افتتاحية: الشعب المغربي من الشعوب القليلة الذي حرم من التمتع بالثروة والآن يؤدي فاتورة المديونية

الفقر في المغرب

كان حلم المغاربة بعد الاستقلال هو الاستفادة من خيرات البلاد التي سيطر عليها المستعمر الغاشم وخاصة فرنسا التي استفردت بما يسمى “المغرب النافع”، لكن بعد مرور أكثر من ستة عقود على الاستقلال، يجد المغاربة أنفسهم فقراء ويؤدون مديونية مرعبة بينما تبخرت الثروات لصالح فئة محدودة.

وكان المناضل الراحل المهدي بن بركة قد رسخ في مخيال المغاربة الاستفادة الجماعية من الفوسفاط، وذلك في تصريحات ومقالات له بداية الستينات عندما أكد استفادة كل مغربي من عشرة دراهم يوميا من مداخيل هذه الثروة الطبيعية.  وازداد هذا الاقتناع مع سياسة مغربة الاقتصاد المغربي بداية السبعينات.

لكن مع مرور العقود الزمنية تبخر الحلم، وأصبح المغاربة فقراء بكل المقاييس ولاسيما إذا تم الأخذ بعين الاعتبار الدخل الفردي الذي لا يتجاوز ثلاثة آلاف دولار سنويا مقارنة مع دول الجوار في المغرب العربي-الأمازيغي أو الفرق الشاسع مع جيراننا الشماليين ولاسيما الإسبان والبرتغاليين. وهذا الفقر يتناقض كثيرا مع خيرات البلاد الممثلة في الأراضي الزراعية والموارد الطبيعية مثل الفوسفاط والذهب وآلاف كمل من البحار على واجهتين الأطلسية والمتوسطية وعائدات المهاجرين.

وبعد تساؤلات كثير حول الفوارق الاجتماعية الصارخة في هذا الوطن، طرحت الدولة سؤال: أين الثروة؟ لكن السؤال بقي معلقا لأن الجواب لا يقتصر فقط على تقديم تصريحات بل يتطلب تفعيل التحري الأمني والتحقيق القضائي بحكم عملية النصب الكبرى التي تعرضت ممتلكات الشعب المغربي. وهكذا وجد المغاربة أنفسهم سنة 2019 أمام أكبر مديونية في تاريخ البلاد تتجاوز 93 مليار دولار، أي قرابة 92% من الدخل القومي الإجمالي للبلاد.

والآن أصبح ذلك المواطن الذي قامت الدولة بتفقيره نتيجة الاختلاس وسوء التسيير لا يحلم بالحصول على حقه في الثروة بل فقط يريد أن لا تشركه الدولة في تأدية المديونية التي لا يتحمل وزرها، وذلك نظرا لعدم استفادته منها نتيجة انهيار القطاعات الرئيسية مثل التعليم والصحة وتبخر حل الشغل الذي هو مدخل لاقتسام الثروة.

الشعب المغربي من الشعوب القليلة في التاريخ الذي جرى حرمانه من التمتع بثرواته وفي المقابل يتم تحميله الآن وخلال الأجيال المقبلة مسؤولية تأدية مديونية ناتجة عن الاختلاس وسوء التسيير لقلة انفردت بالسلطة والثروة.

 

Sign In

Reset Your Password