المغرب وتطورات الجزائر: الدولة تراقب بتوجس والرأي العام يرحب بالتغيير

من التظاهرات الرافضة لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة


يتابع المغرب سواء السلطات أو الشعب وخاصة النشطاء السياسيين باهتمام كبير تطورات الوضع السياسي في الجزائر، ذلك أن كل تطور في هذا البلد سينعكس بطريقة أو أخرى على جاره الشرقي، أي المغرب. وهناك تخوف لدى الدولة نسبي من انتقال العدوى  وترحيب من طرف الرأي العام بالتغيير.

وتمر العلاقات المغربية-الجزائرية ببرودة مطلقة تصل الى ما يمكن تسميته بالقطيعة الدبلوماسية التقنية نتيجة الصراع الاقليمي بين الطرفين وكذلك  بسبب موقف الجزائر من الصحراء ، بسبب تأييدها لجبهة البوليساريو التي تنازع المغرب السيادة على هذه المنطقة.

ولا ينبع اهتمام وقلق من تطورات الوضع في الجزائر من منطلق ملفات سياسية مثل الصحراء بل من خطر انتقال عدوى الاحتجاج الى المغرب رغم الاختلافات في بنيات النظامين، لاسيما في ظل التردي السياسي الكبير الذي مس المشهد السياسي في المغرب خلال السنوات الأخيرة.

وتدرك الرباط استحالة تخلي أي رئيس جزائري مستقبلا وكيفما كان نوعه في حالة تعويضه بوتفليقة التخلي عن دعم البوليساريو على الأقل خلال العشر سنوات المقبلة.  فقد أصبح دعم هذه الحركة ومنذ عقود عقيدة لدى الدبلوماسية والمؤسسة العسكرية.

ولم يصدر أي تعليق من طرف الرباط على التظاهرات المناهضة رغم المتابعة الدقيقة من طرف الاستخبارات والدبلوماسية المغربية. كما تلتزم الأحزاب الكلاسيكية الصمت باستثناء حزب الاتحاد الاشتراكي الذي طالب أمينه العام إدريس لشكر من مدريد نهاية الأسبوع الماضي خلال نشاط سياسي بانتقال هادئ للسلطة والديمقراطية في الجزائر.

وتدرك الرباط مدى تأثير التطورات الإقليمية في شمال إفريقيا على المجتمعات المشكلة للمنطقة وخاصة الثلاثي المغرب وتونس والجزائر، إذ أن شرارة كل انتفاضة سياسية واجتماعية تنتقل الى الجوار. وكانت انتفاضة التونسيين التي شكلت انطلاقة الربيع العربي مثالا في هذا الشأن، حيث أثرت على المغرب والجزائر وباقي العالم العربي.

وتوجد كتابات وتعاليق كثيرة تعد بعشرات الالآف في شبكات التواصل الاجتماعي في المغرب ترحب بشكل كبير بالاحتجاجات وتؤيد مسيرات الشعب الجزائري. وهي تلتقي مع رؤية الكثير من الباحثين والمفكرين ومنهم هشام العلوي ابن عم ملك المغرب الذي أكد في مناسبات كثيرة ومنها في حوار مع بي بي سي استمرار الربيع العربي الذي قد ينطلق من جديد ويفاجئ الجميع.  وساهم زعيم الحراك الشعبي في الريف والمحكوم بعشرين سنة ناصر الزفزافي في هذا الاهتمام السياسي بعدما وجه رسالة الى الجزائريين يتضامن معهم ويدعون الى الرهان على السلمية.

ويكتب الصحفي والناشط الحقوقي سعيد السالمي في جداره في الفايسبوك في تعليقه على مسيرات الجزائريين الجمعة الماضية ” حجم المسيرات الاحتجاجية التي شهدتها الجزائر اليوم رسالة إلى حاكم المغرب الذي يعول على المقاربة القمعية وقرون الإعتقال لتحوير مطالب المحتجين المشروعة، وعلى فزاعة الاستقرار ومجموعة من التافهين المشهد السياسي والاعلامي للترويج لها..”. وفي الاتجاه نفسه، يتهم ناشط آخر وهو سعيد العمراني من بروكسيل كل من المغرب والجزائر بدعم الفساد الإداري واقتصاد الريع على حقوق الإنسان والكرامة والديمقراطية، ويعتبر مصير الشعبين واحد رغم الحزازات التي نتجت عن المواجهة بين حكام الرباط والجزائر.

Sign In

Reset Your Password