بعد قوات أفريكوم الأمريكية.. الحلف الأطلسي يبدي اهتمامه بإفريقيا بسبب روسيا والإرهاب والهجرة

يضع الحلف الأطلسي نصب أعينه مدّ نفوذه العسكري إلى القارة الإفريقية، تحت ذريعة ارتفاع التطرّف الديني، ثم خطر توظيف الهجرة، علاوة على التواجد المتصاعد لروسيا عبر المليشيات المسلحة فاغنر. وقد تكون قمة مدريد المقبلة للحلف منعطفاً في هذا الاتجاه.

وخلّدت اسبانيا هذه الأيام الذكرى الأربعين لانضمامها إلى الحلف الأطلسي، وستحتضن قمة للتكتل العسكري نهاية يونيو في العاصمة مدريد تهدف إلى معالجة التطورات الجارية في العالم، لاسيما التحدي الروسي بعد إعلان موسكو الحرب على أوكرانيا. وسيركز الحلف على تبني استراتيجية جديدة للدفاع عن دول أوروبا الشرقية، التي تبدي قلقا وخوفا من روسيا، ثم معالجة ملف انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف.

غير أن مدريد ولندن تنبّهان إلى ضرورة الاهتمام بما يجري في القارة الإفريقية من تحديات كبرى، وتهدف إسبانيا إلى جعل جزر الكناري في المحيط الأطلسي قبالة الجنوب المغربي محطة رئيسية في انتشار القوات الأطلسية في القارة السمراء إبان اندلاع أي أزمة، علما أن عدداً من تقارير الاستخبارات الدولية ومراكز التفكير الاستراتيجي ترشّح القارة لأن تكون مسرحاً كبيراً للمواجهات، بحكم تنافس قوى كبرى وإقليمية على الاستفادة من مواردها الطبيعية، ثم خطر الإرهاب الديني.

وجاء التنبيه الأول في أعقاب الاجتماع الذي جمع بين وزيرة الدفاع الإسبانية مارغريتا روبلس ونظيرها البريطاني بن والاس، الأسبوع الماضي، وأوضح الوزيران أنه لا يكفي فقط التركيز على ما يجري شرق أوروبا، بل إن الوضع يتطلب الانتباه إلى التواجد العسكري الرسمي أو عبر مجموعات فاغنر الروسية في بعض دول القارة الإفريقية، وهو تواجد يتفاقم من سنة إلى أخرى على حساب الدول الغربية. ونبّه الوزيران إلى الأبعاد التي يمكن أن يشهدها ملف الحركات الدينية المتطرفة في زعزعة الأوضاع السياسية، مثل التسبب في الانقلابات مما سيغير من الخريطة الجيوسياسية في القارة السمراء.

وركّز الوزير البريطاني على فرضية توظيف بعض الأطراف لموجات الهجرة، كما حدث بين بيلاروسيا وبولونيا منذ شهور لخلق حالة من التوتر غير المرتقبة، وتحدث عن تلاعب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدد من القادة الأفارقة بشتى الوسائل، ومنها الرشاوى.

وبدوره، قدم وزير الخارجية الإسباني مانويل ألباريس توضيحات حول ضرورة اهتمام الحلف الأطلسي بالقارة الإفريقية، وذلك خلال زيارته الى جزر الكناري منتصف الأسبوع الماضي، محذّرا من مخاطر موجات الهجرة. وبدأت إسبانيا تستحضر دور الحلف الأطلسي في مواجهة الهجرة غير النظامية منذ مايو من السنة الماضية، عندما اقتحم آلاف المغاربة مدينة سبتة، إثر توتر بين مدريد والرباط على خلفية نزاع الصحراء الغربية. وقتها طرحت مدريد المشكل على مؤسسات الاتحاد الأوروبي معتبرة أنها تعرّضت لغزو بواسطة الهجرة، وصدر خلال يونيو الماضي بيان الاتحاد الأوروبي الذي ينص على اعتبار سبتة ومليلية أراض مأوروبية.

وانخرط ملك إسبانيا فيليبي السادس بدوره في هذه الأطروحة من خلال خطابه الإثنين من الأسبوع الجاري خلال ذكرى انضمام هذا البلد إلى الحلف بالتركيز على الخطر المتصاعد للجماعات المرتبطة بالقاعدة وداعش، التي وصفها بـالخطر المباشر على المجتمعات الأوروبية، ثم ما اعتبره تصرف دول وكيانات غير رسمية تهدد الأمن الغربي بطريقة غير مباشرة. وإضافة إلى روسيا، يجهل الدول التي يشير إليها الملك الإسباني.

ولم يفوت الأمين العام للحلف الأطلسي جينس ستولتنبرغ الفرصة للتركيز، في حوار مع إذاعة كوبي الإسبانية، عن الخطر القادم من الجنوب وضرورة التفكير في كيفية مواجهة هذه المخاطر.

وخصصت الولايات المتحدة قوات عسكرية خاصة بالقارة الإفريقية، وهي “أفريكوم” غير أن الوضع وأمام المنافسة الكبيرة بسبب اهتمام دول كبرى مثل الصين وروسيا ودول إقليمية مثل تركيا والبرازيل بالقارة السمراء يدفع نحو تركيز الحلف على هذه القارة.

Sign In

Reset Your Password