ما السر في استعمال البنتاغون المقنبلة الاستراتيجية ب 52 في المناورات العسكرية مع المغرب؟

المقنبلة الاستراتيجية 52 في الأجواء المغربية رفقة مقاتلات إف 15 أمريكية وإف 16 مغربية

شهد الجنوب المغربي وبالضبط في منطقة طانطان مؤخرا مناورات حربية بين المغرب والولايات المتحدة، واستعمل البنتاغون لأول مرة في هذه المناورات المقنبلات الاستراتيجية ب 52 التي ناذرا ما يتم اللجوء إليها سوى للتدريب على مخططات استراتيجية كبيرة للغاية.

وتحمل هذه المناورات اسم “الأسد الإفريقي” وتجري ما بين أبريل ومايو من كل سنة، وجرت الأخيرة ما بين 16 و27 أبريل/نيسان الماضي. واعتادت الولايات المتحدة تجريب بعض التكتيكات العسكرية في هذه المناورات شأنها شأن مناورات مع دول أخرى، لكن هذه المرة كان لافتا للمراقبين العسكريين استعمال البنتاغون طائرات ب 52 وهي مقنبلة استراتيجية.

ولم يكشف البنتاغون رسميا عن هذه المشاركة حتى جرى نشر الخبر في منتديات عسكرية متخصصة ومنها المتعلقة بالطيران وكذلك نشر صور من طرف البنتاغون نفسه، حيث جرى التأكيد على مشاركة ب 52 في المناورات. وهذه المشاركة مثيرة للغاية لأن الأمر يتعلق بطائرات لا تبيعها الولايات المتحدة الى أي بلد رغم مستوى التحالف الذي تجمعه به ولاسيما دول مثل بريطانيا وكندا.  وهذا لا يعود الى سعرها المرتفع للغاية بل تعد من العتاد الحربي الذي يضمن التفوق الاستراتيجي.

ودخلت هذه الطائرة ذات الحجم الكبير الخدمة العسكرية في بداية الخمسينات، ويجري تحديثها تدريجيا وسيتم الاعتماد عليها الى غاية 2040، وفق مخططات البنتاغون لتكون الطائرة الأكثر استعمالا في تاريخ القوات الجوية الأمريكية حتى يومنا هذا وتليها طائرة  أ 10. ولا يتعدى عمر المقاتلات لدى الجيش الأمريكي ثلاثة عقود، ومن ضمن الأمثلة، فقد استعمل الجيش الأمريكي المقالتة ف 4 الشهيرة ما بين منتصف الستينات حتى 1996، ولم تدم طائرة الشبح ف 117 في الخدمة أكثر من عشرين سنة، ويرتقب سحب ف 16 الشهيرة كذلك مع خلال السنوات المقبلة بعدما دخلت الخدمة سنة 1978 بينما مقاتلة ب 52 بدأ استعمالها سنة 1952 وينتظر استمرارها الى سنة 2040 وربما أكثر.

وتعتبر هذه الطائرة حاسمة في الحروب ولم تسقط منها أي طائرة في أي حرب. فقد استعملتها الولايات المتحدة في كل الحروب التي خاضتها من الفيتنام الى ضرب داعش والجيش السوري مرورا بأفغانستان ولاسيما العراق. وهي تطبق ما يعرف عسكريا ب   Carpet bombingأي استعمال عشرات القنابل دفعة واحدة لضرب فيلق أو ورطل كبير من الدبابات والمدرعات وعموما الأهداف العسكرية الصلبة.

واستعمال هذه الطائرات مكلف للغاية وخاصة في المناورات، ولهذا يأتي استعمالها في المناورات التي جرت في المغرب للرد على سيناريوهات مواجهات حربية كبرى مفترضة مستقبلا. ومن ضمن العوامل هو الرد على المقنبلات الاستراتيجية الروسية تو 160 التي بدورها تواجدت في منطقة مضيق جبل طارق وأجواء أوروبا الغربية عبر عمليات تحليق.  ومما يزيد من هذا الاحتمال أنها شاركت في مناورات الى جانب المقاتلات الأمريكية ف 15 المتمركزة في قاعدة لاكنهيث البريطانية والمكلفة بالمشاركة في مراقبة سلاح الجو الروسي الذي يحلق في شمال أوروبا وحتى مضيق جبل طارق.

وعليه، يدخل استعمالها في هذه المناورات في إطار عودة الحرب الباردة بين روسيا والغرب، وهو المعطى الذي يفسر عودة البنتاغون العمل بالأسطول الثاني المخصص للأطلسي. وهناك رأي آخر ولكنه مرتبط بما جرت الإشارة إليه، يبرز أن الولايات المتحدة توظف كل مرة عتادا حربيا في مناورات “الأسد الإفريقي” يتماشى وحجم السفن والغواصات الروسية التي قد تكون زارت منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط والواجهة الأطلسية، وكذلك تماشيا مع العتاد العسكري المتطور الذي تتوصل به الجزائر. وتفترض السيناريوهات العسكرية الأمريكية بانضمام الجزائر الى روسيا في حالة حرب شاملة، لاسيما بعدما زودت موسكو الجزائر من منظومة عسكرية جد متطورة وهي مضادات الطيرات إس 400 وصواريخ إسكندر.

 صورة المقنبلة ب 52 في عملية قصف حيث تطلق عشرات القنابل

Sign In

Reset Your Password