تشهد اسبانيا اليوم الأحد انتخابات تشريعية تعتبر الأهم من نوعها خلال الأربعين سنة الأخيرة بسبب نهاية القطبية السياسية بفضل ظهور أحزاب سياسية جديدة مثل بوديموس، وتفتح المستقبل السياسي على سيناريوهات لم تكن مرتقبة حتى الأمس القريب.
ونشرت جريدة بيريوديكو دي أندورا التابعة لإمارة أندورا آخر استطلاع للرأي وسط هذا الأسبوع بحكم أن القانون الإسباني يمنع نشر استطلاعات في الأسبوع الأخير من الحملة. ويظهر الاستطلاع الصعوبات التي يواجهها الحزب الحاكم.
في هذا الصدد، يفيد الاستطلاع بحصول الحزب الشعبي المحافظ بزعامة ماريانو راخوي بقرابة 26% من الأصوات، ويليه الحزب الاشتراكي بزعامة بيدرو سانتيش المتزعم للمعارضة الكلاسيكية في البرلمان ب 21،4% بينما يحتل حزب بوديموس بقيادة زعيمه الشاب بيدرو إغلسياس المركز الثالث ب 20،4% وحزب سيودادانوس ب 16%، ويتراي الأخيرة ألبير ريفيرا.
وهذا يؤكد نهاية القطبية السياسية التي حكمت البلاد طيلة الأربعين سنة الأخيرة بالتناوب بين الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي. ومن باب المقارنة، فقد حصل الحزب الشعبي في انتخابات نوفمبر 2011 على قرابة 45% ب 187 نائبا برلمانيا، والآن ينزل الى 25%، أي فقد عشين نقطة. وبدوره تراجع الحزب الاشتراكي من 28% الى 21% الحالية، علما أن نتائج 2011 كانت الأسوأ في تاريخه السياسي خلال الأربعة عقود الأخيرة.
ولم يكن حزب بوديموس قد تأسس سنة 2011 والآن يوجد في المركز الثالث وقد يصبح القوة الثانية وربما الأولى وكانت استطلاعات رأي سابقة تمنحه المركز الأول. بينما كان حزب سيودانوس في إقليم كتالونيا فقط والآن أصبح حزبا وطنيا في مجموع اسبانيا.
وحصل بوديموس على أصوات الغاضبين من الحزب الاشتراكي ومن حزب اليسار الموحد وكذلك أصوات الشباب الذي كان يرفض الأحزاب الكلاسيكية وجاؤوا من حركة 15 مايو التي ظهرت تحت تأثير الربيع العربي في مايو 2011 وحولت ساحة بويرتا ديل سول الى ساحة أشبه بساحة التحرير في القاهرة. ويؤكد زعيم حزب بودموس أن حزبه هو امتداد لحركة 15 مايو التي جاءت نتيجة الربيع العربي.
ويعتبر هذا الحزب الأكثر إغراء للشباب بسبب برامجه التي تواجه الفساد المالي السياسي وأطروحاته الإنسانية في قضايا مثل الهجرة ومعارضته للحروب والتدخل في الدول الى مستوى إعادة اسبانيا النظر في انتماءها الى الحلف الأطلسي. ومن أبرز النتائج التي حققها فوزه برئاسة بلديتين كبيرتين، العاصمة مدريد ومدينة برشلونة في كتالونيا.
ومن جانبه اختطف حزب سيودادانوس الكثير من أصوات الليبراليين الذين اعتبروا أن الحزب الشعبي قد تحول الى حزب محافظ للغاية ويقترب من أطروحات اليمين المتطرف في بعض مواقفه. ويحصل الحزب على دعم سياسي قوي من المؤسسات المالية الى مستوى أن وسائل الاعلام تسميه “حزب إبيكس 35″، وهو اسم بورصة مدريد، ذلك أن المستثمرين متخوفين من انهيار الحزب الشعبي المحافظ ويرغبون في قوة ليبرالية جديدة تحد من قوة اليسار.
وتؤسس هذه الانتخابات لنهاية القطبية، وهذا ما سيجعل المشهد السياسي الإسباني مفتوحا على سيناريوهات التحالف السياسي بين قوتين بل حتى ثلاثة، علما أن البلاد لم يسبق أن شهدت ائتلافا حكوميا وطنيا بل انفراد الحزب الشعبي أو الاشتراكي بالحكم.
ووفق استطلاع الرأي الأخير، حظوظ اليسار بشقيه الاشتراكي والراديكالي متقاربة مع حطوظ اليمين بشقيه الليبرالي والمحافظ. وتنادي أصوات في اسبانيا بتحالف بين الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي من أجل استقرار المشهد السياسي بدل الارتهان الى القوى السياسية الجديدة.