في ظل تحفظ فرنسي، اسبانيا وتركيا نحو تنسيق سياسي واقتصادي وعسكري

الرئيس التركي طيب رجب أردوغان ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتيش

بدأت  تركيا تجد في اسبانيا حليفا رئيسيا في الاتحاد الأوروبي، حيث اتفق البلدان على قرارات هامة على رأسها التنسيق في الصناعة الحربية لصناعة حاملة طائرات والغواصات. وتأتي سياسة مدريد مخالفة لباريس في وقت كانت تنادي فيه الأخيرة بالتشدد تجاه الرئيس طيب رجب أردوغان.

واحتضنت العاصمة أنقرة الأربعاء من الأسبوع الجاري القمة السابعة لرئيسي حكومتي البلدين، وأجرى رئيس حكومة اسبانيا بيدرو سانتيش مباحثات هامة مع المسؤولين الأتراك وعلى رأسهم الرئيس طيب رجب أردوغان. وجرى الاتفاق على عدد من القرارات منها الرفع من مستوى التبادل التجاري من 12 مليار يورو في الوقت الراهن الى عشرين مليار يورو خلال الأربع سنوات المقبلة. وكتبت جريدة إكونومنيستا أن البلدين يتوفران على مؤهلات لتحقيق هذا الرقم بسرعة خاصة بعدما تحولت تركيا الى خامس شريك اقتصادي لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي بعد كل من الصين والولايات المتحدة وبريطانيا والمغرب. وتنهج تركيا سياسة اقتصادية ذكية وهي تطوير العلاقات الاقتصادية مع الدول التي لا تعاديها سياسيا.

وأبرزت القمة مجددا رهان البلدين على بعضهما. في ارتباط بهذا، تراهن اسبانيا على تركيا كقوة صاعدة في البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط اقتصاديا وسياسيا، وترغب في أن تكون من مخاطبيها الرئيسيين ليس في الاتحاد الأوروبي بل في الغرب كذلك. وكانت مدريد دائما تدافع على انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي، وجدد رئيس الحكومة بيدرو سانتيش هذه الرغبة خلال القمة الثنائية.

وتعطي تركيا أهمية كبيرة لإسبانيا، فعلاوة على كونها حليفا سياسيا رئيسيا وسط الاتحاد الأوروبي وقناة حوار هامة إبان الأزمات مع الغرب، ترى في اسبانيا مساعدا رئيسيا على تطوير صناعتها الحربية. وبدورها تراهن مدريد على التنسيق الصناعي الحربي. وترغب اسبانيا الاستفادة من صناعة تركيا للطائرات بدون طيار، حيث تفوقت على دول أوروبية في الصناعة الحربية. ويوجد حديث وسط الأوساط العسكرية الإسبانية عن النية في اقتناء هذه الطائرات بدون طيار التركية.

وتعد اسبانيا هامة للصناعة الحربية البحرية التركية، إذ تعمل شركة نفانتيا الإسبانية  رفقة التركية على إنهاء صناعة أكبر سفينة حربية تركية وهي “لأناضول” التي ستدخل الخدمة خلال الشهور المقبلة. وتولت نفنتيا الهندسة والجانب التقني بينما تكلفت شركات تركية بالعتاد الحربي. وكانت السفينة  التي تعد حاملة طائرات متوسطة نسبيا (231 متر طولا)، معدة لاستقبال الطائرات التي تطير عموديا وهي ف 35 ب الأمريكية، لكن قرار واشنطن بإبعاد تركيا من اقتناء الطائرة بسبب شرائها لنظام إس 400 الروسي المضاد للطائرات. وطلب أردوغان هذا الأربعاء من اسبانيا التفكير في صناعة حاملة طائرات أكبر من “الأناضول”.

وتنشر جريدة الباييس هذا الخميس أن تركيا تفكر في التنسيق لصناعة غواصات من نوع س-80، حيث تعد اسبانيا دول متقدمة في صناعة الغواصات. ورغم اقتناء تركيا ست غواصات المانية، فهي ترغب في الحصول على التكنولوجيا لصناعتها، وترى في اسبانيا خير حليف.

ويرى خبراء الصناعة الحربية أن التنسيق بين البلدين في مجال الصناعة العسكرية قد يجعلهما يحققان تقدما سريعا في هذا المجال وسيحققان التكامل، إذ سيكون التعاون شاملا في سلاح الجو والبحر وكذلك الأقمار الاصطناعية.

اسبانيا وتركيا يصنعان سفينة حربية مثل سفينة خوان كارلوس الأول (الصورة) التي توجد في سلاح البحر الإسباني

تركيا واسبانيا يصنعان صفينة شبيهة بهذه السفينة الحربية خوان كارلوس

ويعد التقارب التركي-الإسباني مقلقا لفرنسا التي ترغب في موقف موحد من تركيا ستجلى في التقليل من العلاقات السياسية وكذلك الحد من تفويت التكنولوجيا الحربية إليها. ويعود هذا الى المنافسة الشديدة التي تعشر بها فرنسا من طرف تركيا في البحر الأبيض المتوسط ولاسيما في الملف الليبي الذي تسبب في أزمات كبيرة كذلك في التنقيب عن النفط في مياه شرق المتوسط. وتحاول فرنسا منذ أكثر من سنتين تبني سياسة أوروبية متشددة تجاه تركيا خاصة سنة 2020 حيث طالب علانية بعقوبات اقتصادية ضد تركيا، وكان وزير خارجية فرنسا جان لودريان قد طالب يوم 5 نوفمبر من السنة الماضية بعقوبات أوروبية ضد تركيا.

وتشير كل المعطيات الى فشل سياسة باريس في فرض عقوبات أوروبية على تركيا. ومن عناوين هذا الفشل التنسيق التركي-الإسباني والذي يهم أساسا المجال العسكري. وبدورها تتبنى إيطاليا سياسة شبيهة لإسبانيا وبعيدة عن تصور فرنسا.

 

Sign In

Reset Your Password