رأي ألف بوست: الوضع الاجتماعي المتأزم يتطلب تسطير خريطة طريق لتنمية واقعية

من تظاهرات جرادة

تبرز مختلف الأرقام التي تقدمها الهيئات الرسمية والدولية حول الاقتصاد المغربي هشاشة هذا الاقتصاد الذي يستمر مرتبطا بسقوط الأمطار ويعجز عن الرهان على القطاع الخاص وخاصة في شقه الصناعي والخدمات.

وقدم صندوق النقد الدولي مؤخرا أرقاما تفيد باستحالة تجاوز النمو الاقتصادي المغربي 3% خلال سنة 2018، كما جاءت إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط التي يديرها لحليمي لتقدم رقما أقل خلال بحر الأسبوع الجاري، وهي المؤسسة التي تكون دراساتها أغلب الى الواقع من خطابات التفاؤل غير الواقعية للحكومة وهيئات أخرى. ويعتبر المغرب من الدول القليلة في العالم الذي يقدم تكهنات في البدء لا علاقة لها بالواقع في مجال الاقتصاد.

وفي دولة مثل المغرب تعيش أزمة اقتصادية خانفة وتنعكس على ما هو اجتماعي وشريحة هامة من الشباب في هرم الساكنة، يبقى كل معدل نمو اقتصادي دون 6% مؤشرا حقيقيا على استمرار الأزمة بل واستفحالها، وهذا سيترتب عنه تعميق المشاكل الاجتماعية. ويبدو الأمر أكثر خطورة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن معدل النمو في المغرب رهين بالمساعدات الاجتماعية القادمة من الخليج والغرب ليس كله نتاج دينامية الاقتصاد المغربي.

وعمليا، الخريطة الاجتماعية المغربية أصبحت بمثابة برميل بارود ينفجر في هذا المكان أو ذاك، فمن الريف الى جرادة ومن إيفني الى أوطاط الحاج هناك احتجاجات، بينما تعيش أحياء في المدن المتوسطة والكبرى احتجاجات على غلاء المعيشة وغلاء أسعار خدمات مثل الماء والكهرباء.

طيلة السنوات العشر الأخيرة، ينتقل المغرب اجتماعيا واقتصاديا من وضع أسوء الى ما هو أسوء منه. وتحاول الدولة احتواء المطالب عبر تنمية زائفة وقبضة أمنية كما فعلت في الريف أكثر من تبني استراتيجية تنمية حقيقية تمر عبر إعادة النظر في كيفية توزيع الثروة بشكل عادل ومتساو.

لقد وصل المغرب الى مستوى من الضعف الاجتماعي الذي ينذر بكارثة حقيقية لن تنفع معها الاعتقالات والتضييق على حرية التنظيم والتعبير والاحتجاج. وهذا الوضع المقلق يتطلب من مسؤولي البلاد، أولا الوعي الحقيقي بالخطورة ثم التفكير الجدي في وضع خريطة تنمية عميقة بعيدة عن تصورات سطحية هيمنت خلال العقد الأخير وقادت الى الوضع الكارثي الحالي، هذا الوضع الذي بدأ ينفجر وقد يقود الى انفجار يصعب السيطرة عليه.

Sign In

Reset Your Password