الأمير هشام: حراك الريف ليس انفصاليا وهو نتاج تهميش تاريخي وفشل في التنمية

الأمير هشام بن عبد الله العلوي

“ماذا يعني أن تكون عربيا في زمن ثورات الربيع العربي”، كان عنوان محاضرة الأمير هشام بن عم ملك المغرب في جامعة هارفارد الأمريكية الأربعاء من الأسبوع الجاري، مركزا ضمن القضايا والتطورات على الحراك الشعبي في الريف شمال المغرب، نافيا أن يكون حراكا انفصاليا بل حركة احتجاجية ضد فشل الدولة المغربية في تنمية منطقة الريف  وضد الغبن التاريخي جراء التهميش الذي تعاني منه.

وعاد الأمير عبر هذه المحاضرة الى حلبة الفكر السياسي ليحاول سبر أغوار تطور الربيع العربي واستشراف مستقبله.   ويؤطر رؤيته لمستجدات الربيع العربي ضمن ما يعتبره حلقة جديدة في الانتماء العربي والقومية العربية لهذا اختار ما معنى ماهية المواطن العربي في ظل الربيع العربي. ويغوص في تاريخ القومية العربية منذ تبلورها بقوة بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية وكيف انتعشت بعد الحرب العالمية الثانية مع المشروع الناصرين لكنها فشلت لأنها كانت من الأعلى نحو الأسفل ونخبوية وليست حلما منبثقا عن الجماهير.

ويقدم قراءة خاصة تتجلى في اعتبار الربيع العربي استمرارية بشكل أو آخر لخلق فضاء عربي متكامل اقتصاديا وثقافيا يفسح المجال لكل القوميات من كردية وأمازيغية وديانات مختلفة وهذه المرة لا يأتي عبر مشاريع مثل الناصرية بل حلم الديمقراطية الذي تقاسمته الشعوب العربية من المحيط الى الخليج سنتي 2011-2012 والاطلاع نحو الكرامة كمطلب جماهيري من الأسفل نحو الأعلى من القاعدة نحو القمة. وهذه الهبة الجماهيرية هي التي ستبقي الربيع العربي مستمرا رغم لحظات الخفوت التي يمر منها في الوقت الراهن. إذ ينفي فشل الربيع العربي في الوقت الراهن بل الشعوب العربية تخاف على تدهور الأوضاع الأمنية والاجتماعية، وهي التي تنظر بحسرة الى مثال سوريا،  بعد عوامل خارجية وداخلية لعبت دور الثورة المضادة.

وإذا كانت عوامل خارجية مثل اتفاقية سايس بيكو قد وقفت في وجه المشروع الوحدوي للعرب في بداية القرن الماضي ثم هزيمة 1967، فهذه المرة تأتي الضربة من دول الخليج العربي مثل السعودية والإمارات اللتان تقفان وراء محاولة إفشال كل نهضة ديمقراطية بعد انتفاضات 2011.

ورغم محاولات الثورة المضادة من دول الخليج التي تستمر في الهجمات رغم النكسات التي أصابتها وستصيبها ومن عناوينها الانشطار الخليجي بسبب أزمة قطر لأنها لا تساير الثورة المضادة كما يخطط لها، تبقى الشعوب العربية تواقة للحرية ومنها شعوب منطقة المغرب العربي المؤهلة أكثر لتحقيق قفزة ديمقراطية وإن كانت تونس بصدد تعزيز مسيرتها الديمقراطية، بينما تتحكم في الجزائر والمغرب عوامل ثقافية واقتصادية مثل تراجع أسعار النفط بالنسبة للجزائر.، ولهذا تبقى الكلمة الحاسمة للضغوطات الاجتماعية لغزو آفاق الحرية مستقبلا وليس برغبة من الأنظمة.

ويفسح الباحث المعروف بمواقفه الداعمة للديمقراطية وحرية التعبير مجالا للحراك الشعبي في الريف في المغرب كشكل جديد من الاحتجاج، ويجعله من أكبر التحديات التي تواجهها الدولة المغربية، بل يرقى به الى لعب دور حاسم في الصيغ التي ستتخذها الاحتجاجات المستقبلية في هذا البلد المغاربي. معتبرا النزاع بالقديم والجديد، وحول وصف المشكل بالقديم، يركز على التهميش التاريخي الذي يعاني منه الريف والعنف الممارس من طرف السلطة المركزية ضد المنطقة تاريخيا مما خلق غبنا تاريخيا. وبشأن طابعه الجديد ، ينسب ذلك الى أن الجيل الحالي من الشباب هو نتاج التنمية الفاشلة ونتاج التعهدات التي قطعتها الدولة على نفسها في الربيع العربي وبقيت محدودة. ويعترف باستثمار الدولة المغربية ميزانيات هامة وعن حسن نية في الريف لتجاوز التهميش لكن لم تعطي ثمارا لساكنة المنطقة لأنها لم تكن استثمارات معقلنة خاضعة لمخطط تنموي واضح تشرف عليه مؤسسات ذات كفاءة.

وينفي الأمير طابع الانفصال عن الحراك الشعبي في الريف، قائلا “الحراك ليس انفصاليا وليس مظهرا من مظاهر المزاج الريفي، إنه نتاج المواجهة بين مواطنين مهمشين ضد نظام سياسي يعتبرونه غير عادل. والمشكل بالنسبة للدولة المغربية هو أن هذا الملف مختلف عن المشاكل السابقة، ليس مشكلا إديولوجيا ولا قوميا إثنيا ولا اشتراكيا أو إسلاميا لا يتبنى الأطروحات السياسية والإثنية، وينفلت من التصنيف الذي وضعته الدولة للاحتجاجات حتى الآن”.

ويبرز أن احتجاجات الريف استفادت من التراث والزخم النضالي لحركة 20 فبراير في الربيع العربي، كما تستفيد من دعم قوي من دياسبورا المغربية وخاصة الريفية في أوروبا، مشيرا الى أن سياسة الدولة المغربية دائما بتشجيع الهجرة من الريف كمتنفس لتخفيف الضغط السياسي والاجتماعي، لكن هذا لا ينفع دائما بسبب التغييرات الاجتماعية والسياسية وطنيا ودوليا.

Sign In

Reset Your Password