كل السيناريوهات السياسية عاشتها إسبانيا سابقا ومنها استمرار اليسار أو عودة اليمين، وكان آخر هذه السيناريوهات: نهاية الثنائية الحزبية منذ سنوات، ثم أول حكومة ائتلافية تشهدها إسبانيا بمشاركة اليسار الراديكالي القادم من حركة 15 مايو. ويبقى الترقب الآن هو: هل ستقود النتائج المنتظرة حزب فوكس المتطرف اليميني إلى المشاركة في الائتلاف الحكومي المقبل بزعامة الحزب الشعبي؟
تشهد إسبانيا هذا الأحد انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، وتمنح استطلاعات الرأي الفوز لليمين بشقيه المحافظ والقومي المتطرف، ولا يستبعد المراقبون مفاجأة من اليسار بتحقيق نتيجة متقدمة تسمح له بالبقاء في السلطة في حالة التحالف مع الأحزاب القومية في بلد الباسك وكتالونيا.
وتعد هذه الانتخابات سابقة لأوانها، لأن الحزب الاشتراكي الحاكم ضمن ائتلاف مع حزب بوديموس تعرض لهزيمة قوية في الانتخابات البلدية والحكم الذاتي الخاص بالأقاليم التي جرت نهاية مايو الماضي، وقرر رئيس الحكومة بيدرو سانشيز الدعوة لهذه الاستحقاقات بدل انتظار السنة المقبلة.
وتمنح مختلف استطلاعات الرأي الفوز للحزب الشعبي المحافظ والمتزعم للمعارضة، وكانت استطلاعات الرأي التي نشرتها الصحافة الإسبانية حتى الثلاثاء الماضي تمنح تقدما كبيرا لليمين. ويمنع القانون الانتخابي نشر استطلاعات الرأي على بعد خمسة أيام من التصويت. وتلجأ معاهد الاستطلاع إلى نشر النتائج في جرائد أجنبية أو إنشاء مواقع رقمية في دولة ثالثة. وما بين الأربعاء والسبت من الأسبوع الجاري، تولى موقع أسترالي “أديلايد ريفيو” نشر الاستطلاعات. ويشير استطلاع السبت باحتمال حصول الحزب الشعبي المعارض على 138 صوتا، وحزب فوكس القومي المتطرف على 35 مقعدا، وهذا يعني الاقتراب كثيرا من الأغلبية المطلقة التي هي 176 مقعدا.
وتراجع اليسار خلال الأيام الأخيرة في استطلاعات الرأي، وسيحصل الحزب الاشتراكي على 110 مقاعد وحزب سومار اليساري الراديكالي على 36. ولا يمكن استبعاد تقدم الحزبين ويتجاوزان 154 مقعدا ، الأمر الذي قد يمنحهما البقاء في الحكومة لأنهما سيتحالفان مع الأحزاب القومية في بلد الباسك وكاتالونيا. رغم أن رئيس الحكومة الحالي بيدرو سانشيز يحافظ على شعبيته مقارنة مع زعيم المعارض نونييث فيخو.
وتعتبر هذه الانتخابات منعطفا في الحياة السياسية الإسبانية، إذ قد تحمل مشاركة اليمين القومي المتطرف الى الحكم رفقة الحزب الشعبي المحافظ. وبالتالي، إذا كانت الانتخابات السابقة قد قادت حزب بوديموس اليساري الراديكالي الى المشاركة في الحكم، فهذه المرة التناوب سيكون من نصيب المتطرفين اليمينيين. وتعتبر منعطفا، لأن حكومة يمينية قد تعيد النظر في بعض صلاحيات الحكم الذاتي في كتالونيا وبلد الباسك، وستكون أكثر صرامة مع مطالب الأحزاب القومية.
ومن جهة أخرى، ينظر المهاجرون بقلق شديد الى هذه الانتخابات لأن تواجد حزب فوكس في أي حكومة مقبلة يعني التراجع عن الكثير من المكاسب الخاصة بالمهاجرين.
ودوليا، ستتابع الدول الأوروبية باهتمام هذه الانتخابات لمعرفة هل ستبقى إسبانيا يسارية أم ستميل الى اليمين هذه المرة، لتدخل نادي الدول الأوروبية التي شهدت ائتلافا حكوميا بمشاركة اليمين المتطرف كما حدث في بعض الدول ومنها النمسا وفنلندا وإيطاليا.
وتحظى هذه الانتخابات باهتمام خاص من طرف المغرب والجزائر بسبب ملف الصحراء. إذ تعهدت الجزائر بإعادة السفير الجزائري الى مدريد إذا تغيرت الحكومة الحالية. وسحبت الجزائر سفيرها وعلقت اتفاقية الصداقة بسبب دعم مدريد للحكم الذاتي. بينما ينتظر المغرب من الحكومة المقبلة عدم سحب الدعم لمقترح الحكم الذاتي الذي أعلنه رئيس الحكومة الحالي الاشتراكي بيدرو سانشيز.