بعد هجرة المغنيات، هجرة الكثير من الأدباء والنقاد المغاربة الى الخليج بفضل جاذبية “ثقافة البيترودولار”

وبقيت الصحافة المغربية بدون نقاد

هل هجرة الأقلام الأدبية المغربية نحو الخليج تتم بحثا عن المال أم بسبب غياب فضاءات الكتابة في المغرب؟ ظاهرة بدأت ترصد وتحمل معها تساؤلات بشأن ما إذ كان  الخليج أصبح مصدر  الاعتراف بالكاتب مبدعا أم لا يعدو الأمر أن يكون مثل ظاهرة المغنيات المغربيات، البحث عن المال.

وبدأت وسائل الاعلام المغربية تشهد ندرة  في الكتابات الإبداعية بما فيها الملحقات الأدبية لجرائد عريقة مثل العلم والاتحاد الاشتراكي التي ساهمت بقسط وافر في تقديم أقلام  وازنة  والتعريف بها، وأصبحت مع مرور الوقت تتبوأ مكانة مرموقة في فضاء الإبداع المغربي.

وغياب الكتابات النقدية والإبداع الأدبي عن الصحافة المغربية أمر مثير ويشكل مفارقة مثيرة، بحكم ارتفاع نسبة وسائل الاعلام سواء المرئية أو المسموعة أو الصحافة بشقيها الرقمي والورقي.

وفي الوقت الذي تشهد فيه الكتابة الصحفية في المغرب على مستوى التحليل والرأي والربورتاجات قفزة نوعية تتماشى وتطور المجتمع المغربي، لم تسجل الصحافة الثقافية تطورا نوعيا بل تغيب تدريجيا وتتلاشى.

وفقدت الملحقات الأدبية الكلاسيكية مثل العلم والاتحاد الاشتراكي بريقها بسبب تراجع مبيعات هذه الصحف، ولم تستطع المنابر الجديدة مثل المساء وأخبار اليوم تقديم بديل مقنع حتى الآن بل أصلا لم تستطع إصدار ملحق أدبي.

وتبقى المفارقة الثانية متجلية في أن الملحقات الأدبية في الصحف الكبرى وخاصة في الغرب تعتبر ركيزة من ركائز  الجريدة أو المنبر، وملحق “كتب” في جريدة لوموند الفرنسية يشكل مرجعا لمعرفة الأدب الفرنسي والعالمي خلال العقود الأخيرة، ولا يقل ملحق “بابيليا” لجريدة الباييس جودة وتأثيرا عنه.

ومن ضمن أسباب تدهور الصحافة الثقافية في المغرب هو تهافت الكثير من النقاد على الكتابة في المنابر الصحفية الصادرة في الخليج العربي وعلى رأسها الإمارات العربية ودولة قطر. وأصبح المغرب يعرف “هجرة” حقيقية لهؤلاء النقاد والأدباء بحثا عن التعويض المالي الذي لا توفره الصحافة المغربية وبحثا عن دعوات للحضور في الخليج.

وتاريخيا، كان المغاربة يكتبون في وسائل إعلام أجنبية مشرقية ومعظمها في العاصمة بيروت لما كانت تشكله هذه المدينة من فضاء للحرية أو في القاهرة لرمزيتها في تاريخ الثقافة العربية، ونشروا في ملحقات مثل القدس العربي أو الحياة للقيمة التي كان يضيفها النشر في هذه الصحف للناقد والأديب.

ولكن خلال السنوات الأخيرة، أصبحت دول تفتقر لحرية التعبير مثل الإمارات العربية وقطر  الوجهة الرئيسية للكثير من النقاد والأدباء المغاربة، والفضل في “ثقافة البيترودولار”. وقد يكون من المناسب إنشاء إطار  “اتحاد كتاب المغرب الخليجيين”. وعندما تكون دول تفتقر للديمقراطية وحرية التعبير، فالأديب والناقد يتأقلم مع صحافتها وجوائزها، ويكون الضحية هو الإبداع لأن هذا الذي يفترض أنه مبدع يكتب وفق شروط وأجندة الآخر.

ولعل العنوان البارز لهذا التأقلم أن اصوات النقاد والأدباء المغاربة في الربيع العربي ناذرة للغاية، وبعضها يعود الى الجيل السابق مثل أحمد بوزفور الذي أحيا هذه الحركة أما أدباء ونقاد هذا الجيل، فالكثير منهم بوصلتهم على الخليج العربي.

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password