اندبندنت:”حزب الله جرى استدراجه إلى جهة مجهولة له بسوريا ويعتقد أن حماس تدرب المعارضين السوريين”

حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني

 

أشار تقرير اعده كبير المراسلين إلى الشرق الأوسط روبرت فيسك في صحيفة الاندبندنت البريطانية اليوم  الإثنين إلى أن حزب الله اللبناني جرى استدراجه إلى منطقة مجهولة بالنسبة إليه في المعركة في القصير إلى جانب النظام السوري ضد المعارضة السورية بقيادة الجيش السوري الحر، مبرزا أن الحزب يعتقد بأن “حماس تشرف على تدريب المقاتلين السوريين في سوريا على مواجهة قوات الأسد.

وقال روربت فيسك إنه لا يتعتقد ان حزب الله ليست لديه أي نية للانسحاب من سوريا على الرغم من تكبده 22 قتيلا في يوم واحد قبل أسبوع.

واعتبر فيسك في معرض تحليله لأسباب وجود حزب الله اللبناني في سوريا، بكونها غلطة سياسية كبيرة من جهة زعيمه حسن نصر الله، لكن دون ان تكون غلطة عسكرية. على حد تعبيره. وهذا نص التقرير كما نقلته القدس الفلسطينية إلى العربية

 يقول المحلل في صحيفة “ذي اندبندنت” البريطانية كبير مراسليها لشؤون الشرق الاوسط روبرت فيسك في تقرير اليوم الاثنين ان حزب الله اللبناني استُدرِج الى مجال مجهول في سوريا بينما هو يخوض معركةً مكلفة من اجل البقاء. وهنا نص التقرير:

“يشتبه حزب الله في ان “حماس” تدرب متمردين سنة في سوريا على كيفية القتال”.

ويعلن اوباما بصوت جهوري ان حزب الله يجب ان يغادر سوريا، (معتقداً ان) هذا سيجعلهم يرتجفون في سهل البقاع. ولكن حزب الله – الذي تكبد 22 قتيلاً في يوم واحد قبل اسبوع، وفقاً لواحد من معارفي على اطلاع وثيق – ليس لديه نية للانسحاب من معركة تهدد وجوده في لبنان. وماذا عن الخسائر في الارواح؟ انها كبيرة في ما يبدو – وسنتحدث عن هذا في ما بعد. ولكن…؟

اليكم قصة صغيرة يمكن ان تساعد في شرح اسباب وجود حزب الله، وهو اكثر جيوش العالم غير النظامية جرأةً وقسوة في سوريا. ان ذلك غلطة سياسية كبيرة من جانب زعيمه السيد حسن نصر الله، من دون شك. ولكنه ليس غلطةً عسكرية. ذلك ان الحرب السورية تنذر باختراق الحدود الى لبنان. ليس في مدينة طرابلس اللبنانية الشمالية، حيث تخوض الميليشيات السنية والعلوية (الشيعية) منذ مدة طويلة كفاحاً رمزياً كل منهما ضد الاخرى، ولكن في بلدة عرسال المغبرة الفقيرة في التلال بجانب الحدود السورية على بعد اقل من 20 ميلاً من بلدة الهرمل اللبنانية التي يحتلها – واعني “يحتلها” – حزب الله.

عرسال – التي يجب الا يضيع اي سائح وقته فيها، مع ان اهاليها طيبون ويحرصون على بلدتهم – هي مكان سني، بل وسلفي. وهي تؤيد التمرد السني ضد الرئيس السوري بشار الاسد.

واذا احتل جيرانهم المتمردون السنة على مسافة قصيرة عبر الحدود في القصير – ومعظمهم من جبهة النصرة الاسلامية (وليس من الجيش السوري الحر المحبب عند اوباما والسناتور الاميركي جون ماكين) – بلدة القصير، فسيمكنهم استخدام بلدة عرسال اللبنانية كمكان للراحة والاستجمام واعادة التزود بالاسلحة.

وعرسال هي ضمن مدى قذائف الهاون من الطريق الرئيسية بين الهرمل وجنوب لبنان، منطقة نفوذ حزب الله في لبنان. وقد قُتٍل جنود لبنانيون ثلاثة في عرسال الاسبوع الماضي – ومن المحتمل جداً ان المتمردين السوريين لا يريدون ان يرصد احد دخولهم الى لبنان وخروجهم منه.

وهكذا فان عرسال والهرمل هما اهم بلدتين في لبنان في هذا الوقت بالذات. ولا توجد نقاط تفتيش للجيش اللبناني في الهرمل – وهذا هو سبب سيطرة رجال حزب الله المسلحين على قمم التلال هناك – ولكنه مصمم على تشديد قبضته على عرسال. وهذا هو السبب الذي يجعل الرجال المحليين المناوئين للاسد يفضلون مغادرة الجيش. وهذا هو ايضاً السبب الذي دعا الرئيس اللبناني – وهو نفسه جنرال سابق – الى زيارة المكان الذي قتل فيه جنود من الجيش الاسبوع الماضي. وهو لم يذهب الى الهرمل حيث قتلت امرأة شيعية شابة قبل ذلك بساعات بصاروخ يكاد يكون في حكم المؤكد ان متمردين سنة في سوريا اطلقوه.

ان هذه حقائق لا تظهر في عناوين البنط العريض. ويعود المديح كله الى العمل الصحافي الرائع لصحيفة “لوريان ليه جور” الفرنسية المسيحية وبصفة خاصة لمراسلتها سكارليت حداد (التي اسرت لي ذات يوم بان والديها اطلقا عليها هذا الاسم تيمنا باسم سكارليت اوهارا) كونها لم توضح خطوط المعارك في شمال لبنان فحسب، وانما شرحت ايضا مدى المرونة التي يتمتع بها الجيش اللبناني الذي يمثل اليوم الصخرة الاساسية التي ترتكز عليها الحياة ذاتها في لبنان. فهذا بلد لا تمارس فيه الحكومة اي فاعلية ولا يتمتع مجلسه النيابي بالشرعية – اللهم الا ان ذلك المجلس منح نفسه ولاية اخرى لـ17 شهرا من دون انتخابات.

مع ذلك فان هناك بعض الوقائع التي تحاشت الظهور في العناوين الرئيسية في الايام القليلة الفائتة. وليس أقلها الشخصية المثيرة للاهتمام التي ظهرت الى جانب السناتور جون ماكين في احدى الصور خلال زيارته الاخيرة الى المنطقة التي تخضع لسيطرة الثوار في شمال سوريا. اذ امكن مشاهدة رجل يقف الى جانب ماكين يعرف في بيروت باسم محمد نور، وهو مسلم سني ناطق باسم كتيبة العاصفة الشمالية، متهم باختطاف 11 حاجا لبنانيا شيعيا في سوريا العام الماضي.

فماذا كان ماكين يفعل مع رجل كهذا؟ اذا كان هو الرجل الذي يعرف باسم نور، فـ”هذا امر يؤسف له”، حسب قول الناطق بلسان ماكين. واذا كان الوضع كذلك، فان مما “يؤسف له” ايضاً ان احداً لم ظهر في واشنطن ليندد بمقتل السيدة الشيعية الشابة في الهرمل الاسبوع الفائت. اما لماذا؟ هل لانها كانت من الشيعة؟ ام لاحتمال ان يكون الذين قتلوها من الثوار السوريين، الذين يمكن ان يكونوا او لايكونوا من نوع الثوار الذين يرغب اوباما (وهيغ وآخرون من الأتباع) في مساعدتهم.

ثم ان هناك امورا اخرى تجري في لبنان يجب ان يعرفها العالم. وليس اقلها الغضب الذي يعتمل في صدور الفلسطينيين (ومعظمهم من السنة) تجاه حزب الله.

ففي الاسبوع الماضي اشعل الفلسطينيون في اكثر مخيمات اللاجئين مدعاة للشعور بالعار، وهو مخيم عين الحلوة في صيدا، النار في طرود اغذية من حزب الله الى جانب لوحة كتب عليها “لا نريد معونة مبللة بدماء الشعب السوري”. كما تخلت حركة “حماس” التي تسيطر على قطاع غزة، عن علاقتها بدمشق بعد اندلاع الثورة. ويعتقد حزب الله الان ان “حماس” تقوم بتدريب الثوار السنة في سوريا على القتال.

لعل هذا هو السبب الذي جعل حزب الله يفقد الكثير من رجاله؟ ويروي المقاتلون الشيعة العائدون من بلدة القصير حكايات مذهلة: ان السنة أحرقوا جثثهم في الليل بحيث لا يمكن التعرف على اصحابها، وان لديهم بنادق جديدة للقناصة.

وممما يثير الاهتمام ان ضابطا في الجيش السوري قال لي قبل عدة شهر انه عندما يهاجم الثوار قواعد حكومية، يسحبون جثث قتلاهم باستخدام كلابات، والهدف من ذلك عدم تمكين الطرف الاخر من التعرف عليهم.

سألت افغانياً، يعتبر دائماً من اكثر الناس مصداقية للحصول على معلومات، عن السبب الذي دفع حزب الله لان يتحمل كل هذه الاصابات الهائلة. وكان جوابه كما يلي “عندما كان رجال حزب الله يقاتلون الاسرائيليين في جنوب لبنان، كانوا يعرفون تضاريس ارضهم ومنطقتهم.

“كانوا يقاتلون وهم في ارضهم ووقع الاسرائيليون في الفخ، لانهم لم يكونوا يعرفون الارض التي يطأونها. والذين يخضعون للاحتلال يعرفون دوما منطقتهم اكثر من المحتلين. اما الان فان حزب الله في مناطق غريبة عليه. لكن السوريين يعرفون القصير، اما حزب الله فلا يعرفها”.

انها مشكلة موجعة، وأحسب ان السيد نصر الله يفكر فيها”.

Sign In

Reset Your Password