“سيدي الرئيس اوباما .. القوة العسكرية هي أداة لا ترحم”!

حاملة طائرات امريكية

 

 إفتتاحية كبير موظفي وزير الخارجية السابق كولن باول

 

بعد سماعنا للنداء العاطفي لوزير الخارجية جون كيري، يحملنا تصديق المعلومات المخابراتية الغامضة بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، إلي السعي للحصول على إجابات أكثر موضوعية من إدارة الرئيس باراك أوباما.

إذا وضعنا جانبا الغموض المتبقي وكذلك خبرات كل من تجاوز 60 عاماً من العمر ممن لديهم تأكيدات قاطعة بأن الإدارة سوف تعلمهم قبل استخدامها للقوة العسكرية، فإن السياق الأساسي حول استخدام القوة العسكرية ضد سوريا لا يزال يحتاج إلى تحليل مكثف.

فلننسى أولئك الأطفال المولودين قبل الأوان والمجردين من مهدهم في أقسام الولادة بالكويت، الذين قيل في وقت لاحق إنهم من نسج خيال دعاة الحرب.

ولننسى اليقين المطلق الذي أكد فيه كل مدراء إدارة جورج دبليو. بوش للشعب الأمريكي على وجود أسلحة الدمار الشامل لدى صدام حسين.. ولننسى للحظة تصريحات جون كيري العاطفية بشكل مفرط حول سوريا.

ولننظر في بعض الحقائق.

أولاً، لقد مات عشرات الآلاف من الكوريين الشماليين من الجوع الذي فرضه عليهم إثنان على الأقل من أحدث الطغاة في جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية.

ربما كان الإحتضار من الجوع أفضل من الموت بالمواد الكيميائية بطريقة أو بأخرى؟..

.. ربما ليس لدي كوريا الديمقراطية النفط.. ولا إسرائيل؟

بالطبع، هناك أمثلة أخرى من الطغاة الغادرين والآلاف الذين يموتون، لذلك أين يمكن للمرء أن يرسم الخط الفاصل للموت في المستقبل؟.

ثانياً، كيف يمكن للمرء ضرب سوريا بأسلوب جراحي، كما تؤكد ادارة اوباما انها ترغب في أن تفعل ذلك؟ أي أنها ستقوم بإستخدام القوة العسكرية دون أن تصبح أحد المشاركين في الصراع الدائر، وذلك ببساطة لإرسال إشارة إلى أن استخدام الأسلحة الكيميائية لن يتم التسامح معه؟.

كوسوفو هو مثال رديء -حيث تحولت الثلاثة أيام الموعودة من القصف، والدكتاتور الذي سينهار سريعاً- إلى 78 يوماً طويلة ولتهديد حقيقي من القوات البرية الأمريكية قبل سقوطه الفعلي.. ناهيك عن الموت والدمار الذي أحدثه في صربيا.

أما ليبيا، فهي مثال رديء لأن ليبيا هي الآن ملاذ لتنظيم القاعدة وجارتها المجاورة مالي تعاني من زعزعة استقرارها جراء ذلك. أما ليبيا نفسها فهي ليست مستقرة – ما عدا في أعين أولئك الذين لم يعودوا يريدون أن يروا الحقيقة. وبالطبع يبدو أن النفط الخام الخفيف مازال يتم تصديره إلى الأشخاص الذين يريدونه..

أما مصر فهي تتفكك، والعراق يعود إلى الحرب الأهلية، ولبنان يعاني من زعزعة استقراره جراء تدفق اللاجئين عليه من سوريا، والأردن في وضع مشبوه بعد أن استوعب أعداداً لا تحصى من العراقيين ويستوعب الآن المزيد من السوريين.

والسؤال هو كيف ستقوم صواريخ كروز والقنابل وغيرها، مما سنرسله إلى سوريا، دون أي من القوات البرية، بتحسين حالة الفوضى هذه؟.

كذلك، ماذا سنفعل عندما يتجاهل الرئيس بشار الأسد صواريخنا وقنابلنا ويستمر في حربه؟ ربما قد يستخدم الأسلحة الكيميائية لتحقيق ذلك؟ هل سنقوم بضربه مرة أخرى؟ يجب ألا ننسى إننا لن نصبح مشاركين في الحرب الأهلية، وأننا لن نتملك سوريا.

فالرجل الذي يعتقد أو المرأة التي تعتقد أن هناك حل جراحي بالقوة العسكرية يتسمان بالحماقة المطلقة.

لا توجد خطة تستطيع النجاح أمام أول تعامل مع العدو. ولا يوجد استخدام جراحي للقوة العسكرية. فالقوة العسكرية حادة، ولا ترحم، وتميل إلى تحقيق نتائج وتأثيرات لم يحلم بها من يستخدمها أبدا.. نتائج لا يمكن تصورها مسبقاً.

إمضي قدما أيها الرئيس أوباما. ووجه ضربة عسكرية لطفل القطران السوري، إذا لم تلتصق يديك وقدميك ورأسك في نهاية الأمر في أحضان هذا الهجوم الوحشي –لكن إذا توقفت عندئذ، وقمت بإعادة النظر، وتراجعت وأفلتت من العقاب –فما الذي أنجزته؟ الحفاظ على مصداقيتك؟.

ألا تعلم يا سيادة الرئيس، أن مصداقية الولايات المتحدة في هذا الجزء من العالم قد ذهبت الجحيم بالفعل -إلى حد كبير بسبب الغزو الكارثي للعراق (ليس خطأ أوباما، ولكنه خطأ أميركا.. الأجانب لا يفرقون بين الرؤساء).

كما تحطمت أيضا مصداقية أمريكا أكثرا فأكثر بسبب إستمرار هجمات الطائرات بلا طيار، ونتيجة لعدم اتخاذ أية إجراءات ضد تدفق الأسلحة من المملكة العربية السعودية إلى سوريا، وبسبب الدعم الضمني للتعزيز السعودي للدكتاتورية في البحرين.. والأهم.. الفشل في تحقيق التوازن في قضية إسرائيل وفلسطين.

الغضب يهيمن علي كياني عندما أنظر لوقت طويل إلى جدار الجرانيت الأسود بالقرب من نصب لنكولن التذكاري، وأتفحص أكثر من 58,000 إسما محفورا على ذلك النصب، وأفكر في المليونين ونصف مليون من الفيتناميين الذين، إذا كان لديهم مثل هذا النصب، سيتم إدراج أسمائهم عليه.

وأنا أعرف أن فريق الرئيس ليندون بي. جونسون -خصوصا ماك جورج بندي مستشاره للأمن القومي- كانوا قد أكدوا للرئيس أن هيبة الولايات المتحدة كانت على المحك في فيتنام. وكان فريق جونسون يعرف أنهم لن يتمكنوا من كسب الحرب، لكنهم اعتقدوا أنه يمكنهم الحفاظ على هيبة الولايات المتحدة .

أنا أتمنى فقط لو أنهم اضطروا لأن يقولوا ذلك لجميع أسر الموجودين على هذا النصب -ولكل الفيتناميين الذين كانوا سيوضعون على نصب بلادهم-: لقد متم جميعاً من أجل هيبة أمريكا.

 

*لورنس ولكرسون حدم 31 عاماً في مشاة الجيش الأمريكي. وكان آخر منصب حكومي شغله هو كبير موظفي وزير الخارجية كولن باول. وهو حاليا يدرس الحكم والسياسة العامة في كلية وليام وماري

Sign In

Reset Your Password