لماذا يغيب المغرب والجزائر عن البعثة الإفريقية المرتقبة إلى موسكو وكييف للوساطة في الحرب

العلم المغربي والعلم الجزائري

جرى تشكيل وفد مكون من ست دول إفريقية للوساطة في الحرب الروسية-الأوكرانية، وبدا لافتا تغيب دول المغرب العربي عن الوفد بشكل مثير للتساؤلات، حتى وإن كان لأسباب موضوعية وذاتية.

وتأتي المبادرة الإفريقية فيما فشلت مساعي السلام في الحرب الحالية. فلا يبدو أن وساطة الصين قد تسفر عن ثمار بحكم رؤية الغرب وأوكرانيا لبكين كطرف مساند للكرملين أكثر منه من وسيط نزيه. وذلك بسبب الدعم العسكري غير المعلن أو الرفع من مستوى التبادل التجاري لصالح روسيا لكي تنقذ بكين الاقتصاد الروسي من الانهيار.

وإضافة إلى الصين، جاءت مساعي السلام من دول مثل البرازيل. والآن تتوجه الأنظار باحتشام الى المبادرة الإفريقية التي أعلنها رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، الأسبوع الماضي، مؤكدا مشاركة ست دول في بعثة السلام والتي ستشمل، بالإضافة إلى بلاده، السنغال وزامبيا، والكونغو، وأوغندا ومصر. وأعلن كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فلوديمير زيلنيسكي استقبال البعثة.

ويبقى المثير في هذه البعثة هو غياب أي دولة من دول المغرب العربي عنها، المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، لا سيما البلدين الأولين بسبب حجمهما وتأثيرهما في القارة السمراء. وبالتالي، غياب الاتحاد الإقليمي “المغرب العربي” عن هذه البعثة، علما أن قوانين الاتحاد الإفريقي تنص دائما على ضرورة إشراك ممثلين عن الاتحادات القارية. وهذا الغياب يعود إلى أسباب متعددة منها:

في المقام الأول، أن البعثة الإفريقية تريد مشاركة رؤساء الدول في الوفد وليس ممثلين برؤساء الحكومات أو وزراء الخارجية. واعتاد ملك المغرب محمد السادس عدم المشاركة في الوفود الدولية عكس ما كان يحدث في عهد أبيه الملك الحسن الثاني. وبدورها، لا تحبذ الجزائر أن يكون رئيسها ضمن وفد وليس في رئاسته. وتوجد لدى الجزائر حساسية في هذا الشأن. ومن ضمن الأمثلة، عدم مشاركة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قمة جامعة الدول العربية في الجزائر منذ شهور، تلاه غياب الرئيس عبد المجيد تبون عن قمة الجامعة العربية في الرياض الأسبوع الماضي.

في المقام الثاني، يرى المراقبون أن المغرب والجزائر من الدول التي انخرطت في الاستقطاب السياسي وكذلك العسكري وإن كان بشكل نسبي في الحرب الروسية-الأوكرانية. في هذا الصدد، رفضت الجزائر التنديد بالغزو الروسي وهو ما فعله المغرب في البدء. غير أن الجزائر أجرت مناورات عسكرية مع روسيا خلال السنتين الماضية والجارية، وهو يعد بمثابة إعلان دعم غير مباشر لموسكو. وبدوره، امتنع المغرب عن إدانة الغزو الروسي، غير أنه حضر السنة الماضية قمة رامشتاين في ألمانيا بشأن توفير الدعم العسكري لأوكرانيا. وعليه، سترى أوكرانيا الحضور الجزائري في الوفد بعين من التحفظ إن لم يكن الرفض، ويحدث الأمر نفسه مع روسيا في موقفها من المغرب. وما سيزيد من توجس روسيا تجاه المغرب هو استقبال الرباط لوزير خارجية أوكرانيا يوم الاثنين من الأسبوع الجاري.

في المقام الثالث، تدريجيا، بدأت دولة جنوب إفريقيا تحجز لنفسها مكانة الناطقة باسم القارة السمراء لتزعمها ما يعرف “التيار المستقل” وسط الاتحاد الإفريقي الذي يدافع عن مصالح القارة أساسا، ثم عضويتها في مجموعة “البريكس” التي منحتها حضورا دوليا قويا. ويغيب المغرب عن أي مبادرة لجنوب إفريقيا. في المقابل، عادة ما يتم اعتبار المغرب والجزائر بأنهما دولتان محسوبتان على العالم العربي وعلى البحر المتوسط أكثر منها على الدول إفريقية. وعمليا، عندما يعلن رؤساء القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة جولات في إفريقيا تحت يافطة تعزيز النفوذ في القارة السمراء، لا تشمل الجولة أي بلد من المغرب العربي بما فيه المغرب والجزائر. ولم يسبق لأي رئيس أمريكي أن زار المغرب العربي في أي جولة إفريقية، بل حتى عربية خلال الخمسين سنة الأخيرة. وتاريخيا، زار رئيس أمريكي واحد منطقة المغرب العربي، وكان هو دوايت إيزنهاور سنة 1959، واقتصرت زيارته على المغرب فقط.

Sign In

Reset Your Password