قرر المغرب وقف الاتصالات مع الاتحاد الأوروبي بسبب قرار المحكمة الأوروبية إلغاء اتفاقية التبادل الزراعي بين المغرب والاتحاد، ويعتبر مفاجئا بحكم أنه يأتي شهرين بعد صدور الحكم ويومين بعد استئناف المفوضية الأوروبية للطعن. ولم توضح الرباط نوعية الاتصالات التي سيتم تجميدها.
وكشف رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران في الاجتماع الحكومي يوم الخميس من الأسبوع الجاري أن القرار يأتي بتعليمات من الملك، وبرر الأسباب بنزاع الصحراء. وفي هذا الصدد قدم توضيحات تتجلى في أهمية الصحراء للمغرب الى “مستوى الوجود”، ومطالبة الاتحاد الأوروبي بضرورة الأخذ بعين الاعتبار مصالح المغرب.
وأضاف الناطق باسم الحكومة، مصطفى الخلفي أسباب دقيقة لها الرفض وهي “غياب الشفافية من طرف بعض مصالح الاتحاد الأوروبي في تدبير هذه المسألة”، والسبب الثاني هو عدم احترام الاتحاد الأوروبي بما التزم به “فقد ترك المجال، مع الأسف، لموقف غير حبي وغير منتظر، يتعارض مع مبادئ الاحترام اللازم التي يجب أن تسود العلاقة بين الشركاء”.
وحصلت ألف بوست على معطيات تفيد بأن الطعن الذي تقدمت به المفوضية الأوروبية كان تقنيا وليس سياسيا. وهذا الطعن تجنب الحديث عن مغربية الصحراء، بينما ألح المغرب على هذه النقطة، واكتفى الطعن بتبرير الاتفاقيات التجارية مع المغرب. وكانت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والدفاع فدريكا موغيريني قد قدمت مؤخرا، في ردها على سؤال لبرلمان أوروبي من حزب بوديموس، صورة مسبقة عن نوعية الطعن عندما قالت بغياب وجود قوانين دولية تمنع استقبال منتوجات الصحراء دون الخوض في الجانب السياسي.
ومضمون الاستئناف يتعارض مع نص الدعوى التي تقدم بها البوليساريو خلال نوفمبر 2012 ضد اتفاقية التبادل الزراعي الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي الموقع عليها خلال أكتوبر 2010 والمصادق عليها في البرلمان خلال فبراير 2012. كما يتعارض مع قرار الحكم الصادر يوم 10 ديسمبر 2015.
وركزت دعوى البوليساريو على معطيات سياسية وقانونية، كما جاء الحكم مزيجا من التعليل السياسي والقانوني. ويتجلى السياسي في الاعتماد على مبادئ السياسة الخارجية الأوروبية، بينما الجانب القانوني يعتمد على قرارات ومبادئ الأمم المتحدة.
ويؤكد الخبراء أن اعتماد مصالح الاتحاد الأوروبي جوانب تقنية دون تعليل سياسي ذكي يعني خسارة الاستئناف، وقد يكون المغرب قد أدرك هذا، الأمر الذي دفعه الى تجميد الاتصالات ضد ما اعتبره غياب شفافية المفوضية الأوروبية في حكم المحكمة الأوروبية.
في غضون ذلك، أعلن المغرب الابقاء على اتصالات مع الاتحاد الأوروبي فيما يخص الطعن فقط وتجميد الباقي، ولم يوضح نوعية الاتصالات الأخرى التي جرى تجميدها.
وفي رد فعل من الاتحاد الأوروبي يومه الجمعة من الأسبوع الجاري، قالت موغيريني باستعداد استعداد الاتحاد لإعطاء توضيحات وتطمينات، كانت الحكومة المغربية طلبتها يوم أمس.
وقال بيان للاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة، تلقت الأناضول نسخة منه، إنه مستعد لتقديم “توضيحات وتطمينات إضافية للمغرب من أجل إعادة الاتصال والتعاون على نحو كامل في أقرب وقت ممكن”.
وأضافت موغريني في بيان اليوم، أنهم “سيقومون، في أسرع وقت ممكن، بتقييم آثار الوضعية الراهنة على برامج التعاون الموجودة”، لافتًا أن الاتحاد سيبقى على اتصال مستمر مع السلطات المغربية في الأيام المقبلة.
وأوضحت أن الاتحاد الأوروبي والمغرب “طورا على مدى سنوات طوال شراكة مستدامة كُلِّلت باتفاقية شراكة تغطي العديد من مجالات التعاون الثنائي”.
وكشف أن “الاتحاد الأوروبي رد بشكل سريع على قرار المحكمة الصادر في 10 ديسمبر 2015، المتعلق بتطبيق الاتفاق الفلاحي مع المغرب، من خلال اتخاذ قرار بالإجماع يقضي باستئناف قرار المحكمة المذكور، وتم فعلًا تقديم الطلب”.
وأكدت المسؤولة الأوروبية: “قناعتنا أن شراكة حقيقية تقتضي الإصغاء والتشارك والتضامن والاحترام المتبادل بين الشركاء”.