خلفت انتخابات البرلمان الأوروبي في اسبانيا التي جرت يوم الأحد 25 مايو زلزالا سياسيا حقيقيا نتيجة نهاية الثنائية الحزبية المتمثلة في الحزب الشعبي الحاكم والحزب الاشتراكي المعارض بعدما لم يتجاوزا 50% من الأصوات المعبر عنها، وهذا يحدث لأول مرة منذ الانتقال الديمقراطي. وكانت المفاجأة هو حصول حزب فتي على 8% “حزب يمكننا”.
وكشفت النتائج احتلال الحزب الشعبي الحاكم المركز الأول ب 26% من الأصوات المعبر عنها وهو ما يعادل 16 مقعدا بأقل ب 8 مقاعد عن سنة 2009، واحتل الحزب الاشتراكي المركز الثاني ب 23% ب 14 مقعدا مقابل 24 سنة 2009، وحصل اليسار الموحد على 10% بستة مقاعد، وتبقى المفاجأة الكبيرة هي احتلال حزب “يمكننا” على خمسة مقاعد وهي تعادل قرابة 8% بأكثر من مليون و220 ألف صوت، وهو حزب تأسس منذ أسابيع بزعامة بابلو إغلسياس استاذ العلوم السياسية الذي يتقن التواصل مع الرأي العام. وجاء حزب “اتحاد التقدم والديمقراطية” في المركز الخامس بأربعة مقاعد بأكثر من 6%، وهو حزب جديد نسبيا يعود تأسيسه الى سنوات فقط ولأول مرة يدخل البرلمان الأوروبي.
وفي كتالونيا، ربحت الأحزاب التي تدعو الى الاستقلال عن اسبانيا بالأغلبية المطلقة حوالي 56%، حيث حصلت على أربعة مقاعد، الحزب الجمهوري الكتالاني وحزب الوفاق والتجمع، مقعدين لكل واحد، بينما بقيت الأحزاب الوحدوية دون 30%.
ويبقى الزلزال الحقيقي الذي تعيشه اسبانيا هو تراجع الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي بعدما تقاسما أغلبية الانتخابات منذ الانتقال الديمقراطي حيث كانا يحققان أكثر من 70% من الأصوات المعبر عنها، ولكن هذه المرة حصلوا فقط على 49%.
وهذا المعطى، تراجع الثنائية الحزبية، يؤكد تغييرات جوهرية في الخريطة السياسية الإسبانية ابتداء من هذه الانتخابات ومستقبلا. وهو المعطى الذي تؤكد عليه كل التحايل السياسية، وجاء عنوان جريدة الموندو في موقعها الرقمي “انهيار الحزب الشعبي والاشتراكي”. وجاءت عناوين منابر الصحافة الرقمية مثل “أنفوليبري” و”دياريو” مشابهة، اي تقدم “حزب يمكننا” وتراجع القطبية الحزبية.
وهذا الزلزال هو نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد ونتيجة ارتفاع الفساد وسط الطبقة السياسية الكلاسيكية وهي الحزب الاشتراكي المعارض والحزب الشعبي الحاكم.