اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي تدخل متاهة القضاء والاستقطاب السياسي

العلم المغربي والعلم الأوروبي

دخلت اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي مع المغرب النفق المؤسساتي بسب ارتهانها إلى القضاء وكذلك بسبب التوتر الذي يشهده الملف في الوقت الراهن نتيجة المناوشات العسكرية علاوة على الأزمة بين المغرب والجزائر.
في هذا الصدد، استأنف الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة الماضي قرار الحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية الذي ألغى اتفاقيتين، الأولى حول الصيد والثانية حول الشراكة التجارية بسبب الصحراء. وكان القضاء قد اعتبر يوم 29 سبتمبر الماضي اتفاقية الصيد البحري التي تشمل مياه الصحراء واستيراد منتوجات من المنطقة بتفضيلات جمركية «مخالفاً للقانون» نظراً لاستمرار النزاع حول سيادة على الصحراء بين المغرب وجبهة البوليساريو.
وتأخر الاتحاد الأوروبي كثيراً في اتخاذ قرار استئناف الحكم نظراً لأن الاستئناف كان يجب أن يكون في الأسبوع نفسه أو الموالي لصدور حكم إلغاء الاتفاقيتين وليس بعشرة أيام قبل نهاية المدة الزمنية المخولة لتقديم الاستئناف. ويأتي استئناف الحكم بعد الانتقادات المبطنة التي وجهتها الرباط إلى الاتحاد الأوروبي بما في ذلك ما جاء في خطاب الملك محمد السادس يوم 6 نوفمبر الجاري بمناسبة العيد الوطني المسيرة الخضراء الذي نبه الأوروبيين إلى ضرورة الوضح السياسي حول الصحراء، وَوَضع شرطاً مبهماً بشأن ربط الاستثمار في المغرب والتبادل التجاري بإدماج الصحراء، أي الاعتراف بها بطريقة غير مباشرة. وذهبت تحاليل لمغاربة مقربين من دائرة القرار إلى أن الحديث يهم أساساً إسبانيا وفرنسا، أكبر شريكين تجاريين للمغرب.
ويوجد تيار في الاتحاد الأوروبي لم يكن يرغب في استئناف الحكم الذي يلغي اتفاقية الصيد البحري بحكم أن هذه الاتفاقية تسبب الكثير من التوتر في العلاقات بين المغرب وأوروبا خاصة وأن وزنها الاقتصادي محدود للغاية وأصبحت قضية سياسية أكثر منها اقتصادية. وغالباً ما يكون هذا التيار مكوناً من دول شمال أوروبا مثل السويد وهولندا والدنمرك وكذلك بريطانيا قبل مغادرتها الاتحاد الأوروبي ضمن ما يسمى بعملية «البريكسيت».
وتنص اتفاقية الصيد البحري على منح المغرب 117 رخصة لسفن أوروبية أغلبها إسبانية للصيد مقابل 45 مليون يورو سنوياً. وتعد 117 سفينة صيد بدون تأثير أمام الأسطول الأوروبي المكون من 81 ألف سفينة صيد من مختلف الأحجام، منها أكثر من ثمانية آلاف من إسبانيا وحدها. في الوقت ذاته، لا يتأثر السوق الأوروبي بنهاية الاتفاقية بحكم أن المغرب يصدر الأسماك إلى أوروبا التي تشكل أول سوق له في هذا الشأن.
وترى مصادر أوروبية لجريدة القدس العربي بأن استئناف الحكم سيكون معركة حقيقية نتيجة عاملين، الأول وهو تزامن الاستئناف مع التوتر الذي تمر منه أزمة الصحراء الغربية حيث الأضواء ملقاة على هذا الملف، والعامل الثاني أن الاستئناف سيسبب في استقطاب سياسي حقيقي بين أنصار المغرب في الاتحاد الأوروبي في مواجهة أنصار جبهة البوليساريو والجزائر. وتقوم البوليساريو بدعم من الجزائر بحملة قوية وسط الاتحاد الأوروبي للحفاظ على الحكم. وكانت البوليساريو قد اعتبرت الحكم مكسباً كبيراً لمطالبها.
المصدر نفسه لا يعرب عن أمله في حدوث تطور بحكم أن القضاء الأوروبي ألغى ثلاث مرات هذه الاتفاقية، ويضيف: «الحل هو اتفاقية جديدة وستتطلب الكثير من الجهد لتحقيق تفاهم لا يجعل القضاء يبطلها مجدداً». وكان المغرب قد قبل بشروط خاصة بمياه الصحراء الغربية في اتفاقية الصيد، ورغم ذلك صدر الحكم ببطلان الاتفاقية.
ويعد قرار المحكمة الأوروبية من ضمن أسباب التوتر في العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي وتراجع جودتها إلى مستوى تهديد الرباط بمراجعة الكثير من مظاهر هذه العلاقة في شقها التجاري.
وبدأت اتفاقيات الصيد البحري تسبب للاتحاد الأوروبي مشاكل كثيرة وعلى رأسها تلك مع بريطانيا والمغرب في حين تحظى اتفاقيات أخرى مثل الموقعة مع موريتانيا بنوع من الاستقرار المؤسساتي، لا سيما بعدما جرى الاتفاق على تجديده لخمس سنوات خلال يوليو الماضي.

Sign In

Reset Your Password