آلان غريش: «حرب أهلية ستحدث في فرنسا إذا استمر تجاهل تطلعات شبابها المسلمين»

الرئيس الفرنسي فرانسوا هولند

نبه الكاتب والصحافي الفرنسي آلان غريش إلى إمكان نشوب حرب أهلية في فرنسا على أسس عرقية ودينية بسبب الأجواء المتشنجة والمحتقنة ضد المسلمين التي تنتشر، ليس فقط لدى اليمين الفرنسي المتطرف بل حتى لدى شرحة كبيرة من اليسار الفرنسي.
وكان غريش، رئيس التحرير السابق لصحيفة «لوموند ديبلوماتيك»، والمدير الحالي للجريدة الإلكترونية» «أورينت 21» يقدم كتابه بعنوان: «الإسلام والجمهورية والعالم» الذي صدر مؤخرا بالعربية عن دار الساقي، وذلك في معرض بيروت العربي الدولي للكتاب (دورة 59) المستمر حتى 10 كانون الاول/ديسمبر الجاري.
واشار إلى ان القيادات السياسية والإعلامية في فرنسا حاليا تحقن في بعض الأحيان مشاعر الفرنسيين ضد المسلمين وتبالغ في التركيز على أخطار وجودهم في فرنسا وتساهم في تفاقم شعورهم بالغربة، خصوصا لدى المهاجرين الفقراء منهم الذين ينحدر اهاليهم من شمالي أفريقيا والذين يجد الشباب بينهم صعوبة في العثور على العمل والعيش براحة مادية. فقد اصبحت الشرطة توقفهم في الطرقات وتطالب بهوياتهم (في بعض الأحيان) فقط لبشرتهم السمراء أو لكنتهم أو مظهرهم الخارجي.
وبالتالي صاروا يشعرون بأنهم غير مرغوب بوجودهم في فرنسا وانهم ينتمون إلى مجموعة او دولة اخرى، فاختار بعضهم التنظيمات العنيفة.
وقد أزدادت حدة هذا الشرخ بين الأوروبيين الفرنسييين، من جهة، والفرنسيين من أصل مغاربي، من جهة أخرى، بعد الغزو الأمريكي البريطاني للعراق في عام 2003.
فمع ان فرنسا الرسمية بقيادة الرئيس السابق جاك شيراك عارضت هذه الحرب فانها، حسب غريش، حاولت «التعويض» للأمريكيين عن هذا الموقف بتقوية روابطها الاطلسية ـ الأمريكية، وحتى الاسرائيلية، بعد الحرب العراقية، وساهمت في انطلاق ما يُسمى «صراع الحضارات» في فرنسا بعد ان كانت العلاقة مع مسلمي فرنسا هادئة خلال عهدي الجنرال شارك ديغول والرئيس فرانسوا ميتيران وفي الحقبة الاولى من رئاسة شيراك ووزير خارجيته دومينيك دو فيلبان.
واشار غريش ان التوجه الاطلسي لدى القيادة الفرنسية بدأ في عهد نيكولا ساركوزي واستمر في قيادة الرئيس الحالي فرنسوا أولاند.
ومن المطلوب تغيير في السياستين الداخلية والخارجية ازاء العرب والقضايا العربية في داخل فرنسا وخارجها، اذا شاءت القيادة الفرنسية اطفاء فتيل هذه الحرب السياسية ت الاجتماعية. علما ان غريش فرنسي الهوية ولكنه عاش فترة من حياته في مصر مع ام من اصل روسي ووالد قبطي فيما كان والده البيولوجي القيادي الفرنسي الثوروي هنري كورييل.
وغريش تكلم في الندوة بالعربية بطلاقة ثم ظهر في اليوم الثاني في التلفزيون اللبناني وفسر مواقفه بشكل اوسع. وعُقدت الندوة في مركز معرض الكتاب، كما عُرضت بالبث المباشر في قناة «الميادين» التلفزيونية وقدمها الصحافي سامي كليب وشارك فيها الصحافيان بيار ابو صعب ووليد شرارة.
وسأله كليب في الندوة إن كان قلقاً إلى درجة اكبر على مستقبل دولته فرنسا أو على اوضاع مسلمين فرنسا والمسلمين عموما، فقال غريش انه قلق على الاثنين، فهناك اخطاء تُرتكب من القادة السياسيين وتدفع بفرنسا إلى المشاكل كما انه هناك اضطهاد ضد مسلمي فرنسا وعلى كل مدرك لهذين الواقعين اتخاذ المواقف لمعالجة الامر.
وقال متهكماً على ما وصلت اليه العنصرية في فرنسا: «اذا كان اسمك محمد وبشرتك سمراء، فمع انك فرنسي، فانه يصعب عليك العثور على وظيفة، ويتم توقيفك بدون سبب في الطريق وهذا مناف لحقوق الانسان التي ندعي الدفاع عنها».
واشار وليد شرارة إلى ان كتاب غريش «يرصد عملية صناعة عدو داخلي في فرنسا» وربما صنع العدو الإسرائيلي هذا العدو عبر هيمنته على الصحف والإعلام في فرنسا. كما أن سياساته التمييز العنصري، برايه، مرتبطة بالاستعمار ولها جذور تاريخية، وهناك مناطق منكوبة اقتصادياً بداخل فرنسا وبلجيكا تنتج هؤلاء الشباب المتوجهين نحو العنف.
وتساءل بيار ابي صعب هل تم الاندماج في فرنسا الآن؟ وهل يكفي وصول شخص من أصل عربي إلى وزارة لتجاوز هذه المشكلة؟
كما طرح سامي كليب سؤالا حول لماذا يتم قتل مرتكبي العمليات العنيفة في فرنسا بعد حدوثها؟ وهل هناك محاولات للتغطية عن دوافعهم الفعلية او ربما وجود جهات اخرى تحركهم؟
فاجاب غريش: «الجواب على هذا السؤال صعب، ولكن المجموعات التي ارتكبت الاعتداءات الأخيرة هي غير محترفة الاحتراف الكبير وتعاطفها إسلامي، ولكن المطلوب المزيد من التحقيق حول دوافعها ومحركيها ومموليها».
اما بيار ابي صعب فأشار إلى وجود «آلة تشتغل بطريقة منهجية في الإعلام وجزء من الفكر المهيمن في فرنسا تساهم في «أبلسة» المقاومة (اي جعلها ابليساً) وهذا جزء من العنف والقصف الاستعماري حيث يسارع الاستعماريون إلى وصم خصومهم بالإرهابيين، في الماضي والحاضر. فالمُناضلة جميلة بوحيرد وُصمت بالإرهاب والرجعيون الجدد (كما سماهم) يساهمون في «أبلسة» الإسلام والمقاومة، والاحزاب والمقاومة لاسرائيل والغزاة الاجانب».
وتساءل ابي صعب: «كم مرة سمعنا في الإعلام الفرنسي جهات تحمل سياسات فرنسوا أولاند في الشرق الاوسط مسؤولية ما حدث مؤخرا من اعتداءات في فرنسا؟ الآن اصبح أولاند بطلاً سيضرب داعش!

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password