تطبيق المقايسة على النفط في المغرب سيسبب في ارتفاع باقي المواد ومنها الغذائية وفي اضطرابات اجتماعية

المجلس الحكومي

نظام المقايسة التي ترغب الدولة المغربية في تطبيقه على البترول ومن المحتمل جدا لاحقا على المواد الغذائية الأساسية هو من الاتفاقيات غير المعلنة مع صندوق النقد الدولي. وهذا النظام سيجعل الحكومة  تستفيد على مستويين، تحميل المواطن أي زيادة في أسعار النفط دوليا، وكل زيادة سيترتب عنها ارتفاع المداخيل الضرائبية للدولة، لكن هذه السياسة الاقتصادية ستحمل معها اضطرابات اجتماعية.

وكشفت حكومة عبد الإله ابن كيران الأسبوع الماضي عن اعتماد نظام المقايسة لمواجهة تقلبات أسعار النفط وبالتالي ربط السعر الوطني للنفط بتقلبات الأسعار العالمية. وبالتالي، سيصبح المواطن المغربي الجهة التي ستتحمل هذه الزيادة.

والمثير أن الحكومة لم تحدد السقف الأعلى للمقايسة بل لم تقدم اي تصور واضح حتى الآن للرأي العام، كما لم يحظى الموضوع حتى الآن باهتمام فائق من طرف الصحافة لاسيما الرقمية منها.

ومن عيوب الحكومة أنها تطرح شبه مشاريع مقلقة اجتماعيا مثل إصلاح المقاصة وتطبيق المقايسة ولا تواكبها بشروحات واضحة للرأي العام، وسبق لوالي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري أن انتقد هذه الثقافة الاقتصادية في تقرير له.

ونظام المقايسة هو محاولة/مناورة اقتصادية من طرف الحكومة كخطوة رئيسية لإصلاح صندوق المقاصة، وذلك ضمن الاتفاقيات غير المعلنة التي أبرمتها مع صندوق النقد الدولي.

 وكان صندوق النقد الدولي قد مارس ضغوطات قوية على المغرب إبان الشهور الماضية، وصادق يوم 2 غشت الماضي على تمديد استفادة المغرب من القرض المفتوح والذي يتجاوز ستة ملايير دولار. وهذه المصادقة لم تكن مجانا بل بعد التزامات لم تكشف عنها حكومة ابن كيران.

وتعتبر الحكومة أن تطورات الشرق الأوسط وخاصة في حالة هجوم على سوريا قد يؤدي الى ارتفاع أسعار النفط، ويبقى هذا وارد، لكن أسعار النفط عالميا تتجه نحو الاستقرار بحكم أن الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها العالم الغربي جعل واردات الكثير من الدول تنخفض بشكل ملموس.

ونظام المقايسة يحمل مخاطر حقيقية بحكم أن جزء كبيرا من الاقتصاد مرتبط بالنفط، الإنتاج والنقل والخدمات عموما، أي نتحدث عن المصدر الرئيسي للطاقة. ومن أبرز المخاطر التي يحملها هذا النظام:

-عدم تحديد الحكومة للمدة الزمنية لتطبيق المقايسة سواء في رفع الأسعار أو انخفاضها.

-غياب المنافسة الشريفة وغياب مراقبة الأسعار، سيجعل كل الأسعار وخاصة الخدمات مثل النقل والمواد الغذائية ترتفع مع ارتفاع البترول، وسيكون من الصعب التحكم فيها بسبب غياب آليات مراقبة قوية في المغرب. وهذا الوضع قد يؤدي الى فوضى عارمة في الأسعار ستحمل معها مخاطر اجتماعية حقيقية. ولم توضح الحكومة كيفية انعكاس ارتفاع سعر البترول على باقي المواد. وخلال الزيادة الأخيرة في سعر النفط ارتفعت كل بافي المواد والخدمات.

-ارتباط النفط بالعملة الأمريكية الدولار غير المستقرة خلال السنوات الأخيرة، مما سيزيد من مشاكل تحديد سعر النفط وطنيا وباقي الأسعار التي سترتفع أو تنخفض تلقائيا.

-وسيبقى الرابح في نظام المقايسة الحكومة التي ستسفيد من ارتفاع مداخيل الضريبة بحكم أنه كلما ارتفع سعر النفط ترتفع نسبة الضريبة، كما ستزيد نسبة أرباح الشركات لأن هامش الربح سيكون أكبر.

وعانت الكثير من دول العالم وخاصة في أمريكا اللاتينية من المقايسة وتخلت عنها لأنها تسبب في اضطرابات اجتماعية خطيرة. وتنجح المقايسة نسبيا في الدول المتقدمة بحكم السوق المنظمة بشكل واضح على أسس شفافة.

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password