ابتعاد السعودية يعكس مخاوف من انجذاب أمريكا لسحر إيران

العاهل السعودي الملك عبد الله والرئيس الامريكي باراك اوباما

يقوم تحذير السعودية من انها ستحد من علاقاتها مع الولايات المتحدة على مخاوف من أن يكون الرئيس الأمريكي باراك أوباما يفتقر إلى الهمة والحنكة في مواجهة خصم مشترك ومن ثم يعطيه ميزة استراتيجية.

وتخوض الرياض ما تعتبره معركة محورية لمصير الشرق الأوسط مع خصمها اللدود إيران وهي دولة تعتقد السعودية انها تتدخل في شؤون حلفائها وتسعى لامتلاك قنبلة نووية وهي اتهامات تنفيها طهران.

وأبلغ رئيس المخابرات السعودية الأمير بندر بن سلطان دبلوماسيين أوروبيين بأن الرياض تفكر في “تغيير كبير” في علاقاتها مع الولايات المتحدة احتجاجا على عدم تحركها بشكل فعال فيما يخص الحرب السورية ومبادرتها للتقارب مع إيران.

وقالت مصادر دبلوماسية في الخليج إن هذه الرسالة لا تعكس فقط آراء الأمير بندر المعروف بتشدده في قضايا الشرق الأوسط وهو السفير السابق البارز لدى واشنطن بل أيضا آراء العاهل السعودي الملك عبد الله وبقية القيادات السعودية.

وتضيف المصادر ان خيبة أمل السعودية في واشنطن حقيقية وتدفعها لتفقد بدائل لاعتمادها منذ نحو 70 عاما على هذا التحالف الاستراتيجي ومع ذلك لا يعتقد أحد حقيقة ان التعاون السعودي مع واشنطن سيتوقف.

وتجلى غضب السعودية الأسبوع الماضي في رفضها مقعدا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة احتجاجا على ما أسمته الفشل الدولي في وقف الحرب السورية وإقامة دولة فلسطينية.

ويرجع قلقها إلى مخاوف من أن تكون حليفتها الكبرى فشلت في اتخاذ موقف قوي في سوريا ومن انها قد تكون مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة في أي مفاوضات تجريها مع إيران الخصم الرئيسي للسعودية في الشرق الأوسط.

وقال محلل سعودي مقرب من اسلوب التفكير الرسمي “السعوديون يمارسون ضغوطا حتى لا يتصرف الأمريكيون بهذا الضعف.”

وأضاف “هذه الرسالة مفادها: انتم تحتاجون لنا. ونحن لن نلعب الكرة معكم الى ان تفيقوا.”

وتختلف إيران الشيعية مع السعودية السنية في أغلب الصراعات الكبيرة الدائرة في المنطقة ومنها الصراعات في لبنان والعراق والبحرين واليمن. وفي سوريا تساند إيران الرئيس بشار الأسد في حين تدعم السعودية معارضين يسعون للإطاحة به.

وراقب أمراء السعودية باستياء الشهر الماضي تودد أوباما للرئيس الإيراني الجديد المعتدل حسن روحاني وسعيه لإحياء المفاوضات لحسم الشكوك الدولية بشأن برنامج إيران النووي.

ورغم تصريحات روحاني بأنه يسعى لعلاقات أفضل مع العالم الخارجي لا يزال الملك عبد الله وغيره من كبار القادة السعوديين يتشككون بشدة في نوايا إيران وما إذا كان رئيسها الجديد يمكنه تحقيق أي تغيير.

– الهيمنة الإيرانية

وبالنسبة للرياض تثير إمكانية توصل الولايات المتحدة إلى اتفاق مع إيران احتمالات عديدة غير مستساغة منها استمرار هيمنة إيران على دول عربية كبيرة مجاورة مثل سوريا والعراق بالإضافة إلى احتمال نشوب حرب بين إسرائيل وإيران تجد دول الخليج نفسها محاصرة وسطها.

وقال المحلل المقرب من اسلوب التفكير الرسمي “المشكلة تكمن في قدرة الامريكيين على إدارة الوضع. هذا الى حد ما يشبه الوضع وقت جيمي كارتر. بيل كلينتون لم يكن كذلك. كان أكثر قدرة واكثر نشاطا وكان زعيما أفضل.”

وخلال فترة رئاسة كارتر لم تتمكن الولايات المتحدة من وقف انهيار حكم شاه إيران الموالي للغرب في مواجهة الثورة الإسلامية التي أوصلت إلى السلطة رجال دين شيعة لا تثق فيهم الرياض.

وقال المصدر الدبلوماسي إن السعوديين يخشون من الاستعداد الكبير الذي تبديه الإدارة الأمريكية لأن تولي ثقتها لروحاني في تعهده بتحسين العلاقات والتعامل بشفافية أكبر فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي.

وقال “إنهم يخشون ان يخدع الأمريكيون” وأضاف ان واشنطن ستسمح لإيران “بأن تصبح على أعتاب أن تكون قوة نووية” بالسماح لها بالاحتفاظ بقدرات تكنولوجية يمكن تحويلها فيما بعد إلى الاستخدام العسكري.

ومن الاحتمالات المقلقة بشكل خاص بالنسبة لدول الخليج أن توجه إسرائيل ضربة منفردة لمواقع نووية إيرانية إذا لم تتعامل الولايات المتحدة مع طهران.

وقال المحلل “هذا يضع السعودية ودول الخليج في موقف سيء للغاية … فهي لا يمكنها أن تكون مؤيدة لإسرائيل سياسيا ولا يمكنها أن تقبل امتلاك إيران سلاحا نوويا.”

– سوريا

حث حلفاء المملكة الغربيون ومنهم واشنطن السعودية على إعادة النظر في رفضها مقعدا في مجلس الأمن لمدة عامين قائلين انها إن قبلته ستكون في وضع أفضل يمكنها من التأثير على الأحداث من داخل المجلس.

وقال روبرت جوردون الذي شغل منصب السفير الأمريكي لدى الرياض في الفترة من 2001 حتى 2003 “من الصعب توقع ما الذي يمكنها ان تحققه من ذلك. إنه إعلان مبدأ. لكنه قد يضعف قدرتها على الدخول في تحالفات وتوجيه مساعدات الحلفاء لتحقيق أهداف.”

ومن المجالات التي يمكن أن يظهر فيها بسرعة اثر تهديد الأمير بندر بالابتعاد عن الولايات المتحدة المساعدات السعودية للمعارضة السورية.

وقال خالد الدخيل استاذ العلوم السياسية السعودي والكاتب في صحيفة الحياة التي تصدر في لندن “ما اعتقد أنه يحير الرياض هو الموقف الامريكي من سوريا. فالأمريكيون لا يرون سوريا بشكل يقترب حتى من نظرة السعوديين لها. فهي لا تمثل لهم أولوية.”

وبالنسبة للرياض ستحدد نتيجة الصراع الدائر في سوريا ما إذا كان يمكن لإيران ان تتمتع بنفوذ أكبر في العالم العربي. وتساند المملكة جماعات تعتقد انها معتدلة فتقدم لها السلاح والتدريب والمال والدعم اللوجستي وسعت دون جدوى لحمل الولايات المتحدة على المشاركة في هذه الجهود.

ويشعر أوباما بالقلق من أن يؤدي تدفق السلاح حتى لو كان لجماعات معتدلة إلى مساعدة فصائل متشددة تقود الآن القتال ضد الاسد وحث الرياض على توخي الحذر.

وقد يتغير الان استعداد السعودية لتقبل هذه النصيحة وتوخي الحذر وان كانت ستواصل تجنب مساندة الجماعات المتشددة.

وحاربت السعودية بالفعل تمردا قاده إسلاميون متشددون عادوا من الجهاد في أفغانستان والعراق وهي ملتزمة بمحاربة تنظيم القاعدة.

وقال مصدر دبلوماسي في الخليج “المعارضة تملك معدات مناسبة لكن ما تفتقر إليه هو التدريب. والسعوديون لديهم الامكانيات للمساعدة في ذلك” إلى جانب حلفاء مثل فرنسا والإمارات العربية المتحدة.

وقال المحلل إن الرياض أصبحت اكثر استعدادا للدفع بمصالحها الخاصة في سوريا مثلما فعلت في مصر الصيف الماضي عندما ساندت – متحدية واشنطن – الجيش الذي أطاح بحكومة إسلامية بعد مظاهرات حاشدة تطالب بإقالتها.

وأضاف “سنفعل ما نريده بأنفسنا. لن ننسق مع الولايات المتحدة. لن نستمع… حين يقولون (لا يمكنكم تقديم السلاح لسوريا)

Sign In

Reset Your Password