افتتاحية ألف بوست: المغرب لا يعاني منFake News وإنما ضحية Fake Decision

صورة معبرة عن الأخبار الزائفة

ترغب الدولة المغربية في إصدار تشريع جديد يهم الأخبار الزائفة والمتعارف عليها في الغرب مؤخرا باسم Fake News ، وهي الأخبار التي عرفت ازدهارا خلال الحملة الانتخابية لرئاسيات الولايات المتحدة سنة 2017، ويعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أبرز رواد هذا التيار الاعلامي السلبي.

وهذه الظاهرة تعني أساسا نشر أخبار زائفة من أجل التغليط لاسيما في قضايا حساسة، ويمكن اعتبارها مرحلة متقدمة وبأسلوب فج للبروباغندا وتستفيد من شبكات التواصل الاجتماعي وفقدان الصحافة الكلاسيكية مصداقيتها. ولم تصدر الدراسات الأكاديمية الكافية حول هذه الظاهرة، وتفكر بعض الدول في الحد منها. وهناك جدل قوي حول الظاهرة خاصة من طرف باحثين وجمعيات حقوقية لا ترى أهلية للدول للبث قانونيا بحكم أن الدول تاريخيا هي مصدر الأخبار الزائفة.

والدولة المغربية التي عادة لا تستورد من الخارج النقاشات الحاصلة حول كيفية توزيع الثورة وملاحقة مغتصبي أملاك الشعب أو تلك التي تتعلق بتطوير الديمقراطية والحكامة الجدية، ترغب الآن في تحقيق سبق عالمي من خلال إصدار تشريع يعاقب الأخبار الزائفة. يحدث هذا في وقت يتضمن القانون الجنائي المغربي وبشكل متخم عقوبات تمتد الى الممارسة الاعلامية، كما يعرف عن بعض القضاة المغاربة اجتهاداتهم لتكييف الأحكام، كما جاء في تقاري متعددة حول غياب استقلالية القضاء. ومن ضمن الأمثلة الساطعة حالة عدد من الصحفيين وعلى رأسهم الصحفي الحر المعتقل حاليا حميد المهداوي.

ويشهد الاعلام المغربي بالفعل أحيانا هذه الأخبار ولكن بشكل محدود للغاية، إذ لم يؤدي أي خبر زائف الى تغيير الوضع في المغرب أو التسبب في أزمة بما. لكن الإشكال الكبير هو الأخبار التي تمس شرف الناس، الأخبار التي تمس الأخلاق العامة للبلاد، وكم من تقرير وطني ودولي صدر عن هذه الظاهرة المشينة، لكنها لا تشغل بال الدولة المغربية طالما أن الضحايا من صنف المعارضين.

ما يشغل بال الدولة المغربية هو انتشار الأخبار التي تبرز تردي الأوضاع العامة في البلاد، وأجواء الاحتقان الاجتماعي الخطير جراء ما تشهد قطاعات حيوية من تدهور مأساوي وهي التعليم والصحة والشغل. وتبحث الدولة عن كيفية سيطرتها على انتشار الأخبار الاجتماعية، وتستغل عدم مهنية بعض الصحفيين الذين يجرون وراء أخبار وصور وأشرطة مثيرة حدثت في الخارج ويتم نسبها للمغرب، والآن تريد فرض قانون حول الأخبار الزائفة.

وبدل حرص الدولة المغربية على مواكبة الدول الكبرى على التشريع بشأن هذه الظاهرة، كان الأجدر بها العمل على تطوير مهنة الصحافة عبر إنشاء أول كلية حقيقية لعلوم الاعلام بدل الاعتماد على معهد وحيد لتخريج أفواج واعية بمهنتها. وأ، تتحول الى مصدر للأخبار بدل التزام السرية في كل شيء.

قد يرتكب الزملاء بعض الأخطاء في نشر أخبار زائفة عن حسن نية أو سوء نية، لكن تردي الأوضاع في البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا، وهو ما تعكس التقارير الدولية والوطنية لا يدخل ضمن Fake news بل الأخبار الصحيحة.

إن ما يعاني منه المغرب هو القرارات الخاطئة والزائفة القائمة على دراسات ضعيفة، مشكل المغرب مع ما يمكن تسميته ب  Fake Decision ، ونتساءل في هذا الشأن ألا يعتبر ملف بترول تالسنيت Fake Decision الذي تحول الى سراب؟ ألا يعتبر قرار اعتبار المغرب دولة صاعدة Fake Decision بينما الواقع شيء آخر؟ ألا تعتبر قرارات اللجنة السابقة في التعليم مثل المخطط الاستعجالي Fake Decision؟ ألا تعتبر سياسة الدولة في ملفات حساسة مثل الصحراء Fake Decision ومنها ما يجري حاليا في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي؟ ألا يعتبر ادعاء الدولة في بداي كل موسم تحقيق معدل نمو يفوق 4% وينتهي الموسم باقل من 2% Fake Decision؟ يمكن تقديم مئات الأحداث والأخبار من نوع Fake Decision وكذلك Fake News  التي ارتكبتها الدولة.

القرارات الخاطئة والمزيفة هي التي أدت الى فشل الحياة العامة من تعليم وصحة وشغل في المغرب، تؤكده التقارير الوطنية والدولية بل وحتى خطابات المسؤول الأول في البلاد، ولمن لم يصدق، ليقرأ خطابات الملك محمد السادس خلال السنتين الأخيرتين.

يجب على الدولة الحرص على استيراد نماذج ناجحة في التنمية محاربة الفساد وليس ركب قطار الموضة الاعلامي Fake News ، لأن هذا التصرف هو في حد ذاته FAKE NEWS & FAKE DECISION

Sign In

Reset Your Password