحالف الحضارات”، وهذا يتطلب الإبقاء على الجامع الشهير ملكية للحكومة طالما أن مفهوم العمومي “الملكية العمومية” يمثل مختلف الأطياف سياسيا ودينيا وثقافيا.
ولا تستبعد حكومة الأندلس استعادة الملكية ولكن تفويت التسيير الى الكنيسة كما كان الشأن عليه دائما، وهو حل وسط يحبذه الكثيرون.
ولم تعلن حكومة مدريد المركزية موقفا من هذه القضية التي أصبحت تأخذ بعدا مثيرا، ولكن قيادات الحزب الشعبي الحاكم تؤيد استمرار ملكية الجامع-الكاتدرائية في ملكية الكنيسة. وفي الوقت نفسه، تدافع وسائل الاعلام المحافظة مثل آ بي سي وليبرتاد ديخيتال عن أحقية الكنيسة في امتلاك الجامع الشهير. وتذهب بعض الكتابات الى نسج روايات مثل وقوف مسلمين وراء عملية نزع الجامع من الكنيسة.