فضيحة تجسس بريزم تلقي الضوء على أخطر جهاز تجسس أمريكي “وكالة الأمن القومي” التي كان لها تواجد بالقرب من طنجة

وكالة الأمن القومي الأمريكي التي تراقب العالم

 تستمر فضيحة تورط الحكومة الأمريكية في التجسس على مواطنيها ومواطني العالم عبر اختراق خوادم شركات المعلوميات والتواصل الكبرى مثل غوغل وأبل وياهو الفايسبوك وميكروسوفت في التفاعل سياسيا. وشكلت هذه الفضيحة مناسبة لإلقاء الضوء على دور أخطر وكالات التجسس الأمريكية وفي العالم التي تقوم بهذا العمل وهي وكالة الأمن القومي التي لا ينحصر دورها في مكافحة الإرهاب بل في تعزيز سيطرة واشنطن على العالم من خلال جمع المعلومات. وهذه الوكالة كان لها تواجد ميداني في المغرب خلال العقود الماضية.

واندلعت هذه الفضيحة الأسبوع الماضي عندما نشرت الجريدة البريطانية ذي غارديان والأمريكية الواشنطن بوست مقالات تتحدث فيه عن وجود برنامج سري للمخابرات الأمريكية يتم بموجبه اختراق جميع المكالمات والشات والبريد الالكتروني للأمريكيين وجميع المسجلين من باقي العالم في كبريات الشركات مثل غوغل وياهو وميكروسوفت والفايسبوك.

وتبين لاحقا أن موظفا في المخابرات الأمريكية وهو شاب اسمه إدوارد سنوودين لجأ الى هونغ كونغ هو الذي سرب المعلومات عن هذا البرنامج الذي يسمى بريزم ويتجسس على جميع الناس بدون استثناء وليس فقط المشكوك فيهم. وبرر ذلك بأ،ه غير متفق مع سياسة التدخل في الحياة الخاصة للناس.

وهذه الفضيحة تشكل تحديا قويا للرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي أعلن في مناسبات متعددة احترامه للقيم الأمريكية باحترام حياة الناس ولكنه الآن يخرقها. كما تشكل مناسبة لإلقاء الضوء على وكالة الأمن القومي التي تعتبر من أخطر وكالات الاستخبارات الأمريكية والعالمية.

وتأسست الوكالة سنة 1952 لتؤمن الاتصالات في الولايات المتحدة والغرب إبان الحرب الباردة من خلال تشفيرها وفك شفارات المعسكر الشرقي، ولم تعترف الدولة الأمريكية بوجودها حتى نهاية القرن العشرين. وتستمر في التستر على الكثير من المعطيات الخاصة بها رغم أنها تشغل 38 ألف موظف وتتجاوز ميزانيتها 20 مليار دولار، ويرأسها جنرال من ثلاثة نجوم يكون خبيرا في الاستخبارات العسكرية، ويديرها حاليا الجنرال كيث ألكسندر الذي يعينه البنتاغون ولا يحتاج الى موافقة الكونغرس بل فقط موافقة الرئيس.

وتعمل وكالة الأمن القومي على مراقبة جميع الاتصالات العالمية وليس فقط المواطنين الأمريكيين، وتشرف على برنامج التجسس الشهير إيشلون الذي شاركت فيه فقط الدول الأنجلوسكسونية وهي الولايات المتحدة وبريطانيا ونيوزيلندا وكندا وأستراليا. وتعمل الوكالة على حل شفرات جميع الاتصالات، ولهذا فأغلب موظفيها من المختصين في الرياضيات والترجمة والتاريخ.

فضيحة بريزم جزء من إيشلون للتجسس العالمي

وتبرز بعض المقالات التي نشرت في الصحافة الدولية مثل نيويورك تايمز وذي غارديان ولوموند أن برنامج التجسس الحالي بريزم، سبب الفضيحة، هو جزء من البرنامج العملاق إيشلون.

وبرنامج إيشلون يسمح للولايات المتحدة الحصول على المعلومات في العالم للمساهمة في استمرار قوتها ونفوذها. وانفجرت فضيحة إيشلون سنة 2000 عندما توصل الفرنسيون والألمان الى أن نظام التجسس الذي تستخدمه وكالة الأمن القومي يجعلها تحصل بطريقة غير قانونية على معلومات الصفقات التجارية وتقدمها للشركات الأمريكية لتقديم صفقات مضادة. ويتعلق الأمر بصفقات بالملايير من الدولارات. وفتح البرلمان الأوروبي تحقيقا وندد بهذا البرنامج الذي لم يعد متخصصا في الصين روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ودول أخرى بل حتى في التجسس على الحلفاء.

وتفيد الدراسات التي ينجزها باحثون والواردة في كتب حول هذه الوكالة أن مراقبتها للمكالمات ونجاحها في اختراق مختلف الاتصالات يجعل الولايات المتحدة لا تراقب فقط المشكوك فيهم بل كذلك مراقبة العلماء والخبراء وأصحاب المواهب وتعمل لاحقا على استقطابهم للولايات المتحدة.

وتعاني الوكالة مؤخرا من منافسة من دول مثل الصين والهند وروسيا التي حققت تقدما في الاتصالات ولا تتردد حتى في مهاجمة أنظمة الوكالة نفسها.

المغرب و وكالة الأمن القومي الأمريكية

وخلال الستينات وحتى أواخر الثمانينات عندما كانت الأقمار الاصطناعية أقل تطورا مقارنة مع اليوم، كان لوكالة الأمن القومي الأمريكية نقط مراقبة منتشرة في أماكن متعددة من العالم حتى تتمكن من التقاط المكالمات خاصة للسفن الحربية. ومن الدول التي سهلت لها التواجد في أراضيها، المغرب.

ومنح الملك الراحل الحسن الثاني أراض للوكالة إقامة قاعدة تنصت بالقرب من مدينة طنجة بحكم مرور خطوط الهاتف التي تربط بين إفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وكذلك مرور سفن حربية تابعة للمعسكر الشرقي من مضيق جبل طارق. وكان سكان طنجة يتحدثون كثيرا عن شبكات ولاقطات اتصالات ضخمة في الطريق نحو أصيلا  والتي كان يقدمها المغرب أنها تابعة لمصلحة الاتصات السلكية واللاسلكية، بينما كانت في خدمة وكالة الأمن القومي الأمريكي. ونظرا لتقدم الأقمار الاصطناعية، لم تخلت وكالة الأمن القومي عن قاعدتها في طنجة مثل الكثير من مناطق العالم.

Sign In

Reset Your Password