الفيلم الممنوع “خروج، آلهة وملوك” يزور التاريخ لكسب تعاطف العالم مع اليهود بعد تراجع نفوذهم

ملصق الفيلم

تضمن فيلم “الخروج، آلهة وملوك” لمخرجه الأمريكي ريدلي سكوت والمصور جزء منه في المغرب مغالطات تاريخية خطيرة ترمي الى الدفاع عن دور فعال لليهود في الحضارة الفرعونية ومحاولة ربط الماضي بالحاضر في حق العودة الى أرض الميعاد وتقديم أوراش العمل في مصر الفرعونية وكأنها معسكرات الهولوكست النازية.

وجرى منع الفيلم في بعض الدول العربية والإسلامية ومنها مصر والمغرب. وبرر المغرب قراره بقيام المخرج ريدلي سكوت تجسيد الذات الإلهية في طفل يخاطب موسى في لقطات معينة من الفيلم، ولعل أكثرها إثارة لقطة نحت موسى الوصايا العشر على الحجر بينما “الله” المجسد في الطفل يعد الشاي ويظهر وهو يحمل براد مغربي من صناع فاس، علما أن الشاي وقتها لم يكن يستهلك في مصر الفرعوني.

وارتكب الفيلم أخطاء تاريخية متعمدة لا يمكن القبول بها خاصة في الوقت الراهن في ظل انتشار المعرفة، لاسيما وأن هذه الأخطاء تخدم أجندة معينة تهدف الى إيصال خطاب معين كذلك. ومن ضمن هذه الأخطاء التي وقفت عليها ألف بوست خلال مشاهدتها للفيلم وهي:

-تشييد أهرامات وتماثيل ضخمة في الألفية الأولى قبل الميلاد، فترة زمن رمسيس الثاني، علما أن بناء الأهرامات كان قد توقف قبل ذلك بكثير، وكان الفراعنة ومنهم رمسيس الثاني يبني فقط المعابد وأشهرها معبد أبو سمبل وتطوير المدن ومنها بناء مدينة “بي رمسيس”.

-الوثائق التاريخية الفرعونية تبرز وتؤكد أن المصريين هم الذين بنوا الأهرامات طيلة قرون من الزمن، وتؤكد هذه الوثائق أنهم كانوا يتوصلون بمستحقات رمزية ويخضعون لتنظيم صارم في العمل. بينما يتحدث الفيلم عن قيام اليهود ببناء الأهرامات أبا عن جد، وبهذا، يريد الإيحاء بدور اليهود في بناء الحضارة الفرعونية. وهذا الطرح يعتبر تغليطا خطيرا للتاريخ، فبعدما عجزت إسرائيل عن تأكيده في كتب التاريخ ترغب في تأكيده عبر السينما في مخيلة العالم.

-ولا تتحدث الأدلة التاريخية نهائيا عن خروج اليهود من مصر، وهنا يختلف التاريخ مع الكتب السماوية، حيث يؤكد المؤرخون غياب أدلة تاريخية عن هجرة ضخمة شارك فيها ما يفترض 600 ألف يهودي لكنها لم تترك أثرا. في الوقت اذته، لا الشواهد التاريخية عن استعباد مجموعة إثنية سامية في مصر الفرعونية.

-وتمتد الأخطاء الى تقاليد الفراعنة في التحنيط، فمباشرة بعد وفاة ابن الفرعون يتم تحنيطه ودفنه، بينما منهجية التحنيط تتطلب ثلاثة أشهر. -ويوجد خطئ آخر وهو عدم غرق الفرعون في انشقاق البحر بل نجا بنفسه وهو عكس الرواية الدينية.

وفي عملية السرد الفيلمي وبناء السيناريو كان الفيلم أقرب الى فيلم هندي أو فيلم كوبوي “رعاة البقر” حول الطفل الذي يتربى في نف عائلة ويكتشف الحقيقية وينتقم لنفه وعائلته وإثنيته. بينما كان موسى الذي أدى دوره الممثل كريستيان بيل أقرب في نظراته الى أفلام كلينت ستوود بل دور تشارلتون هيستون في فيلم “الوصايا العشر” الذي صور في الخمسينات ويعالج الموضوع نفسه

فيلم “الخروج، آلهة وملوك” يقوم على تقنية الخدع السينمائية الرقمية المرتبطة بالحاسوب. وكان المخرج ريدلي سكوت قد دشن هذه التقنية في فيلمه الرائع “كلادياتور” سنة 2003 بإبداع، لكنه في الفيلم الحالي اعتمد عليها بشكل مبالغ الى مستوى أن الفيلم وكأنه مونتاج صور لمناظر ضخمة.

وفي محاولة للربط بين الماضي والحاضر، توحي المشاهد الخاصة بتصوير اليهود وهم يعملون في ظروف غير إنسانية في بناء الأهرامات وكأن الأمر يتعلق بمعسكرات الهولوكست التي أقامتها النازية.

وطيلة الفيلم، تتردد جملة “يجب أن نعود الى أرض الميعاد رغم الصعوبات ومرور الزمن” عشرات المرات، وهي كافية لتأكيد طابع البروبغاندا في هذا الفيلم علاوة على تحريف التاريخ.

الفيلم يخرج في القاعات في وقت تشهد إسرائيل تراجعا في التعاطف عل المستوى الدولي، وهي التي وظفت تاريخيا السينما لخدمة أهدافها، ولا يمكن فصل صدور الفيلم عن محاولة اكتساب التعاطف من جديد.

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password