انتهت ولاية ترامب وانتهت معها خرافة صفقة 460 مليار دولار من الأسلحة للسعودية

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفقة ولي العهد السعودي محمد بنسلمان

اقتربت ولاية الرئيس دونالد ترامب من نهايتها ولم يبقَ على تسليم السلطة في حال خسارته المرتقبة سوى ثلاثة أشهر، ومعه يتم استحضار صفقات الأسلحة الضخمة التي جرى الحديث عنها وفاقت 460 مليار دولار مع السعودية، والتي تأكد أنها خرافة لا تمت للواقع العسكري نهائيا.

وكان الرئيس ترامب قد زار الرياض خلال مايو 2018 ثم استقبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في البيت الأبيض، وأعلن عن صفقة أسلحة تصل إلى 460  مليار دولار، وهي الصفقة التي أبهرت العالم لأنها الأكبر في التاريخ، وبدأ التساؤل حول نوعية الأسلحة التي ستقتنيها السعودية.

وبعد مرور سنتين، لم يتم التوقيع على أي صفقة حقيقية بين الولايات المتحدة والسعودية تتضمن أسلحة قادرة على تغيير الوضع العسكري في الشرق الأوسط أو ميزان القوى بين طهران والرياض. وكانت السعودية ترغب في اقتناء أنظمة “ثاد” لمواجهة الصواريخ الإيرانية، وتعزيز أسطولها بمزيد من طائرات “إف 15”. ويوجد تفاهم ومباحثات متقدمة، ولم يتم حتى الآن إنهاء أي صفقة كبرى حتى الآن.

ويوجد استثناء واحد وهو مصادقة الإدارة الأمريكية ودون مصادقة الكونغرس على بيع ذخيرة للجيش السعودي لا تتطلب المسطرة المعمول بها من مصادقة مختلف الأجهزة الأمريكية مثل البنتاغون والكونغرس ووزارة الخارجية. وأقدم البيت الأبيض على ذلك لتزويد الجيش السعودي بالذخيرة في مواجهة القوات اليمنية في الحرب الدائرة في اليمن والجنوب السعودي لتجنيب الرياض هزيمة.

وقيمة 460 مليار دولار، دفعت إلى التساؤل: هل المبلغ يعكس الواقع العسكري؟ ثم هل الجيش السعودي مستعد لتوظيف كميات هائلة من العتاد العسكري الأمريكي؟ وهل يملك الخبرة الكافية؟ علاوة على ذلك: هل المصانع الأمريكية قادرة على تلبية صفقات من هذا الحجم لدولة واحدة؟ وأخيرا، ما هي نوعية العتاد العسكري الذي ستقتنيه السعودية من الولايات المتحدة؟

تنتج الولايات المتحدة أسلحة متطورة مثل الغواصات النووية التي يفوق ثمنها مليارين ونصف المليار دولار، مثل غواصة “دكوتا الجنوبية” ثم طائرات قاذفة للقنابل من طراز “ب 2 سبيريت” التي يبلغ ثمنها مليار دولار، وحاملات الطائرات، ولا تبيع واشنطن مثل هذه الأسلحة الاستراتيجية التي تضمن تفوقها، كما أن الجيش السعودي غير مؤهل نظرا لمحدوديته لاستعمال هذه الأسلحة. في الوقت ذاته، لا ترغب واشنطن ببيع السعودية حتى طائرات “إف 35” التي كانت ستبيعها لتركيا لولا أزمة صواريخ “إس 400”.

من أهم الوثائق الدقيقة حول مبيعات الأسلحة في العالم هي التقارير الصادرة عن “مصلحة الكونغرس للدراسات” أو “مصلحة الكونغرس للبحث”، وهو جهاز مرتبط بالكونغرس الأمريكي، وتعتبر تقاريره ذات مستوى عال جدا، وفي أغلب الأحيان تكون سرية مع بعض الاستثناءات، يتم الإفراج عن بعض الوثائق والتقارير.

وفي تقرير لهذه المصلحة صدر سنة 2017 حول مبيعات الأسلحة في العالم ما بين 2008 الى 2015، يبرز أن السعودية اقتنت خلال هذه المدة ما قيمته 30 مليار دولار من الأسلحة، أكثر من 16 مليار دولار من الولايات المتحدة و11 مليارا و400 مليون دولار من دول أوروبا الغربية، ومليار و600 مليون دولار من أوروبا الشرقية، ومليار و300 مليون دولار من الصين.

وهذا يعني اقتناء السعودية ما قيمته أربعة مليارات و200 مليون دولار سنويا من الأسلحة، واقتنت من الولايات المتحدة أسلحة بمليارين و300 مليون دولار سنويا. وهذه الأرقام تهم الأسلحة التي جرى تسليمها فعليا إلى الجيش السعودي، وليس الحديث عن صفقات جرى التوقيع عليها ولم تنفذ.

وتعتبر حقبة 2008- 2015 هي التي تميزت بأعلى مقتنيات الأسلحة السعودية في تاريخها العسكري. ويخصم من مبلغ 30 مليار دولار العمولات التي تصل أحيانا الى 30%، حيث فضائح العمولات المرافقة لصفقات السعودية معروفة في العالم، وبهذا تكون السعودية قد اقتنت فعليا أسلحة بأقل من 20 مليار دولار، أي أقل من ثلاثة مليارات دولار سنويا.

وعليه، تنتهي ولاية دونالد ترامب، وستدخل صفقة 460 مليار دولار من الأسلحة إلى عالم الخرافات العسكرية.

Sign In

Reset Your Password