هشام العلوي: الدولة تقوم بتوظيف القضاء في مواجهة الريف ونشطاء المجتمع المدني وأطروحة الاستثناء فرنسية لعرقلة الديمقراطية

هشام العلوي

“جاذبية السلطة: المغرب العربي بعد الربيع العربي” هو اسم الكتاب الذي أصدرته جامعة إنديانا الأمريكية خلال الشهر الجاري وجرى تقديمه في مركز الثقافات في جامعة جورج تاون في العاصمة واشنطن والذي عالج التطورات السياسية في منطقة المغرب العربي-الأمازيغي، ومن أبرز المشاركين فيه  هشام العلوي الذي يعتقد في ريادة المغرب العربي-الأماويغي للديمقراطية عربيا في المستقبل.

ويعالج الباحثون الين ينتمون الى مختلف الجامعات الأمريكية في هذا الكتاب التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بعد الربيع العربي والتي جعلت السكة لا تسير في مسار الديمقراطية كما كان يعتقد في السابق.  ومن ضمن الأسماء المشاركة الباحث المغربي عبد السلام المغراوي من جامعة دوك والأمريكي ستيفن كينغ من جورج تاون و هشام العلوي من جامعة هارفارد.

وركز الأخير في عرض التقديم بعنوان “من مفهوم الاستثنائية الى التفرد، التجربة المغاربية من منظور معاصر”، معالجا الرؤية التي سادت طويلا في المحافل الأكاديمية والسياسية ومردها تميز منطقة شمال إفريقيا عن باقي المشرق العربي حيث تحاول الدول نهج مسلسل تطور يستجيب لخصوصياتها الثقافية والإثنية والتاريخية المختلفة. ويبرز مدى توظيف هذه الأطروحة في مشاريع تحول دون إرساء الديمقراطية. وبالعودة الى التاريخ، يعتبر فرنسا وراء نهج هذه الاستراتيجية واستمرت في توظيفها مثلما حدث مع الرئيس الفرنسي السبق جاك شيراك بقوله قبل الربيع العربي بأن التونسيين يرغبون في الخبز أكثر من الحقوق السياسية.

وينتقد اعتقاد أنظمة شمال إفريقيا بهذه الأطروحة، مستشهدا بأنه بعد نجاح ثورة الياسمين في تونس، عللت أنظمة الجزائر والمغرب أسباب اندلاعها ونجاحها بالطابع الليبرالي الخاص بتونس، حيث تغنت الجزائر باستقرارها القوي القائم على الاقتصاد المخطط وتلبية المطالب الاجتماعية ونهج سياسة جيوسياسية غير منحازة عالميا يجعلها في منأى عن التأثيرات. وبدورهم، يتغنى المسؤولون المغاربة بفرضية الاستثناء من خلال التركيز على الدور المحوري للملكية الذي لا يمكن للمغرب الاستغناء عنها. ويعتقد في ترويج مفكرين وباحثين فرنسيين وكذلك نخبة مغاربية بعد الاستقلال لأطروحة الاستثناء لشتى الأسباب.

وعلى ضوء التطورات الجارية سواء في المرحلة الأولى من الربيع العربي بنجاح الثورة التونسية ثم ما يجري في الجزائر خلال المرحلة الثانية من الربيع العربي، يعتقد في ضرورة مراجعة هذه المفاهيم. ويطالب في هذا الصدد بالتخلي عن فرضية أطروحة الاستثناء مع التركيز فقط على مفهوم انفراد المنطقة ببعض المميزات التي لا تعفيها من الخضوع لقواسم مشتركة مع باقي الشعوب.

ويبرز نجاح تونس في مسيرة إرساء الديمقراطية من خلال الاتفاقيات بين مختلف الفاعلين السياسيين رغم اختلافاتهم الإديولوجية من يسار وإسلاميين وليبراليين، ويلقي الضوء على معطى لم تعالجه وسائل الاعلام ومرده أن القمة العربية التي جرت في تونس كانت الأولى التي تعقد في دولة تتمتع بديمقراطية مقبولة. وعلاقة بالجزائر، يرى سعي الشعب من خلال انتفاضته الحالية استدراك التأخر السياسي ومواجهة مشاريع الرئيس المقال عبد العزيز بوتفليقة الذي أراد إقامة ملكية مصغرة عبر المال والتحكم في الأجهة الأمنية.

وبعد استعراض تاريخ الانتفاضات والاحتجاجات السياسية في المغرب منذ الستينات حتى قبل الربيع العربي، يعتقد في الدور الكبير للمجتمع المدني وليس الأحزاب السياسية كمصدر للتغييرات التي قد تحصل في المغرب من أجل الكرامة والحقوق السياسية. وهو ما يدفع بالدولة المجسدة في نظام المخزن الى تبني سياسة، فأن لم تكن ثورة مضادة مثل باقي الملكيا، فهي  تشدد وتصلب تجاه هذا المجتمع المدني من خلال توظيف القضاء لخنق مبادرات جمعيات مدنية مثما حدث مع جمعية  فريديم ناو وجمعية راسين التي قام القضاء بحلها مؤخرا أو إصجار أحكام قاسية للغاية مثلما تعرض له نشطاء الحراك المدني في الريف وجرادة. ويرى أن أهم ما يوجد في المغرب حاليا هو إيمان الجيل الجديد من الشباب والمجتمع المدني بأن الملكية لا يمكنها أن تبقى في شكلها الحالي بعيدة عن التغييرات الجارية بل قابلة  للتغير.

ويؤكد في هذا الكتاب أن تفرد منطقة المغربي العربي-الأماويغي سيكون هو السبق لإرساء الديمقراطية في العالم العربي عبر ضغط من الأسفل، الشعوب، واتفاقيات بين الفاعلين لتكون خريطة طريق لدمقرطة العالم العربي.

Sign In

Reset Your Password