انتهت عاصفة الحزم التي قامت فيها قوات دول عربية أغلبها ملكية بقيادة العربية السعودية ومشاركة سلاح الجو المغربي بالهجوم على القوات الحوثية وقوات عبد الله صالح في اليمن، وتخلف جدلا سياسيا ودستوريا في المغرب حول جدوى هذه المشاركة.
وخلال السنتين الأخيرتين، شارك المغرب في حروب منها حرب مالي ضد تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، ثم دور السلام في إفريقيا الوسطى ولاحقا المشاركة في ضرب قوات داعش في سوريا. لكن مشاركته في اليمن خلفت جدلا سياسيا وحقوقيا. ووجد المغرب نفسه حاضرا في هذه الحرب على مستويات متعددة.
فقد انضم المغرب الرسمي الى مجموعة الدول العربية المحافظة وأغلبها ملكية بقيادة العربية السعودية للهجوم على الحركة الحوثية وقوات عبد الله صالح التي تشكل معظم الجيش اليمني. ورغم الشعار الذي رفعته السعودية، فانخراط المغرب كان برغماتيا بحكم أنه ربط سياسته الخارجية بدول الخليج العربي وأساسا الإمارات العربية المتحدة التي وقعها معها اتفاقيات عسكرية بعض بودها سرية لم يتم الكشف بالكامل عن مضمون مداها.
وانفردت المؤسسة الملكية مجددا بتدبير الشأن العسكري في الخارج، إذ أن المشاركة في الهجوم على اليمن هو إعلان وانخراط في الحرب، يؤطره الدستور المغربي. وذهب بعض المحليين الى اعتبار قرار المشاركة في “عاصفة الحزم” غير دستوري لأنه لم يعد الى البرلمان المغربي لاتخاذ القرار لاسيما وأن الأمر يتعلق بحرب ذات ابعاد استراتيجية. وذهب آخرون الى الحديث مجددا عن صلاحيات الملك في الدستور ومنها اتخاذ قرارات خطيرة من هذا النوع. وتأتي الحرب على اليمن لتعيد مجددا الاختلاف في تأويل دستور 2011.
وعلاقة بالرأي العام المغربي، لم يتفهم المغاربة عاصفة الحزم بما فيها مشاركة المغرب. ولم يقتنع أغلب المغاربة، اعتمادا على مقالات صحفيين وشبكات التواصل الاجتماعي، بالتبرير الذي قدمه المشاركون في العمل العسكري وهو إعادة الشرعية الممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي الى الحكم الذي يفترض أنه اغتصبه الحوثيون بقوة السلاح.
وعلاقة بالرأي العام، كان هناك تساؤلان، الأول، هل دول الخليج العربي التي عرقلت الربيع العربي حريصة على الديمقراطية؟ وهل أصبحت الأنظمة العربية ومنها الملكية ذات شهامة لتوجه تدخلها العسكري نحو اليمن بدل تحرير فلسطين؟
ونظرا لارتباط الحقوقي بالرأي العام عموما، سارعت جمعيات حقوقية الى التظاهر يوم 19 أبريل أمام البرلمان للتنديد بما تعتبره اعتداء سافرا على الشعب اليمني ، وكان العنف الشديد في انتظارها.
والتزمت أغلبية الأحزاب الكلاسيكية المغربية الصمت، فلم ترغب في معارضة قرار ملكي، باستثناء أحزاب مثل اليسار الموحد والنهج الديمقراطي التي سارعت الى التنديد بالعدوان.
ويبقى الموقف المندد بالمشاركة المغربية هو البيان الصادر عن العصبة المغربية لحقوق الإنسان الذي اعتبر التدخل الأمني العنيف “خدمة للأجندة الخليجية وإساءة الى صورة البلادج في الخارج”.
وسياسيا، انبرى أغلب السلفيين المغاربة على ورأهسم الفيزازي في دعم هذه الحرب انطلاقا من جانب ديني محض، بحكم أن السعودية وإعلامها قدم الحرب بأنها احتواء للمد الشيعي في العالم العربي. وكان لافتا انفراد العدل والإحسان بموقف مختلف نهائيا عن باقي أهل السنة، فقد اعتبرت الجماعة أن الحرب ذات أهداف سياسية واستراتيجية لا تخدم المسلمين.
وعلى مستوى آخر، حضر المغرب في الصراع اليمني عبر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة المغربي جمال بنعمر الذي لم يرق أنظمة الخليج ومنها السعودية ما يقوم به من دور في الوساطة. وعارض التدخل العسكري، واضطر الى تقديم استقالته الى الأمين العام بسبب العراقيل السعودية.