وسط صمت الرباط: مدريد تقدم مذكرة احتجاج على إقامة المغرب مزرعة لتربية الأسماك بالقرب من الجزر الجعفرية المتنازع عليها

الجزر الجعفرية من الجانب المغربي

قدمت إسبانيا بمذكرة احتجاج أمام المغرب بسبب ما تعتبره إنشاء مزرعة لتربية الأسماك بالقرب من الجزر الجعفرية الواقعة قبالة شواطئ شمال المغرب، في حين كان الخلاف مركزاً على مياه الأطلسي. ويبدو أن البلدين يرغبان في احتواء هذه الأزمة حتى لا تزيد في تفاقم الأزمة الحالية.
وفي هذا الصدد، أوردت وكالة أوروبا برس الخميس من الأسبوع الجاري كيف تقدمت إسبانيا بمذكرة شفوية إلى سفارة الرباط في مدريد تحتج على إقامة المغرب مزرعة لتربية الأسماك في المياه الإقليمية التابعة للجزر الجعفرية. وتحل إسبانيا هذه الجزر. وتفيد الوكالة بإخبار وزارة الدفاع حكومة مدريد ببدء المغرب نشر وحدات خاصة بالمزرعة لتربية الأسماك، وحدث هذا إبان الأزمة الشائكة التي اندلعت بين البلدين خلال الصيف الماضي على خلفية رفض مدريد لموقف واشنطن الذي دعم مغربية الصحراء، وكذلك بسبب استقبالها زعيم البوليساريو إبراهيم غالي للعلاج من الكوفيد خلال أبريل الماضي.
وتأتي هذه المذكرة الشفوية في وقت لا يوجد للمغرب سفير في مدريد بعدما سحب كريمة بنعيش خلال مايو/آيار الماضي ولم تعد بعد مرور ستة أشهر. وتقتحم هذه الأزمة المفاوضات التي كانت تجري في الكواليس بشأن إعادة العلاقات إلى مستواها الطبيعي، والمتمثل في عودة السفيرة من جهة، وبدء الزيارات الثنائية.
وتفيد الباييس بصمت الحكومة الإسبانية والتواصل دون ضجيج مع المغرب حرصاً على عدم تفاقم الأوضاع بين البلدين. وتضيف الجريدة في عدد أمس أن مدريد تحرص على تجنب الأزمة، لكن وزارة الخارجية قررت عدم الصمت أمام ما تعتبره مساً “بحقوق إسبانيا البحرية”، ولهذا قدمت المذكرة الشفوية الأسبوع الماضي قبل تسريب الخبر ليلة الأربعاء من الأسبوع الجاري إلى وسائل الإعلام، لا سيما وأن الصحافة الإسبانية تتحدث عن مزرعتين لتربية الأسماك في المياه القريبة من مليلية المحتلة. والمثير أن الشركة التي تكلفت بإقامة مزرعة تربية الأسماك هي إسبانية من منطقة كتالونيا، ولهذا فتحت وزارة النقل والصناعة تحقيقاً معها وقد يتطور الأمر إلى تغريمها.
في غضون ذلك، لم يقدم المغرب توضيحات ولا تفسيرات مثل إصدار بيان حول هذا الحدث، ولا يعترف المغرب بسيادة إسبانيا على مدينتي سبتة ومليلية ولا على الجزر الجعفرية وجزيرة ثورة في مضيق جبل طارق.
وستشكل هذه الأزمة مجدداً فرصة لبعض الأحزاب مثل الحزب الشعبي المحافظ وخاصة حزب فوكس المتطرف الذي يوظف المغرب في خطابه السياسي بشكل راديكالي وبشكل مستمر. وكانت لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ الإسباني قد رفضت مقترحات لهذا الحزب موجهة إلى الضغط على المغرب.
وإضافة إلى احتلال إسبانيا لسبتة ومليلية، يطالب المغرب بعدد من الجزر الواقعة في المتوسط وتعرف بالجزر الجعفرية ومضيق جبل طارق وأشهرها جزيرة ثورة وتعرف بجزيرة “ليلى”، وكانت محل توتراً خطيراً خلال يوليو 2002، ترتب عنه قيام وزير الخارجية وقتها، كولين باول، بالتدخل والوساطة لوقف مناوشات عسكرية كانت محتملة.
وباستثناء أزمة جزيرة ثورة، لم تشكل باقي الجزر مصدر توتر بين البلدين، بل ينحصر التوتر في الواجهة الأطلسية الجنوبية قبالة جزر الكناري، حيث يوجد اختلاف بين الحين والآخر حول الحدود البحرية والرخص التي تمنحها إسبانيا أو المغرب لشركات أجنبية للتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة البحرية.
ورغم توقيع المغرب وإسبانيا على اتفاقية الشراكة وحسن الجوار في أوائل التسعينيات، إلا أن المشاكل بين البلدين تطفو بين الحين والآخر بسبب ملفات اجتماعية مثل الهجرة أو ترابية-تاريخية مثل بقايا الاحتلال الإسباني للمغرب. وتبقى هذه الاتفاقية عاجزة عن إرساء تفاهم في هذا الشأن.

Sign In

Reset Your Password