بنجاحها في أول لقاح ضد كورونا، روسيا تحقق انتصارا جيوسياسيا وتحرم الشركات الغربية من سوق أدوية ضخمة

الرئيس الروسي فلادمير بوتين

أعلنت روسيا عن توصلها للقاح ضد فيروس كورونا، اليوم الثلاثاء، وهو إعلان يحمل بعدا جيوسياسيا في ظل الصراع القائم بين الدول الكبرى بعدما أصبح هذا الوباء مؤشرا جديدا لحرب باردة  بقيادة الغرب في مواجهة الثنائي روسيا والصين.

وجاء الإعلان على لسان الرئيس فلادمير بوتين شخصيا، اليوم، ولكي يعطي جرعة قوية من الثقة لشعبه والرأي العام الدولي، قال إن ابنته حصلت على اللقاح. وعمل على اللقاح كل من مؤسسة غماليا في موسكو ووزارة الدفاع الروسية.

ويحمل اللقاح اسم “سبوتنيك”، وهو اسم فيه استعادة لأمجاد الماضي وتيمنا بأول قمر اصطناعي أطلقته البشرية وكان من تنفيذ الاتحاد السوفياتي يوم 4 أكتوبر/ تشرين الأول 1957.

وتبحث حاليا نحو 200 مجموعة بحث علمي في العالم عن لقاح ضد فيروس كورونا، وتتابع منظمة الصحة العالمية عمل 140 منها و18 تجري تجارب على الناس. وتوجد ثلاثة مجموعات متقدمة هي: مجموعة سينوفاك بيوتيك الصينية، ومجموعة جامعة أوكسفورد، وشركة موديرنا الأمريكية التي يشرف عليها المغربي منصف السلاوي.

وعمليا، الحديث عن نجاح أي دواء وخاصة لقاح ضد فيروس مثل كورونا يحتاج الى مرحلة أولية وهي التجارب على الحيوان ثم ثلاث تجارب على الإنسان، تتضمن تلقيح أقل من مئة شخص، وفي المرحلة الثانية ما بين 200 – 500 شخص، وفي المرحلة الثالثة إجراء التجربة على مئات الآلاف من الأشخاص. ويحدث أحيانا أن يتم دمج المراحل لربح الوقت. ويبدو أن المشرفين على اللقاح الروسي قد دمجوا المراحل الثلاث، وقد تكون المرحلة الثانية قد شملت الآلاف، وأعطت استقرارا في المناعة، وبالتالي جرى اعتبارها بمثابة المرحلة الثالثة. وقد تكون روسيا أجرت اللقاح على عشرات الآلاف كمرحلة ثالثة دون الكشف عن ذلك لخلق المفاجأة.

وانتقلت روسيا إلى تعميم اللقاح أولا على موظفي الدولة لاسيما قطاعي الصحة والأمن ثم قطاع التعليم لضمان عودة التلاميذ إلى المدرسة. ورغم تحفظ منظمة الصحة العالمية على الإعلان الروسي، وتشكيك وزارة الصحة الألمانية في “نوعية وفعالية وسلامة” اللقاح، سيبدو أن موسكو واثقة من نجاحها العلمي وقد رفضت إشراك منظمة الصحة بالنعلومات حفاظا على سرية الأبحاث العلمية.

ومن ضمن العوامل التي قد تكون ساعدت روسيا على التوصل إلى اللقاح هو الانخراط الكبير لوزارة الدفاع في المشروع لاعتبارها أن الأمر يتعلق بـ”مواجهة حرب بيولوجية”.

وفي حالة تأكيد فعالية اللقاح، تكون روسيا قد حققت انتصارا جيوسياسيا كبيرا. فمن جهة، تثبت للعالم أنها قوة علمية لا يستهان بها وأن تقدمها في صناعة الأدوية لا يقل عن تقدمها في صناعة الأسلحة. ومن جهة أخرى، ستحصل على السبق في تسويق اللقاح عالميا لاسيما بعدما توصلت منذ اليوم الأول بطلبات تفوق مليار جرعة، وهو ما يشكل ضربة لصناعة الأدوية الغربية، حيث ستحصل على عشرات الملايين من الدولارات وستنفرد بهذا السوق الذي هيمنت عليه الشركات الغربية لمدة طويلة.

Sign In

Reset Your Password