فرنسا تحصي ضحاياها من الجنود في المغرب العربي إبان حرب التحرير والمغاربيون بدون بلورة خطاب تاريخي بشأن التعويض

الرئيس الفرنسي فرانسوا هولند

بلغ عدد الجنود الفرنسيين الذين لقوا حتفهم في المغرب والجزائر وتونس حوالي 25 ألف جندي ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى حصول هذه الدول على استقلالها. ولا يوجد سجل للضحايا المغاربيين، كما تتردد الدول الثلاث في بلورة خطاب يطالب بتعويضات، وإن كانت في بعض المناسبات تهدد بطرح هذا الملف.

ونشرت جريدة ليبراسيون الفرنسية منذ ثلاثة أيام نتائج تقريرا/خريطة يبرز نسبة الجنود الفرنسيين الذين لقوا حتفهم في عمليات عسكرية في الخارج بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الوقت الراهن، ويتضمن النزاعات وعدد القتلى والمدة الزمنية لكل نزاع.

 والتقرير/الخريطة الذي هو من  إنجاز لجنة من الخبراء المؤرخين يؤكد على أن أكبر نسبة من القتلى الجنود يتزامن والحروب الاستعمارية بعد الحرب العالمية الثانية حيث انتفضت دول المغربي العربي والكاميرون والهند الصينية ضد الاحتلال الفرنسي.

وعلاقة بالمغرب العربي، يتحدث التقرير عن مقتل 753 في المغرب ما بين 1953 و1955، وهي المدة الزمنية التي شهدت اندلاع انتفاضة تحرر ضد الاستعمار. وعلاقة بتونس، فقد لقي 503 جنديا فرنسيا حتفهم خلال المدة نفسها، بينما يختلف الأمر في حالة الجزائر بسقوط 23 ألف 635  جنديا ما بين 1954 الى 1962، حيث كانت الثورة الجزائرية دموية للغاية.

وهذه الأرقام تخفي حقائق أخرى وهي أن نسبة الجنود الفرنسيين الذين لقوا حتفهم في عمليات الاستعمار كانت مكلفة، وفي غياب أرقام حقيقية، فالأمر في حالة المغرب يتعلق بأكثر من عشرة آلاف جندي ما بين 1912-1930. في الوقت ذاته، لا يبرز التقرير هل يتعلق الأمر فقط بجنود يحملون الجنسية الفرنسية أم كذلك بالجنود القادمين من المستعمرات.

في الوقت ذاته، هناك جانب آخر من هذا الملف الذي لم يتطرق مؤرخو فرنسا له ويتعلق الأمر بالضحايا المدنيين وأفراد المقاومة المسلحة الذين عمليا يصعب إحصاءهم. وتفيد التقديرات غير المحددة بأن الرقم مهول في حالة المغرب العربي.

وتحاول جمعيات غير حكومية وأخرى سياسية ومؤرخين في المغرب العربي بلورة خطاب بشأن مطالبة فرنسا بفتح ملف ضحايا الاستعمار الفرنسي في هذه المنطقة وتقديم تعويضات. ولم تنجح المبادرة حتى الآن، لسببين، الأول، ويتجلى في افتقار هذه الجهات لميزانية البحث العلمي، والسبب الثاني هو غياب دعم سياسي مؤسساتي من دول المغرب العربي.

وعلاقة بالدول، فبين الحين والآخر توظف الجزائر مطالبة فرنسا بالتعويض والاعتراف بجرائم الاستعمار في خطابها الدبلوماسي، لكنها لا تقدم على خطوات ومبادرات ملموسة. وفي حالة المغرب، يغيب هذا الخطاب ويحضر فقط في حالة اسبانيا بسبب الحرب الكيماوية في العشرينات. وإبان الأزمة الأخيرة بين الرباط وباريس، ارتفعت أصوات بعض الجمعيات تطالب فرنسا بالتعويض، ولكنها تراجعت بعد المصالحة.

وترفض فرنسا الاعتراف الكامل بما ارتكبته من جرائم، وكان الرئيس السابق نيكولا ساركوزي يرفض الحديث عن جرائم بل يتحدث عن مهمة حضارية لفرنسا في تمدين الشعوب التي استعمرتها.

Sign In

Reset Your Password