60 سنة على هزيمة فرنسا في أشهر المعارك في التاريخ بيان ديان فو التي ساهمت في تحرير المغرب

جريدة لوباريسيان تعلن سقوط ديان بيان فو

في مثل هذا اليوم 7 مايو منذ ستين سنة 1954، تعرضت فرنسا لأكبر الهزائم العسكرية في تاريخها، يتعلق الأمر بمعركة ديان بيان فو التي تعتبر منعطفا في تاريخ الاستعمار الفرنسي. مباشرة بعد هذه الهزيمة شرعت باريس في التفكير جديا في مغادرة مستعمراتها ومنها المغرب بسبب الضغط. وساهم المغاربة في هذه المعركة، طرف الى جانب فرنسا وطرف محدود الى جانب حركة التحرير في المنطقة التي اشتهرت بالهند الصينية.

ومباشرة بعد الحرب العالمية الثانية تعرضت فرنسا لتحديات قوية من حركات التحرير في مستعمراتها بظهور جيل جديد من القوميين الداعين لطرد فرنسا من إفريقيا وجنوب شرق القارة الأسيوية، وكانت وثيقة 11 يناير في المغرب من ثمار هذه الأجواء الفكرية والسياسية. وتقدم كتب التاريخ عمليات تحرر قوية سواء في المغرب أو تونس أو دول إفريقيا، إلا أن المنعطف الحقيقي جرى في الهند الصينية.

ابتداء من مارس 1954، بدأت فرنسا وبدعم قوي من الحلف الأطلسي تخوض حربا قوية ضد اتحاد تحرير فيتنام، حيث رفضت الفيتنام بقيادة هو شي منه البقاء في إطار الاتحاد الفرنسي عكس لاووس وكمبوديا. وكانت فرنسا ذات التسليح الحديث والقوي واثقة من النصر وكان ينقصها السيطرة على مناطق استراتيجية للقضاء على حركة التحرير.

وجرت المعركة الفاصلة بالقرب من مدينة ديان بيان فو، حيث تمركزت القوات الفرنسية، البرية والجوية منها لمنع الإمدادات العسكرية من الصين للقوات الفيتنامية. لكن ما لم تكن تنتظره رنسا هو تنفيذ القوات الفيتنامية بقيادة الجنرال فون جوين جياب أحد أكبر عمليات اللوجستيك في تاريخ الحروب من خلال تفكيك ونقل المدافع بالأيدي وفوق الدرجات الهوائية أو العربات المدفوة باليد الى مرتفع ديان بان فو وإخفاءها هناك وترك فقط الفوهة لتوجيه النار.

وما كانت تعتبره فرنسا معركة لسحق الثوار، تحول فجأة الى سحق حقيقي للقوات الفرنسية بنار مئات المدافع التي كانت مدفونة في مرتفع بيان ديان فو . ويقول أحد الجنود وقتها لجريدة لوموند “اعتقدنا أن جهنم قد حلت بنا”. حاولت الولايات المتحدة إنفاذ فرنسا من الهزيمة عندما عرضت عليها قنبلتين ضد القوات الفيتنامية، إلا أن باريس رفضت اللجوء الى هذا السلاح خيارا أخيرا، وكان استسلام فرنسا يوم 7 مايو من سنة 1954.

وحملت معركة ديان بيان فو تداعيات قوية على فرنسا، فقد كانت الحرب غير شعبية، وشكلت شرارة أكثر  للمستعمرات الفرنسية في الانتفاضة ضد باريس.

ويعتبر المغرب من الدول التي انتقلت إليها تأثيرات الحرب، ويحكي الآباء بأن الكثير من المغاربة صفقوالهزيمة فرنسا في حرب ساهم فيها مغاربة ضمن الجيش النظامي الفرنسي وآخرين ضمن القوات الفيتنامية.

وتبقى معركة بيان ديان فو من العوامل الخارجية التي ساهمت في تحرير المغرب بدفع الوطنيين الى الرفع من الضغط على باريس. وإذا كانت فرنسا قد بدأت تفقد نفوذها منذ نفيها للملك محمد الخامس، فقد منحت هزيمة بيان ديان فو للحركة الوطنية وخاصة الجناح المسلح نفسا نحو ضغط سياسي وعمليات مسلحة أجبرت باريس على بدء مفاوضات الاستقلال.

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password