نحو مزيد من الاستقطاب العسكري، المغرب ينخرط في رؤية الحلف الأطلسي والجزائر في أجندة موسكو الدولية

طائرة ف 16 مغربية

تشكل المناورات العسكرية لمنظمة شمال الحلف الأطلسي الجارية في البحر الأسود نقطة توتر خطيرة بين الغرب وروسيا. وتنخرط عدد من الدول في دعم هذا الطرف أو ذاك، وهو ما يحدث في حالة المغرب الذي يشارك في هذه المناورات، بينما تؤيد الجزائر الاستراتيجية الروسية للأمن الدولي.

ويشهد البحر الأسود منذ الأسبوع الماضي مناورات عسكرية للحلف الأطلسي تعتبر الأضخم من نوعها خلال 25 سنة الأخيرة التي يقوم بها ضمن استراتيجية الردع ضد النفوذ الروسي المتعاظم في المنطقة والمستهدف لأوكرانيا خاصة بعد قرار الكرملين استعادة شبه جزيرة القرم سنة 2014 من السيادة الأوكرانية.

وتسجل هذه المناورات توترا لم يسبق أن سجلته مناورات خلال السنوات الأخيرة بسبب المراقبة اللصيقة للسفن والطائرات الحربية الروسية للمناورات ومنها تنبيه بتوجيه قذائف بالقرب من سفينة حربية بريطانية تسللت الى المياه الإقليمية الروسية خلال الأسبوع الماضي، وتشديد موسكو باستهدافها مباشرة المرة المقبلة إذا كررت التجربة.

ونظرا لأهميتها الاستراتيجية، أصبحت المناورات العسكرية مقياسا جديدا لتعزيز الانتماء أو القرب من هذا الطرف أو ذاك. في هذا الصدد،  تشارك دول عربية لأول مرة في هذه المناورات وهي مصر والإمارات العربية وخاصة المغرب سواء كضيوف أو كفاعلين فيها.

ويشارك المغرب في هذه المناورات العسكرية بسفينة حربية، ويحدث هذا لأول مرة. وتحمل مشاركة المغرب أكثر من دلالة وعلى رأسها الانخراط في المشاريع الأمنية والعسكرية للغرب، وهي موجهة ضد روسيا والصين. وتعتبر روسيا كل الدول المشاركة في هذه المناورات التي تجري بالقرب من مياهها الإقليمية في البحر الأسود بمثابة دول سواء عدوة أو غير صديقة. ويدخل المغرب في خانة الدول غير الصديقة لروسيا الآن لصفته شريك لمنظمة الحلف الأطلسي (صفة تمنح لغير الأعضاء في الحلف) وبحكم تأكيد هذا الحلف في اجتماعه منتصف يونيو الماضي على ضرورة احتواء الخطر الروسي.

وجاءت مشاركة المغرب بدعوة من البنتاغون، وهي مشاركة تكملة للمناورات الحربية البحرية التي أجرتها القوات المغربية والأمريكية بداية مارس/آذار الماضي حاكت سيناريو تعقب ومواجهة غواصات معادية بالقرب من المعبر الاستراتيجي مضيق جبل طارق من الجانب الأطلسي. والراجح أن الأمر يتعلق بمواجهة غواصات جزائرية حيث تجوب مضيق جبل طارق أو روسية التي رفعت من وتيرة تواجدها في هذه المنطقة.  وجرت تلك المناورات تحت أنظار غواصة روسية تسمى “الثقب الأسود.

وإذا كان المغرب قد انخرط في استراتيجية الحلف الأطلسي، فقد حسمت الجزائر دورها في التحالفات. فقد حل رئيس الأركان الجزائري السعيد شنقريحة بالعاصمة موسكو  الأسبوع الماضي لتعزيز علاقات التعاون الأمني مع روسيا وعلى رأسها التعاون العسكري. وشارك في أشغال الندوة التاسعة للأمن الدولي التي نظمتها موسكو يومي الأربعاء والخميس من الأسبوع الماضي. وتقدم هذه الندوة بديلا للأمن الدولي عن الاستراتيجية الغربية التي يقودها الحلف الأطلسي. وشدد الجنرال شنقريحة على دور روسيا في “تعزيز الإمكانيات العسكرية للقوات المسلحة الجزائرية ومساعدة الجزائر لمواجهة التهديدات والتحديات على خلفية الوضع المتدهور في المنطقة والعالم”.

وتعتبر الجريدة الرقمية “مغريب أونلاين” في تقرير مفصل لها منذ أيام بعنوان “روسيا والجزائر نحو تعاون عسكري استراتيجي” خطاب شنقريحة في مؤتمر موسكو مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي الأمني والعسكري. وهذا سيترجم بدون شك نحو اقتناء مزيد من الأسلحة النوعية الروسية مثل مقاتلة سوخوي 57. وتتقاسم الجزائر وموسكو الرؤية نفسها للكثير من القضايا الإقليمية.

ومما يزيد من الاستقطاب العسكري للبلدين، هو اعتقاد الجزائر بأنها مستهدفة من الغرب وتعتبر المغرب أداة رئيسية في هذا الشأن، وشدد شنقريحة على هذه الاتهامات في مؤتمر موسكو للأمن لاسيما بعدما تبين أنه من سيناريوهات مناورات السد الإفريقي 2021 التي احتضنها المغرب ضرب منظومة الدفاع الجوي الروسي الشهيرة إس 400، وتتوفر الجزائر على هذه المنظومة. بينما يعتقد المغرب العكس ويستدل بسباق التسلح الذي تفرضه الجزائر على المنطقة ودعم جبهة البوليساريو التي تنازع المغرب السيادة على الصحراء.

وكان المغرب والجزائر قد دخلا منذ مدة في سباق تسلح كبير، والآن ينتقلان مع اشتداد المواجهة بين روسيا والغرب الى الاصطفاف مع هذا الطرف أو ذاك.

Sign In

Reset Your Password