العدل والإحسان: تأسيس حزب في المغرب يخضع لشروط وتعليمات غير تلك الواردة في القانون والدستور

يتوقع نائب الأمين العام لجماعة العدل والإحسان المغربية المعارضة وشبه المحظورة في المغرب فتح الله أرسلان أن موجة ثانية من الربيع العربي ستكون أعنف بالنظر لاستمرار تواجد المواد الأولية التي أشعلت ثورات الربيع العربي. وهو يرى أن ما ارتكبته الحركات الإسلامية من أخطاء في الحكم في بلدان الربيع العربي لا يبرر ما حدث لها كالذي حصل في مصر مثلاً.
ويضيف أرسلان وهو نائب الأمين العام للجماعة والناطق الرسمي باسمها في حواره مع «القدس العربي» أن حصيلة الحكومة المغربية التي يقود تحالفها حزب العدالة الذي تتقاسم معه الجماعة التوجه الإسلامي لم ترق لطموح المغاربة وآمالهم التي أعلت سقفها ثورات الربيع العربي مشيرا إلى أن هبة 2011 كانت عاصفة انحنت لها القوى المتحكمة. محاور أخرى كالشد والجذب بين الجماعة والدولة ودعوتهم للحوار وشروط المشاركة السياسية الفعلية أجاب عنها فتح الله أرسلان في هذا الحوار:
■ في الذكرى الثالثة لوفاة مرشد الجماعة عبد السلام ياسين دعوتم إلى حوار بين كافة مكونات المجتمع المغربي للخروج مما سميتموه بـ«المأزق» و «الانطلاق نحو الدولة العادلة» ما المقصود بالمأزق وكيف تتصورون شكل هذا الحوار وبين من؟
■ دعوتنا للحوار ليست وليدة اليوم لأننا منذ نشأتنا ونحن ندعو له ونسعى إليه ونشارك فيه، والتعثرات التي تصيب هذا الحوار بين الفينة والأخرى لسنا مسؤولين عنها بل موقف الدولة من المعارضة التي تستعمل جميع الوسائل لتبعد عنها الأطراف الأخرى بل تسم بمن يتصل بها بأنه متواطئ وضد الدولة يجعل الكثير من الفرقاء السياسيين يتحفظون أو يتلكأون في دعوتنا للحوار، فلذلك كنا نؤكد في كل لحظة أنه لا مندوحة من الحوار وبأنه يجب أن نكون استباقيين قبل أن تفاجئنا الأحداث ويجب أن نتحاور ونحن في أريحية من أمرنا قبل أن نضطر للتحاور تحت الضغط، وكان ينظر إلينا في تلك الفترة على أننا حالمون ونتحدث خارج السرب، وشاء الله أن تتطور الأحداث بالفعل بمجيء الربيع العربي، فأصبح كلامنا ودعوتنا للحوار لها قيمة بل أصبح يتبناها كل الطيف السياسي، ودعوتنا للحوار هي إيمان منا أن بلدنا مثل باقي البلاد المتخلفة العربية والإسلامية عموما عاشت قرونا من التخلف ومن التجهيل والأمية واستبداد الحكام ونهب الثروات وهي تركة ثقيلة، ومن الخطأ الكبير جدا أن يعتقد طرف مهما بلغت قوته وشعبيته وإمكانياته أن يتصدى إلى ذلك وحده، وهذا الذي كنا نقوله وهو ما وقع بالفعل في دول الربيع العربي.
■ ماذا عن الدولة في هذا الحوار هل هي راعية أم طرف؟
■ نحن في هذا الحوار نريد تجاوز الأخطاء التي سبقت، في كل مرة يطرح بأن الدولة ستتبناه فهذا لا يكون حوارا بقدر ما يكون إملاء لشروط وتحديد خطوط حمراء ونحن الان في مطلع القرن الـ21 نريد تجاوز ذلك عبر ديمقراطية وعدل حقيقي وليس شعارات، أن تكون الحرية في التعبير أن يكون الحوار على الملأ وبأن لا تكون هناك كواليس، هذه مبادئ الكل يتفق عليها فمتى ما رأى طرف نفسه مستعدا أن يتبنى هذا فنحن لا نقصي أحدا، لكن إن كان أي طرف النظام أو غيره يريد أن يملي شروطا منذ البداية فهي ستكون عقبة أمام نجاح هذا الحوار.
■ مرت أكثر من 4 سنوات على ثورات الريع العربي برياحه التي هبت على المغرب ممثلة في حركة 20 فبراير. ما تقييمكم لهذه المرحلة وأيضا لحكم حزب العدالة والتنمية؟
■ علمتنا أحداث التاريخ أن الثورات لا تكون سريعة النتائج بل عمق وتجذر الاستبداد يتطلب مراحل ومعاناة ومدا وجزرا وهو ما عاشته الثورات التي سبقتنا والثورة الفرنسية نموذج، لهذا لا يمكن أن نكون نحن استثناء ولا نظن أن الاستبداد والفساد وما يصطلح عليه الان بالدولة العميقة ستستسلم بسهولة ومن أول رجة. أما الشعب فلا بد أنه سيستفيد من ذلك وربما تكون الموجة الثانية أعتى، وما حدث في الربيع العربي أعتقد أنه يمضي في هذه السنن، غير أن النخبة والسياسيين كان من المفروض أن يكونوا أكثر وعيا وأكثر استيعابا فعوض أن يؤطروا ويمشوا بالثورات حتى تحقق الأهداف التي قامت من أجلها، استعجلوا قطف الثمار ودخلوا في صراعات بينية فيما بينهم و الدولة العميقة كان لها الوقت في هذه الفرصة في أن تستجمع قواها وفي أن تدخل على الخط فتذكي النعرات الخلافية بين الطرفين ثم حصل التراجع، لكن النتيجة هل عدنا إلى ما قبل 2011؟ طبعا لا. لأن الموجة حققت مجموعة من المكاسب ولعل كل المؤشرات التي دفعت لهذه الثورات موجودة وهو ما قد نسميه بالمواد الأولية التي حركت الشعوب ماتزال موجودة وما تزال نارا تحت الرماد. ثم نحن بصدد تشكيل جيل جديد مختلف عن السابق وهو شباب جريء مندفع، جيل بعقلية جديدة لا يخشى الموت أو السجن، كما أن الدولة العميقة لم تستفد أو تحاول أن تغير الأسباب وعوض أن تفسح المجال للحريات والعدالة الاجتماعية ما تزال تستعمل نفس منطق التضييق والاستبداد والتهميش، أما حصيلة العدالة والتنمية في المغرب فنحن نرى أنها حكومة جاءت في ظروف مواتية جدا. لكن ما تحقق هو أمور ثانوية أمام التغييرات التي كانت منتظرة منها والآن نرى تراجعا على المستوى الحقوقي والحريات وعلى مستوى الإعلام.
■ لكنه تطور أيضا قد يؤدي إلى شرك الفكر الإرهابي؟
■ بالتأكيد لأن المزيد من الضغط وحين يرى الشباب أن الديمقراطية والوسائل السلمية العادية لا تحقق شيئاً فهو يلجأ لطرق أخرى. هذا إذا كنا ما نراه في الجماعات الإرهابية هو أمور ذاتية وليس هناك صناعة أو اختراق أو توجيه فالقوة التي تتسم بها هذه الجماعات والجبروت والسرعة التي تتحرك بها تطرح كثيراً من التساؤلات هل التحالف الدولي بقوته يعجز أن يواجه جماعة هكذا فهناك أسئلة تطرح؟
■ هذا التصنيع للإرهاب هل يقصد مواجهتكم أيضا أنتم كجماعات تنبذ العنف وتدعو للسلم والحوار؟
■ نعم لأنهم يعرفون لو تركت الشعوب لحريتها لاختارت الإسلام المعتدل، فإذن هم يحاولون خلط الأوراق وتشويه سمعة الإسلام والإسلاميين ولكن اعتقد أن حبل الكذب قصير ومستوى الوعي عند الناس يرتفع، وكثرة الضغط على الإسلام لتشويهه فربما يعطي عكس النتائج المرجوة.
■ ألا تخشون أن يؤدي المزيد من الضغط عليكم إلى إفرازات إرهابية من داخل الجماعة؟
■ لا هذا أمر مستبعد جدا، ومن يمكن أن يفكر في ذلك أول ما سيفعله هو أن ينفصل عن الجماعة لأنه لن يطيق برامجنا التربوية وسلوكياتنا وعقليتنا ونحن لا نلتقي مع الأشخاص مرة في السنة أو في أشهر حتى يقع ما يقع فلقاءاتنا بهم دورية ويومية فلا يكون للمرء له الفرصة كي يراجع فكره ثم لدينا مجالات للحوار والنقاش وحين تطرح هذه الأفكار داخليا فهي تناقش ويقنع أصحابها وهي قلما تطرح.
■ كيف تقيمون سياسة الدولة في مواجهة الإرهاب؟
■ ظاهريا الجانب الأمني قد نقول إنه متقدم هناك اجتهاد رغم أن غياب المعلومة يجعل من تقييمك نسبياً لأن في دولنا المتخلفة المعلومة غائبة خصوصا في ملفات كهذه، لكن على المستويات الأخرى التي تفرخ الإرهاب وتذكيه فنعتقد أن الدولة ما تزال عاجزة عن فعل أي شيء، هناك أمية وكبث للحريات وتضييق على الاتجاهات المعتدلة وحقوق الإنسان، إذن هناك أشياء يجب أن تواكب هذه الفاعلية الأمنية التي قد تستبق الحرائق لكنها لا تمنع تفريخها خصوصا أن الإرهاب الآن لا يتطلب جماعات كثيرة العدد أو وسائل خيالية في التموين فيمكن لشخص واحد أن يتبنى هذا الفكر ويصعب على الدولة أن تضع أمام كل شخص شرطياً، لذلك نقول أنه عدا الجانب الأمني يجب حل أسباب الأزمة وإذا لم تكن هناك خطوات فاعلة في هذا الجانب نعتقد أن الظاهرة لن تنحصر خصوصا مع سهولة التواصل وسهولة أن يقتنع الشباب الفارغ الذي لا يجد من يؤطره ويوجهه وهو أمي وأفقه مسدود.
■ بعد الربيع العربي والانتخابات ساد نوع من الإحباط لدى الشباب الذي شكل شرارة الثورات التي ظهرت فيها الحركات الإسلامية أكثر مستفيد في مصر مثلا والمغرب وتونس لكن وقع تراجع وهبوط لمنحى الحركات الإسلامية، وبما أنك تحدثت عن إمكانية موجة ثانية للاحتجاج. فربما لن تحظى الحركات الإسلامية بنفس الثقة التي حظيت بها في المرحلة الأولى من الاحتجاج؟
■ لا أعتقد أن ذلك صحيح لأن الإسلاميين فُشلوا ولم يفشلوا، لم تعطهم الفرصة ليحكموا لا في تونس ولا في مصر ولا في المغرب، في مصر مثلا الحركة الإسلامية نعم ارتكبت أخطاء وهذا طبيعي لأن هذا واقع جديد فاجأ الجميع، فنحن لا نبرئها من الأخطاء لكن هل هذه الأخطاء كانت بمستوى أن يقع لها ما وقع في مصر مثلا؟ وهل السيسي حل المشكل في مصر حينما سجن وأعدم وقتل الإخوان. طول الأمد في مصر مثلاً وعدم قدرة الإعلام أن يبقى مستمرا لأن ما أجج الناس هو الإعلام إذا أضفنا الان عجز الدولة في حل المشاكل لا بد أن يجعل الناس يعودون للتعاطف مع الإخوان .
في تونس أخطأ الإسلاميون كما أخطأت الأطراف الأخرى لكن من قدم تضحيات أكثر على المستوى السياسي؟ أكيد هو الحركة الإسلامية. وهل البديل الذي جاء يستطيع أن يحل المشاكل وحده. معنى ذلك أن الرصيد ما يزال موجودا وربما سرعة الأحداث والإعلام الذي جعلها تبدو انها تراجعت. في المغرب هل الحكومة تحكم؟ هي لا تحكم بغض النظر عن عجزها في العمل وهو ليس عجزا ذاتيا ولكنه عجز موضوعي لأن العقلية الحاكمة لا يمكن أن تسمح لها. هم يتحملون المسؤولية ليس في فشلهم بل في كونهم يعرفون أنه لن تكون لهم الصلاحيات لكي ينفذوا ويطبقوا برامجهم ومع ذلك غامروا بالدخول والنتيجة هي ما وقع للاتحاد الاشتراكي ولغيرهم.
فالتجربة الإسلامية عموما أخطأت نعم لكن إذا قورنت أخطاؤها بأخطاء الأطراف الأخرى فهي نسبيا أقل لكن هل ستفقد شعبيتها؟ ولأجل أي بديل ستفقدها فهم برغم أخطائهم لا يزالون يتمتعون بالمصداقية وبغيرتهم على بلدانهم وعدم تورطهم في نهب الأموال .
■ لكن العدالة والتنمية حافظ على شعبيته رغم محدودية ما حققه والانتخابات المحلية أكدت ذلك. الى ترى مثلا كما يقول بعض المراقبين أن هذا ربما أفضل من الانتظار وبأن لا تفعل شيء في المشهد السياسي؟
■ ليس صحيحاً أننا لا نفعل شيئاً فكل القرارات التي تتخذ يكون ظل العدل والإحسان حاضرا فيها لأنها تؤخذ بعين الاعتبار هل ستشارك هل ستقاطع هل ستقلب الطاولة؟ فهناك الكثير من الأحزاب التي تقاطع في بلدان ديمقراطية وعدم المشاركة لا أراه عزلة نحن غائبون في المؤسسات نعم لكننا حاضرون على المستوى السياسي. أما حين نتحدث عن شعبية العدالة والتنمية نتحدث عن مليون أو مليون ونصف مليون صوت من أصل 26 مليوناً لهم حق التصويت، فهل هذه الأرقام تعبر عن الشعبية، شيء آخر مؤكد لو كانت هناك انتخابات نزيهة أخرى سينجح لأنه ليست هناك بدائل. لكن هذه الأسطوانة سوف تصبح مشروخة خصوصا وأن الحكومة مقبلة على زيادات أخرى كسحب الدعم من بعض المواد. هناك قضايا اجتماعية وملفات حارقة هي التي تنسب إلى الحكومة وغيرها من الأشياء الوردية تنسب إلى من يحكم بالفعل. بعد الربيع العربي المغاربة ينتظرون أكثر أما إذا كنا سنأتي لنحقق فقط مثل ما حققت الحكومات السابقة فلا داعي لوجودنا أصلا لأنه هناك من يقوم بهذا الدور غيرنا.
■ لتكون لكم مشاركة سياسية فعلية ما هي شروط الجماعة؟
■ هذا ليس مشكل العدل والإحسان بل مشكل المغرب ومشكل أحزاب ونخب وشعب. نحن نقدم نصائح نقدم بدائل ومستعدون كي نضحي مع الشعب ونشارك مع من يريد أن يخرج بالبلد من حالة التردي نمد يدنا للجميع نقول للجميع بأننا ذاهبون إلى الهاوية ويجب أن ننقذ الموقف ونشارك مع الآخرين. المشكل في المشهد السياسي المنغلق. كيف سنعالجه يجب أن نفعل ذلك جميعا لذلك ندعو إلى ميثاق وإلى أرضية مشتركة مع جميع الأطراف للخروج من كل هذا ولا يمكن أن نفعل ذلك بدون ديمقراطية وبدون حريات وبدون حقوق وهذا ما يجب أن يتوفر حتى يشارك المغاربة كلهم ونحن جزء منهم. فليس لنا مشكل مع الأطراف بل هذا مشكلة المغاربة يجب أن يشترك الجميع في الخروج من الورطة التي يعيش فيها الآن.
■ ماذا عن الترخيص القانوني للجماعة كي تكون حزبا سياسيا أين صار؟
■ الدستور المغربي والقانون المغربي يشترطان مجموعة من القرارات والمساطر للحصول على حزب. نحن مستعدون لكي نستجيب لكل هذه القرارات لكن في المغرب هل القانون هو الذي يسمح لك بأن تؤسس حزبا. إذن المسألة ليست هي هل نريد أم لا نريد هل القانون يسمح أم لا يسمح، المسألة أنه تفرض عليك شروط أخرى خارج هذه القوانين وخارج الدستور. يجب أن تلتزم بها وتخضع لها وإن نحن نعتقد بأننا إن خضعنا لهذه الشروط ولهذه الخطوط الحمراء سنفقد الروح التي نريد أن نحققها والشيء الجديد الذي نريد أن نقوم به، فلذلك أن نذهب كي نضع ملفاً فسندخل في دوامة الإداريات ووزارة الداخلية والقضاء وهذه دوامة يحسنها «المخزن» لأنه أحكم سيطرته ونحن لا نريد أن ندخل إلى هذا الملعب، نحن لا نرى أن الإشارات الموجودة مستعدة لكي تفسح المجال لكل من يريد أن يؤسس أحزاباً أو جمعيات شريطة أن يخضع للقوانين الجاري بها العمل بل ما تزال هناك التعليمات هي الحاكمة في هذا الباب.
■ الدستور يقول بإمارة المؤمنين وهي حتى الآن نقطة خلاف؟
■ الدستور في كثير من البنود ولا نعتقد أن أي حزب من الأحزاب وأي طرف من الأطراف متفق على كل ما هو موجود. عنده موقف من هذا ومن هذا فطبيعي أن يكون لهذا الطرف أو الطرف الآخر تحفظات على بند ما لكن الشيء الذي يمكن أن نقوله ان مسألة إمارة المؤمنين بالنسبة إلي هي مسألة فقهية أكثر منها سياسية فلذلك مناقشتها يجب أن تكون في المجال الفقهي والمجال الديني وليس في المجال السياسي لأنها تستعمل الآن في الجانب السياسي أكثر منها ما تستعمل حتى في الجوانب الفقهية التي توظف سياسيا أكثر منها من القضايا التي لها صبغة بالفعل فقهية .
■ أثيرت في الفترة الماضية مجموعة من القضايا لكنكم ترونها قضايا هامشية وثانوية كقضايا الإرث والمثلية الجنسية؟
■ نحن حين نقول انها قضايا ثانوية وجزئية فنحن نرى السياق الذي تأتي فيه هذه القضايا فهي دائما تأتي كقضايا مفتعلة ليست إشكاليات يعيشها المغرب والمجتمع المغربي حقيقة ومضطرون لطرحها للتداول وللنقاش كونها تقف حجر عثرة أمام السير. لا نقول أنها ليست موجودة بل نقول ان طرحها في زمن معين وفي وقت معين وشروط معينة هو لإشغال الرأي العام أكثر منها قضايا حقيقية يجب أن تحل. فلذلك فهذه القضايا ليست في هذه الأجواء يجب أن تناقش وليس بهذه الطريقة بل في أجواء طبيعية ديمقراطية وحريات وسليمة. ثم إن مناقشة قضايا مجتمعية بعقلية المنتصر والمنهزم لا يمكن أن يعطي حلولاً.
■ حين نطالع مواقع التواصل الاجتماعي التي صارت منبرا للشباب أو عبر البحث في محركات البحث العالمية نتعثر بتعاليق وتساؤلات تحمل علامات استفهام حول مشروع العدل والإحسان وأحيانا هناك تخوف وعدم فهم لأهداف الجماعة. لماذا هناك نقص في التواصل الإعلامي؟
■ المسألة ليست غريبة أو عجيبة. فنحن نعلم أن الدول التي تكبت الحريات وتتعامل مع المعارضة بأنها عدو، فمن أبسط ما تقوم به هو الدخول إلى مثل هذه المواقع لإغراقها برأي معين لتوجيه التعليقات. ثم إن الجماعة محاصرة ليس لها الحق في أن تنشر أو يكون لها جريدة أو تواصل إعلامي مع الناس أو تنظم ملتقياتها في القاعات العمومية والطرف الخصم له كل الإمكانيات في أن يشوه سمعتك فإذن إن كنا لا نزال نحظى ببعض المصداقية عند الناس فهذا من مجهود استثنائي نقوم به. ليس لأننا عاجزون على أن نتواصل مع الناس بل لأننا ممنوعون ومقموعون ومحاصرون هذا هو السبب أما الحكم فنحن لا نعتقد أنه نزهة بل هو تحد ومغامرة فلذلك لا نريد أن ننفرد به بأي شكل من الأشكال. نتقاسم مع الآخرين نساهم بما لدينا نعم لكن ليطمئن الجميع أننا ليس في تصورنا أن ننفرد، ربما مستقبلا إذا تجاوزنا المراحل الانتقالية وأصبحت الديمقراطية بالفعل سائدة حقيقة وأصبح التداول حقيقة ممكن أن نفكرفي ذلك .
■ هل يمكن أن نرى فتح الله أرسلان وزيراً في حكومة صاحب الجلالة؟
■ في الأفق المنظور لا أعتقد، لأننا لا نرى أن الشروط مناسبة لذلك.
■ ألا ترى أن من تحدثت عنها بأنها «خصم» لا يوجد حولها خلاف بل حتى حركة 20 فبراير التي شاركتم فيها رفعت شعارات إسقاط الفساد وليس إسقاط النظام ليس خوفا ولكن قناعة بحسب المراقبين؟
■ نحن لسنا ضد أشخاص لكن ضد الاستبداد وحديثنا هو عن دولة يجب أن يسود فيها العدل والتداول حول الحكم ويحكم فيها من يحاسب هذه قيم إنسانية لسنا نحن من صنعها. وإذا كان المغاربة يريدون هذا فنحن جزء من المغاربة ونحترم الرأي الآخر ثم هل هناك استفتاء حقيقي شارك فيه المغاربة كي يختاروا طبيعة النظام الذي يريدون بحرية خارج تسليط الأضواء على طرف دون آخر، الان كلمة الإجماع يتحدثون عنها في كل شيء مثل الإجماع حول الدستور، الإجماع لم يقع حتى في حق الله سبحانه وتعالى .فهناك من يكفر وهناك من يؤمن.
■ انتشرت في الآونة الأخيرة موجة إلحاد في صفوف بعض من كانوا ينتمون لحركات إسلامية منها العدل والإحسان خاصة منهم فئة الشباب ومنهم من تحول إلى مهاجم شرس لانتمائه السابق ؟
■ هذا أمر يحدث في كل الدنيا وفي كل الأنظمة والمجتمعات سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية، وفي الدول المعروفة بالإلحاد ستجد يوميا في مساجدها مجموعة أفراد يعلنون إسلامهم و في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تراجع الناس عن الإسلام وهناك ما يسمى بحروب الردة. فطبيعي جدا أن يحدث. لكن الذي يقع هو التشجيع والدفع إلى هذه النعرات الدينية والطائفية، لذلك هم ينفخون في هذه النماذج ولو كان شخص أو أثنان وهذه مسألة ليست بريئة. والشيء نفسه يحصل مع ثنائية «سنة وشيعة» نعتقد أنها تدخل في إطار تأجيج النعرة الطائفية بين السنة والشيعة إسلامييين وقوميين وأكرادا وأتراكا، هناك أياد آثمة هي التي تحرك هذه النعرات.

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password