الاتحاد الأوروبي يضع مخططا لمواجهة نفوذ الصين وروسيا في أمريكا اللاتينية

صورة مركبة لأمريكا اللاتينية والاتحاد الأوروبي

ينوي الاتحاد الأوروبي نهج استراتيجية جديدة تجاه دول أمريكا اللاتينية لمواجهة النفوذ الروسي والصيني المتصاعد، غير أن مهمة الاتحاد ستكون صعبة للغاية بحكم عودة اليسار وخاصة الراديكالي منه بقوة الى عدد من الدول وآخرها كولومبيا.

في هذا الصدد، أوردت جريدة البايس في عدد الخميس من الأسبوع الجاري انكباب المفوضية الأوروبية على تطوير وتهيئة مخطط لتعزيز نفوذ الاتحاد الأوروبي في منطقة أمريكا اللاتينية بهدف مزاحمة النفوذ الروسي وخاصة الصيني، وتعتقد المفوضية الأوروبية أن الحضور الأوروبي في المنطقة سيعزز من عالم متعدد الأقطاب.  وتبرز الوثيقة التي بلورتها المفوضية الأوروبية ووزعتها على وزارات الخارجية للدول الأعضاء لدراستها تشير الى أن الإحساس الحاصل حاليا هو انسحاب أوروبا من منطقة أمريكا اللاتينية، تطالب في المقابل بإجراءات قوية تدل على “قفزة نوعية” في العلاقات مستقبلا.

وتاريخيا، ارتبطت منطقة أمريكا اللاتينية بالغرب سواء أوروبا أو الولايات المتحدة لاسيما بالأخيرة طيلة القرن العشرين. غير أنه خلال العقدين الأخيرين، بدأت الولايات المتحدة تفقد نفوذها في المنطقة، ثم تراجع التواجد الأوروبي بشكل كبير للغاية خلال العقد الأخير. ويعود هذا التراجع الى عاملين أساسيين، وهما:

في المقام الأول، قوة النفوذ الصيني وخاصة الاقتصادي ثم النفوذ العسكري الروسي، حيث تعمل الصين على تمويل عدد من مشاريع البنية التحتية في هذه المنطقة وقدمت قروضا هامة للغاية. ومن جانبها، قامت روسيا بإنشاء علاقات عسكرية سواء على مستوى التدريب أو صفقات الأسلحة خلال السنوات الأخيرة مع دول المنطقة. وتاريخيا، امتنعت الولايات المتحدة عن توقيع صفقات كبرى مع أمريكا اللاتينية، والآن تقوم الصين وروسيا بتوقيع صفقات.

في المقام الثاني، منذ نهاية التسعينات، شهدت المنطقة وصول قوى يسارية جديدة الى السلطة في عدد من الدول وأبرزها فنزويلا والبرازيل وبوليفيا والأرجنتين والإكوادور وعملت هذه الدول على التخلص من الهيمنة الأمريكية ولاحقا الأوروبية في أفق تنويع الشركاء الاقتصاديين والسياسيين والعسكريين، وكان الرهان على الصين وروسيا بل ودول إقليمية أخرى مثل تركيا. ويتعزز اليسار أكثر في أمريكا اللاتينية خلال السنوات الأخيرة بفوزه في المكسيك وبوليفيا والأرجنتين والتشيلي ومؤخرا في كولومبيا.

ويضاف الى هذا، هيمنة مشاكل جديدة في الأجندة الأوروبية أبعدتها عن الاهتمام بمناطق أخرى من العالم ومنها أمريكا اللاتينية ومن هذه الملفات ليبيا ومنطقة الساحل وحاليا أوكرانيا. كل هذا جعل الاتحاد الأوروبي لا يعقد أي لقاء مع دول أمريكا اللاتينية ككتلة منذ سنة 2015. وفي الوقت ذاته، تتحفظ بعض دول أمريكا على علاقات مع الاتحاد الأوروبي بعدما اعترف عدد من أعضائه بالرئيس خوان غوايدو الذي كان قد أعلن نفسه رئيسا لفنزويلا سنة 2019.

وسترأس إسبانيا الاتحاد الأوروبي خلال النصف الثاني من السنة المقبلة، وترغب في استغلال المناسبة لزعامة سياسة الاتحاد نحو أمريكا اللاتينية نظرا للعلاقات التاريخية بين الطرفين. لكن مهمة الاتحاد الأوروبي وإسبانيا تبقى صعبة للغاية، لأن معظم دول المنطقة تبحث عن شركاء جدد ليس لديهم ماض استعماري أو استغلال المنطقة والتواطئ مع أنظمتها الدكتاتورية في الماضي.

ومن ضمن ابتعاد أمريكا اللاتينية عن الغرب مؤخرا هو عدم انخراطها في سياسة الغرب لمواجهة روسيا بعد الحرب الروسية ضد أوكرانيا، ثم رغبة بعض دول المنطقة مثل الأرجنتين الانضمام الى منظومة بريكسيت وطلب القروض من الصين بدل مؤسسات مثل البنك الدولي.

وأقدم الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الأخيرة على تسهيل حصول مواطني أمريكا اللاتينية على الفيزا بل وإعفاء مواطني عدد من الدول منها لتعزيز العلاقات بين الطرفين.

Sign In

Reset Your Password