من سؤال: أين ثروة الشعب المغربي الى أين ذهبت القروض؟ د. حسين مجدوبي

رسم يعبر عن الفساد

يعيش المغرب ترديا خطيرا في الخدمات الاجتماعية وتراجعا مهولا في قطاعات أساسية مثل التعليم والشغل، وهذا يجر مجددا الى السؤال الكلاسيكي المعلق أين هي ثروة الشعب ؟ بل والى سؤال آخر هام للغاية: أين ذهبت القروض التي حصل عليها المغرب وكيف جرى توظيفها؟

ويواجه المغرب أزمة اجتماعية حقيقية تحاول الدولة التستر عليها، لكن الإجراءات التي تقدم عليها تفضح هذا التستر. ومن عناوين هذا التدهور والتردي المرعب هو التقليص من الخدمات الاجتماعية. إذ لا تلتزم الدولة بواجباتها في تقديم خدمات صحية مناسبة للشعب المغربي، وفي المقابل، تعمل على خوصصة هذا القطاع بشكل متسارع.

وفي ملف آخر وهو التعليم، تقدم الدولة المغربية على تطبيق إجراءات نيوليبرالية متوحشة لم تقدم عليها عدد من الدول الغربية ، حيث الرأسمالية متقدمة وهي محاولة القضاء على الوظيفة العمومية واستبدالها بالتعاقد، الأمر الذي فجر موجة الاحتجاجات الحالية. وتقدم الدولة المغربية على هذا الإجراء في وقت يعد التعليم رافعة كل عملية رقي للوطن، ومنها الانتقال الى دولة صاعدة. وهنا نتساءل: هل يتطابق قول النظام بالدولة الصاعدة في وقت يتهاوى فيه التعليم؟ الجواب لا لكن فرضية الاستثناء تجعل ربما النظام يؤمن باستثناء في العلوم الاقتصادية.

وأصبح الشغل عملة نادرة في وطن يتفنن مسؤولوه في التغطية على البطالة بعمليات حسابية مضحكة، بينما في الدول التي تحترم نفسها، تعتمد مقياس التسجيل في الضمان الاجتماعي مع ترك هامش ضعيف لنسبة العاملين في الاقتصاد غير المهيكل.

وكانت الدولة قد طرحت تساؤلا عريضا أين الثروة؟ وبعد مرور سنوات لا يوجد جواب نهائيا رغم اجتهاد بعض مثقفي وسياسيي السلطة في تقديم أجوبة غير مقنعة حتى لا يبقى السؤال معلقا.

ولم يعد الرأي العام ينتظر سؤال أين الثروة لأن الجواب واضح، فقد استحوذ عليها فاسدون في هذا الوطن عبر الاختلاس والاحتكار وتحويل موارد البلاد الى ضيعة خاصة بهم، ويكفي التساؤل: لماذا تغرق البلاد في المديونية وارتفعت ثروة آخرين بشكل مخيف.

لكن السؤال الجديد الذي يجب طرحه هو: أين ذهبت القروض التي حصل عليها المغرب الى مستوى ارتفاع المديونية الداخلية والخارجية الى ما يفوق 90% من الناتج الإجمالي للبلاد؟ الدولة مطالبة بتقديم توضيحات أين ذهبت غالبية القروض. المتعارف عليه هو اقتراض الدول لكي تستثمر وتحقق نهضة، لكن ما يجري في المغرب هو العكس، كلما ارتفعت المديونية تفاقم وضع القطاعات الاستراتيجية مثل الصحة والتعليم والشغل. وهذا يؤدي الى مزيد من الحالات السلبية مثل مئات الشباب الذين يفقدون حياتهم في البحر في قوارب الهجرة، وآخرون يزج بهم في السجن من أجل مطالب بسيطة وقرابة 250 ألف طفل لا يلتحقون بالمدرسة سنويا.

إن مشاركة المثقفين الأحرار  خاصة الذين لهم دراية بالمجال الاقتصادي ومشاركة السياسيين الأحرار مطالبين بالمشاركة في خلق نقاش وطني حول أين تذهب القروض؟ الدولة تتعامل مع القروض بسرية تامة للغاية، فهي من أكبر أسرار البلاد، لا أحد من السياسيين والإعلاميين يتوفر على المعلومات الدقيقة عن القروض والفوائد وأين تذهب بدقة.

إن الدولة المغربية تبقى مرتاحة طالما أبقت النشطاء محصورين في دائرة حقوقية ضيقة مثل حرية التعبير، لكن عندما سينتقل النقاش الحقيقي الى أين الثروة؟ وأين تذهب القروض؟ وقتها سيعرف المواطن حقوقه في هذا الوطن، ووقتها سنعرف من اختلس موارد هذا الوطن ووظف بطريقة سيئة أو متعمدة القروض التي سيؤديها في آخر المطاف المواطن العادي.

وقتها قد ننتقل الى مغرب آخر. لن نبقى محصورين في هل هناك انفصال أو أيادي خارجية بل من هي العصابة التي اختلست ممتلكات الشعب المغربي.

إذن أين ذهبت القروض؟

Sign In

Reset Your Password