روسيا سلحت الجزائر بعتاد متطور ليس ضدا في المغرب بل لتفادي تعرضها لتدخل أجنبي إبان الربيع العربي

صواريخ إسكندر

كشف الرئيس الروسي فلادمير بوتين في خطابه أمام الجمعية الفيدرالية الخميس الماضي باستعداد بلاده الرد بالنووي على أي هجوم يتعرض له حلفاء موسكو. وهذا الاعلان الذي يعتبر تحديا حقيقيا للغرب طبقته موسكو نسبيا في حالة الجزائر في صيغة مختلفة بتزويد هذا البلد المغاربي بأسلحة متطورة مثل إس 400 وصواريخ إسكندر .

وأظهرت روسيا  بتدخلها في سوريا الدفاع عن حلفاءها من جهة وكذلك الحفاظ على موقع استراتيجي لها في البحر الأبيض المتوسط، قاعدة طرطوس، وها هو بوتين يرفع من الالتزام بالدفاع عن الحلفاء الى مستوى الرد بالسلاح النووي، في إشارة الى الرد على أي هجوم ينفذه الحلف الأطلسي أو الولايات المتحدة على حليف للكرملين. ولم يكتفي بالكلمات بل استعرض صاروخ سمارت الذي يتجاوز فعالية الذرع الصاروخي الأمريكي.

وهذا التعهد بالدفاع عن الحلفاء طبقته روسيا بشكل غير مباشر في حالة الجزائر. وكانت تقارير موسكو تشير الى نية الغرب التدخل في الجزائر خلال الربيع العربي عبر تأجيج الأوضاع مستغلا التذمر من الجدل الذي رافق ترشح عبد العزيز بوتفليقة الى ولاية رئاسية رابعة سنة 2014، أو عبر نقل الفوضى من ليبيا من خلال جماعات مسلحة. وكان الوزير الأول السابق عبد مالك سلال قد أكد منذ سنوات بتحول بلاده الى هدف للمؤامرات الخارجية، كما أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف كان قد صرح خلال مارس 2014 الى وجود مخطط لضرب الجزائر انطلاقا من جماعات مسلحة ومتشددة عبر تونس ومالي وليبيا واستغلال المشاكل الاثنية للتدخل. وكان خبير في العلاقات جيوسياسية قد أكد لجريدة القدس العربي “الجزائر حليفة روسيا، والولايات المتحدة لديها الذرع الصاروخي في قاعدة روتا جنوب اسبانيا لمواجهة الصواريخ الروسية، والقرب الجغرافي هو خطر حقيقي، وأمام الغرب حلان، العمل على تغيير نوعية الحكم في الجزائر ليميل الى الغرب أو إحداث الفوضى فيه للتدخل. وبعدما فقدت روسيا ليبيا وكانت على وشك فقدان سوريا، لن تغامر بفقدان الجزائر كحليف سياسي رئيسي وحليف عسكري في حالة نزاع دولي كبير”.

تصريحات لافروف جاءت شهورا قليلة بعد القلق الكبير الذي سيطر على الجزائر بعدما قام البنتاغون بنشر قوات المارينز في قاعدة مورون في إشبيلية سنة 2013. وكشفت التقارير وقتها بأن هدف القوات هو التدخل في حالة اضطرابات في دول شمال إفريقيا. ولم تكن هذه القوات مخصصة لليبيا لأن قوات المارينز في إيطاليا كانت هي المكلفة بهذه المهمة. ويضاف الى ذلك اشتعال الجنوب الجزائري باضطرابات اجتماعية وسياسية. ومما زاد من القلق هو تصريح بروس ريدل الذي عمل مستشارا لأربعة رؤساء ومن ضمنهم باراك أوباما في ولايته الأولى قد صرح في ندوة في معهد ريال إلكانو للدراسات الاستراتيجية في مدريد سنة 2013 أن الربيع العربي سيجرف الجزائر عما قريب.

وفي أعقاب تصريحات بوتين بالدفاع عن الحلفاء، بدأت تتضح الخطوط العريضة لقرار روسيا تزويد الجزائر بأسلحة متطورة للغاية في تلك الفترة الحساسة. ولم يكن الغاية منها هو تغذية سباق التسلح مع المغرب لأن هذا الأخير لن يهاجم الجزائر نهائيا،  بل لجعل الجزائر تتوفر على قوة ردع ضد سيناروهات التدخل الغربي إذا ما حاول تكرار سيناريو ليبيا بالتدخل الجوي تحت غطاء محاربة الجماعات المسلحة التي كان يفترض أنها ستتسلل الى الجنوب الجزائري.

وعمليا، قامت روسيا بتزويد الجزائر بنظام إس 400 المضاد للطيران والذي يعتبر الأحسن في العالم وقادر على مواجهة كل الطائرات الغربية مهما كانت قوتها بما فيها الرافال وإف 35. كما قامت سنة 2014 أو سنة 2013 بتزويدها سرا بصواريخ “إلكسندر” التي توصف بالمرعبة لأنها ذات سرعة فائقة وقوة تدميرية هائلة بما فيها ضرب السفن الحربية في عرض البحار أو ضرب أهداف في الأراضي الأوروبية الجنوبية ولا يمكن اعتراضها بسهولة. ولم تعلن الجزائر عن اقتناء هذه الصواريخ بل جاءت في نشرة للأمم المتحدة سنة 2015.

امتلاك الجزائر هذه الأسلحة المتطورة وتواجد سفن حربية روسية في غرب البحر الأبيض المتوسط كان من جهة رادعا للغرب لتفادي التسبب في نزاعات في الجزائر لأن قطعة سلاح استراتيجية واحدة قادرة على تغيير مسار نزاع أو قضية، ومن جهة أخرى تطبيق روسيا لمفهوم الدفاع عن الحلفاء الذي يجعل منه فلادمير بوتين الآن عقيدة رئيسية في تصوره للدفاع عن أمن روسيا وحلفاءها.

Sign In

Reset Your Password