الرأي العام المغربي لم يعد يهتم بالنسخة المقبلة لحكومة ابن كيران لأسباب اقتصادية وسياسية وأخلاقية

رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران

لم يعد الرأي العام المغربي يهتم بالنسخة الثانية من حكومة عبد الإله ابن كيران رغم مرور شهور على الأزمة الحكومية. وهذا يعكس معطيات الواقع السياسي المتمثل في عدم مشاركة نسبة كبيرة من المغاربة في الانتخابات، ويأس المصوتين من إصلاحات تنعكس إيجابا على وضعهم المعيشي بعد القرارات التي اتخذها بان كيران باسم “المصلحة العليا للبلاد”.

وعمليا، تعتبر حكومة ابن كيران مؤقتة منذ أن أعلن حزب الاستقلال الانسحاب منها في بداية مايو الماضي. وهذا الانسحاب يعتبر كافيا لشغل الرأي العام في أي دولة، لكن بعد مرور  خمسة أشهر وعجز ابن كيران على تقديم النسخة الثانية من الحكومة، بدأ يتبين أن الرأي العام لا يعير اهتماما كبيرا للتطورات الحكومية ولا يهمه من سيصل الى الحكم.

ويبدو أن الصحافة وحدها تهتم بالتطورات الحكومية لملئ الفراغ في حالة الصحافة الورقية والفضاء الافتراضي للصحافة الرقمية. ونشرت بعض الصحف سواء الورقية أو الرقمية عشرات المرات تشكيلة الحكومة الجديدة وادعت أنه بقي ساعات فقط ليستقبل الملك ابن كيران ويعلن عن النسخة الجديدة من حكومته، ولم يحدث هذا نهائيا.

وتقف عوامل متعددة سياسيا وأخلاقيا ومعيشيا وراء غياب اهتمام حقيقي من الرأي العام المغربي بالنسخة الثانية من حكومة ابن كيران، وأبرز هذه العوامل التي يمكن رصدها في الكتابات الصحفية والتصريحات السياسية وفضاء شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة الفايسبوك:

-سياسيا، رغم الاهتمام الذي أبداه المغاربة بالحكومة الجديدة التي جاءت في ظروف استثنائية اتسمت بالربيع العربي وتولي حزب ذو مرجعية إسلامية لأول مرة قيادة الحكومة بعدما كاد أن يتعرض للحظر في أعقاب تفجيرات 16 مايو، تراجع هذا الاهتمام لأن أغلبية المغاربة لم تشارك في الانتخابات ولا يهمها من سيتولى التسيير.

-أخلاقيا، يأس جزء كبير من الرأي العام من حزب العدالة والتنمية الذي رفع شعار مكافحة الفساد، وتخلى عن هذه الشعارات التي يجسدها تصريح “عفا الله عما سلف” لابن كيران. وفي نطقة أخرى مرتبطة بالضمير الأخلاقي، لا يفهم الكثير من المغاربة كيف أن ابن كيران الذي اعتبر أن زعيم الأحرار  صلاح الدين مزوار بالسياسي الفساد يحاول اليوم التحالف معه من أجل البقاء في السلطة.

-اقتصاديا، امتعاض جزء كبير من الرأي العام من قرارات حكومة ابن كيران بالمس بالقدرة الشرائية للمواطنين بسبب الزيادات المتتالية في المحروقات وفي المواد الغذائية دون القيام بإصلاحات جذرية تهم  القضاء على اقتصاد الريع والبدء في إرساء اقتصادي قائم على المنافسة الشريفة.

-حقوقيا، تخلي الكثير من المثقفين والصحفيين عن الحكومة بعدما تورطت في تبرير الاعتقالات والخروقات وعلى رأسها ما يجري مع مدير النسخة العربية لجريدة لكم علي أنوزلا، إذ لم يعد هناك اهتمام من هؤلاء المثقفين والحقوقيين والإعلاميين بمصير حكومة العدالة والتنمية.

مؤسساتيا، -شعور جزء من الرأي العام أن مؤسسة رئاسة الحكومة لا سلطة لديها بل تستمر المؤسسة الملكية وحكومة الظل المكونة من مستشاري الملك في التحكم الحقيقي في الملفات الكبرى.

وبدل مناقشة الحكومة المقبلة، بدأ الرأي العام في شبكات التواصل الاجتماعي يتحدث عن سيناريو فشل العدالة والتنمية كما جرى مع الاتحاد الاشتراكي في مرحلة التناوب في نهاية التسعينات وبداية العقد الماضي.

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password