المغرب وقطر نحو بدء صفحة استراتيجية في العلاقات الثنائية بعيدة عن إغضاب السعودية

الملك محمد السادس مخصصا استقبالا رسميا لأمير قطر الجديد تميم

أصبح المغرب على علاقة دبلوماسية جيدة مع دول الخليج العربي بدون استثناء بعدما قام بالرفع من مستوى العلاقات مع دولة قطر من خلال زيارة أميرها تميم بن حمد آل ثاني الى المغرب هذه الأيام. ويتجلى هذا الرفع من مستوى العلاقات في الاستقبال الشعبي الذي خصصه للأمير في زيارة مراكش، علما أن المغرب يخصص مثل هذه الاستقبالات فقط لزعمءا الدول الذين يعتبرهم استراتجيين.

وشهد الخليج العربي خلال العقد الأخير انقساما بين سياسة دولة قطر ودولة العربية السعودية بسبب الصراع بينهما على الزعامة، إذ رفضت الرياض بروز قطر كفاعل سياسي دولي لإمارة لا يتعدى سكانها إقليما واحدا من السعودية، في حين حاولت قطر لعب دور يفوق تاريخها وقوتها مستعملة الاعلام “قناة الجزيرة” واستثمارات هائلة في الدول الغربية أساسا وليس العربية.

وانعكس هذا الصراع على المغرب الذي وجد نفسه وسط الاستقطاب، واختار الملك محمد السادس الرهان على حليفه التقليدي والاستراتيجي العربية السعودية. ومن نتائج هذا الرهان، لجوء دولة قطر الى توظيف قناة الجزيرة في تغليب الشق السلبي في الأخبار على حساب الشق الإيجابي ثم الرهان على تطوير العلاقات مع الجزائر على حساب المغرب.

ووصل الأمر بالمغرب الى مستوى التخفيض غير المباشر للعلاقات الدبلوماسية في رده على ما اعتبره تدخلا قطريا في شؤونه الداخلية. إذ تعامل ببرودة تامة مع الاستثمارات القطرية، ورفض الملك محمد السادس حضور المؤتمرات التي احتضنتها قطر، ورفض تدخل الدوحة في شؤون الجالية المغربية في فرنسا من خلال مخططاتها التي كانت تنوي بناء إقامات سكنية وتمويل جمعيات للهجرة منها مغربية، وكان يحدث ذلك بترحيب من الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذي أقام حلفا قويا مع أمير قطر وقتها حمد بن خليفة.

وتأتي الزيارة الرسمية للأمير الشاب الجديد الى المغرب في محاولة لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين من خلال تبني استراتيجية مختلفة عن استراتيجية والده حمد بن خليفة الذي كان يعتبر نفسه عميد الملوك والأمراء العرب بحكم أنه كان الأقدم، وبالتالي رغب في معاملة متميزة من الملوك الجدد.

وأسفرت زيارة أمير قطر عن التوقيع على أربع اتفاقيات تخص البحث العلمي وتفادي الازدواج الضريبي ومساهمة قطر في البنيات التحتية للمغرب ومشاريع التنمية.

ولا يمكن اعتبار هذه الاتفاقيات استراتيجية وذات قيمة كبيرة لأنها لم تكن مصحوبة بجدول زمني ومالي واضح. لكن هذه الاتفاقيات تعتبر مؤشرا قويا على احتمال دخول العلاقات الثنائية منعطفا جديدا نحو الاستقرار لاسيما وأن الأمير الجديد يختلف عن أبيه الذي كان يرغب في لعب دور دولي بارز. في الوقت ذاته، تبعد المغرب عن سياسة الاستقطاب الخليجي بعدما أصبح على علاقات طيبة مع الجميع.

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password