سيخلد المغاربة عيد المسيرة الخضراء يوم 6 نوفمبر من الشهر الجاري، وهو العيد الذي يفترض استعادة جزء من الأراضي المغربية رغم استمرار النزاع، ويتطلع المغاربة في يوم ما الى استعادة سبتة ومليلية. لكن يبقى الخطر هو الاستعمار الداخلي الذي يعاني منه الشعب على شاكلة مافيا منظمة باسم القانون تترامى على أراضي وممتلكات الوطن في ظل صمت المسؤولين مثل حالة خدام أراضي الدولة بل يتورط مسؤولون في هذه الجريمة.
وتاريخيا، يشكل نضال وجهاد المغاربة على حوزة الوطن العنصر الرئيسي في بلورة الهوية المغربية، ولهذا فجزء كبير من تاريخ المغرب خلال الخمسة قرون الأخيرة هو مواجهة الغزو الأجنبي حتى سقط في يد الاستعمار الفرنسي والإسباني رسميا سنة 1912، علما أن جزء أراضيه استعمرت قبل هذا التاريخ.
وتعتبر الأرض من المكونات الرئيسية لكل كيان يسمى دولة أو وطن، وهو ما يفسر الكثير من النزاعات الحالية وعبر التاريخ حيث تعد الأرض السبب الرئيسي. وتعتبر معارك خالدة في تاريخ البلاد مثل معركة وادي المخازن وحروب الريف ومنها معركة أنوال علامات بارزة في دفاع المغاربة عن وحدة أراضيهم ثم نضالات الحركة الوطنية بشقيها السلمي والمسلح منذ الأربعينات حتى تحقيق الاستقلال سنة 1956.
وبعد مواجهة الاستعمار الأجنبي، سقط المغاربة تدريجيا في بد استعمار داخلي مكون من تحالفات مالية وسياسية وأخرى رسمية تترامى على أراضي الشعب المغربي بطرق المافيا، والمؤسف أنه لم يقم لا الملك الحسن الثاني ولا الملك الحالي محمد السادس بوقف هذا الاستعمار الداخلي. وعليه: كيف ستفسر السلطات المغربية للشعب ترامي عدد من المسؤولين على أراضي الوطن، ولعل الفضيحة الكبيرة في هذا الشأن هو ما يعرف بأراضي خدام الدولة التي انفجرت منذ سنتين ومن ضمن المتورطين فيها وزراء ومنهم وزير الداخلية الحالي عبد الوافي لفتيت وكذلك زعماء أحزاب ومسؤولين من مختلف القطاعات، حصلوا على أراضي في العاصمة بأثمنة بخسة عشرات المرات دون سعرها الحقيقي، إنها ممارسات استعمارية حقيرة من طرف مسؤولين في هذا البلد.
لقد رأى الشعب كيف عاد أسرى الحرب من مخيمات البوليساريو، يتعلق الأمر بجنود ذهبوا في ريعان شبابهم للدفاع عن أراض يعتبرها المغاربة جزءا من وطنهم، والآن يعاني الكثير منهم من أمراض ومن الحرمان، بينما سمح مسؤولون لأنفسهم بإصدار قوانين ترخص لهم بالحصول على قطع أرضية بأبخس الأسعار ويتبجحون لاحقا بالوطنية، إنها ليست مفارقة بين خيانة لهذا الوطن من طرف هؤلاء المسؤولين.
نعم يعاني الشعب المغربي من استعمار داخلي يتجلى في أساليب منظمة باسم القانون للترامي على أراضي الوطن أحيانا مجانا وأحيانا أخرى بأثمان بخسة. نعم، لقد ناضل الشعب المغربي طيلة عقود لطرد المستعمر الفرنسي والإسباني، وصمد قرونا في وجه محاولات الغزو الأجنبي، ويمكنه استعادة ما سلبه مسؤولون وسياسيون. لقد أصبح تحديد الأراضي التي ترامى عليها الاستعمار الداخلي واجبا وطنيا في ظل تقاعس المؤتمنين على ممتلكات الشعب المغربي.
لقد حان الوقت للنضال ضد ممارسات الاستعمار الداخلي لأنه استعمار يتخفى وسط الوطن، وهو ما يجعل خطورته مضاعفة.
ن