أربعة أسباب تستوجب لجنة برلمانية للتحقيق في جريمة الإرهاب

لون اسود للحداد

تعرض المغرب خلال الأسبوع الماضي لعملية إرهابية خطيرة بسبب طريقة التنفيذ البشعة وبسبب تأثيراتها على قطاع حساس وهو السياحة. وعملية مثل هذه تستوجب كل التوضيحات وضرورة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق على شاكلة ما يجري في الدول التي تحترم مواطنيها ومؤسساتها.

في هذا الصدد، اهتز الرأي العام المغربي لبشاعة العملية الإرهابية التي استهدفت سائحتين من النروج والدنمرك في ضواحي مراكش، حيث تعرضتا للقتل ذبحا باسم تأويل خاطئ للديانة الإسلامية بعدما كانتا تنويان تسلق جبل توبقال.

واستأثرت بشاعة الجريمة  باهتمام وسائل الاعلام العالمية وخاصة الغربية التي أولت حيزا مهما ومعالجة مختلف الجوانب. وتترتب آثار سلبية للغاية لهذه الجريمة على مصالح المغرب، حيث قد يخسر قطاع السياحة 10% من مداخيله وهو ما قد يترجم بأكثر من نصف مليار يورو كحد أدنى. وستكون هناك مصاعب لبناء صورة المغرب السياحية خاصة في الدول الإسكندنافية والتي راهن المغرب كثيرا عليها لجلب السياح.

وفي الدول التي تحترم مواطنيها وتحترم المسطرة الديمقراطية، يمثل أمام البرلمان أو وسائل الاعلام مسؤولو القطاعات الأمنية والحكومية مثل رئيس الحكومة ووزير الداخلية ومدراء الشرطة والاستخبارات والدرك لتقديم توضيحات للرأي العام. كما تتشكل لجنة برلمانية تتقصى الحقائق المكملة للتحقيق القضائي الذي عادة ما يركز على الشق الجنائي. وهذا ما جرى بعد كل العمليات الإرهابية التي جرت في فرنسا واسبانيا وبلجيكا ودول أخرى، لكن كان هناك تأخر كبير في الحالة المغربية.

وبعد هذه الجريمة الإرهابية، يعد تأسيس البرلمان المغربي للجنة تقصي أمرا ضروريا لمعرفة الجوانب التي لن يتطرق لها القضاء في تحقيقه وهي:

أولا، لماذا لا يوجد مركز أمني سواء للدرك أو القوات المساعدة في الفضاءات الجبلية للأطلس ومناطق أخرى التي يقبل عليها السياح سواء السياحة الوطنية أو الدولية. لأن غياب مركز من هذا النوع لحماية قطاع هام مثل السياحة هو خطئ قاتل، خاصة وأن إقامة مراكز قليلة سوف لن تكون مكلفة ماليا مقارنة مع الخسائر التي سيتعرض لها قطاع السياحة بعد الحادث الإرهاب.

ثانيا، هل يوجد الأشخاص الذين ألقي القبض عليهم بتهمة تنفيذ هذه الجريمة الإرهابية ضمن ما يعرف بملفات “إس” باللاتينية أو “م” باللغة العربية، أي الملفات التي تتوفر عليها الشرطة والاستخبارات للمشتبه فيهم ودرجة خطورتهم، أم أنهم استطاعوا الإفلات من المراقبة.

ثالثا، لماذا تأخر المغرب في تأكيد الطابع الإرهابي لهذه الجريمة بينما جاء التأكيد من الدنمرك والنروج بما فيه شريط الجريمة الإرهابية الذي بث في الفايسبوك، هل كان هناك تستر لتفادي التهويل تجنبا لتعرض السياحة للخطر أو خللا في تقييم طبيعة الجريمة والوعي بطابعها الإرهابي متأخرا.

رابعا وهو الأخطر، كيف استطاع الإرهابيون الهروب من مكان الجريمة والسدود الأمنية سواء للشرطة في الطرق الرئيسية أو الدرك في الطرق الهامشية، وكانوا في طريقهم الى أكادير، كما تفيد المعطيات المسربة لتنفيذ جرائم أخرى لضرب قطاع السياحة، لولا يقظة وفطنة مواطنان رصدوهم على متن  حافلة وأبلغا عنهم للشرطة وتمت عملية الاعتقال، بينما قدمت الشرطة رواية مختلفة.

نعم، نجحت الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في تفكيك شبكات وتفادي وقوع عدد من العمليات الإرهابية، لكن عندما يقع عمل إرهابي واحد تكون الخسائر فادحة لاسيما في دولة تفتقد في الأزمات والحالات الحرجة للتواصل الذكي مثل المغرب.

تقييم الأمور في مختلف المجالات ضروري لتفادي الأخطاء ونقط الضعف، وللمغرب تجربة مريرة مع غياب النقد البناء والتقييم البرغماتي، والمثال الأبرز هو كيف كان الجميع تقريبا يطبل للتنمية حتى تم الاستيقاظ على فشل النموذج المغربي بسبب غياب المحاسبة والتقييم. نتمنى عدم حدوث هذا في القطاع الأمني والاستخباراتي لأنه قطاع يهم جميع المغاربة.

Sign In

Reset Your Password