الأردن: اتهام الملك بالفساد والسير بالبلاد نحو الأسوأ والمطالبة بتحديد سفرياته للخارج

الملك عبد الله الثاني

يعيش الأردن جدلا سياسيا حول وضع الملكية في البلاد خاصة بعدما فاحت بعض الفضائح المالية لأعضاء هذه المؤسسة ومنها الملك عبد الله الثاني، وتطالب لجنة وطنية بإعادة النظر في صلاحيات الملك ومنها ضرورة تخلي الأعضاء عن التجارة وإخضاع الديوان الملكي للمحاسبة.

وجاءت هذه المطالب عن “لجنة المتابعة الوطنية” في الأردن التي أصدرت  بيانا طالبت فيه الملك بالإصلاح، واتهمته بتجاهل النداءات السابقة، والإمعان في السير بالبلاد نحو الأسوأ. وقال البيان الموقع من عشرات الشخصيات الأردنية إن التعديلات الدستورية الأخيرة في 2014 أعطت الملك صلاحيات إضافية مطلقة، فوض بها غيره ما أدى إلى “تعمق الفساد واستشرائه بشكل كبير ومكشوف”، بحسب تعبيره.

ويبرز بيان هذه اللجنة التي من أعضاءها وزراء سابقين وكبار ضباط في الجيش في التقاعد وعدد من النواب بأن الديوان الملكي ومراكز السلطة أتخمت بآلاف الموظفين الذين أصبحوا فوق جميع السلطات خلافا للدستور، ما أثار قلق الأردنيين وخوفهم على وطنهم. وطالب الموقعون على البيان بمرحلة جديدة في البلاد عنوانها مشروع وطني واضح الأهداف والوسائل، ومبني على مبادئ وثوابت وطنية. وأشار البيان إلى أن الديوان الملكي يجب أن يكون خاضعا للقانون ونظام ديوان المحاسبة. وأشار إلى أن على الملك أن يغادر البلاد بموافقة مجلس الوزراء، مع توضيح المكان الذي سيغادر إليه، والفترة التي سيعود بها، مع الغاية من السفر وتكلفته.

وعن نفقات العائلة المالكة، قال البيان إن رواتبهم يجب أن تكون محددة، وخاضعة لجميع الضرائب مثل كل الأردنيين.وأضاف أنه لا يجوز للملك وأفراد أسرته العمل في التجارة، وإن من يرغب بذلك عليه التنازل عن لقبه ومخصصاته، وممارسة أي عمل يرغب فيه.

وتاليا نص البيان:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان صادر عن لجنة المتابعة الوطنيّة

شعبنا الأردنيّ العظيم

يعيش وطننا ظروفاً سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة شديدة التعقيد، ومنها: صفقة القرن ومشروع الكونفدراليّة اللذان تواتر الحديث عنهما في المدّة الأخيرة، والأحوال المعيشيّة الصعبة الآخذة في التردّي التي يعيشها الفقراء ومحدودو الدخل مِنْ أبناء شعبنا.

ورغم كلّ النداءات التي وُجِّهت إلى الملك من الغالبيّة العظمى مِنْ أبناء شعبنا بكلِّ مكوِّناته، طوال السنوات الماضية، مطالِبةً إيّاه بإجراء إصلاحٍ حقيقيٍّ في كافّة المجالات، إلا أنَّ هذه النداءات لم تلقَ الاستجابة المطلوبة، مع الأسف الشديد؛ حيث تمّ تجاهلها والإمعان في السير بالبلاد مِنْ سيّئٍ إلى أسوأ.

وجاءت التعديلات الدستوريّة الأخيرة (في العام 2014) لتعطي الملك صلاحيّاتٍ إضافيّةً مطلقةً، قام بتفويضها إلى غيره فأساء استخدامها. الأمر الذي أدَّى إلى تعمّق الفساد واستشرائه بشكلٍ كبيرٍ ومكشوفٍ مع عدم القدرة على مراقبته ومحاسبته.

 

وقد تمّ اِتخام الديوان الملكيّ ومراكز السلطة الأساسيّة بآلاف الموظّفين، فأصبحوا سلطةً فوق جميع السلطات، خلافاً للدستور؛ ما انعكس بصورةٍ خطيرةٍ ومدمِّرةٍ على حاضر الأردن ومستقبلة، ووضع البلاد في مهبّ الريح، وأثار قلق الأردنيين وصعَّد هواجسهم على مصير وطنهم.

وفي مقابل الغضب الشعبيّ، الذي تصاعد خلال السنوات الماضية، لم يكن تجاوب الملك سوى بإجراءاتٍ شكليَّةٍ مفرغةٍ من المضامين والفعاليّة، ووعودٍ بلا تنفيذ، هدفها استغفال الشعب وصرف أنظاره عن فضائح الفساد المتوالية وعن طبيعة السلطة الفرديّة المطلقة للحكم.

وعليه، فإننا نؤكّد أنَّ تلك المرحلة وصلت إلى طريقٍ مسدود، وأنَّها يجب أنْ تنتهي ونبدأ بمرحلةٍ جديدةٍ، عنوانها مشروعٌ وطنيٌّ واضح الأهداف والوسائل وينطوي على عددٍ من المبادئ والثوابت الوطنيّة، ومنها:

  1. 1. الأردن وطنٌ عزيزٌ سيّدٌ، وليس مُلكيّةً خاصّة أو مزرعةً يتمّ التصرّف بها حسب مصلحة الملك ورغبته أو مصلحة ورغبة كائن مَنْ كان؛
  2. 2. الشعب مصدر السلطات، كما هو منصوصٌ عليه في الدستور؛ ولذلك، فإنَّ صلاحيّات السلطة التنفيذيّة تتمّ بتفويضٍ شعبيٍّ عبر الانتخابات العامّة الحرّة والنزيهة. والشرعيّة تُستَمدُّ من الشعب وحده؛
  3. 3. نظام الحكم، في الدستور الأردنيّ، نيابيّ ملكيّ وراثيّ. وهذه إشارة واضحة إلى صيغة المَلَكيّة النيابيّة الديموقراطيّة. ولن يقبل الشعب الأردنيّ أنْ يظلَّ محكوماً – خلافاً لإرادته وخلافاً للدستور – بالمَلَكيّة المطلقة.. بأيّ شكلٍ مِنْ أشكالها؛
  4. 4. نؤكِّد على ضرورة تفعيل المبادئ الدستوريّة الديمقراطيّة التالية:

 

ا. تُناط السلطة التشريعيّة بمجلس الأمّة وحده، على أنْ يكون بشقّيه (النوّاب والأعيان) منتخباً من الشعب.

ب. تُناط السلطة التنفيذيّة بالحكومة، وهي وحدها صاحبة الولاية العامّة.

ج. تتلازم المساءلة مع المسؤوليّة؛ فكلّ صاحب سلطه خاضع للنقد والمحاسبة وقراراته قابلة للطعن والرفض والمعارضة.

د. تُجرى الانتخابات النيابيّة كلَّ أربع سنوات، ومجلس الأمّة سيّدُ نفسه. ولا يجوز حلّ مجلس النوّاب أو الأعيان إلّا بعد انتهاء المدّة الدستوريّة لكلٍّ منهما.

ه. يختار مجلس النوّاب، بالتوافق، رئيس الوزراء والوزراء، ويقيلهم بناءً على تأييد أغلبيّته المطلقة.

  1. 5. أرض الأردن وما فوقها وما تحتها مُلكٌ للشعب الأردنيّ، وأيّ تنازلٍ عن أيّ جزءٍ منها.. بالبيع أو الرهن أو التأجير أو وضع اليد أو الاتفاقيات، إنما هو باطل ولا يُفقِدُ الشعبَ حقّه في مُلْكِهِ. وبناء عليه، يجب أنْ تعود إلى خزينة الدولة كافّة الأراضي التي أُخِذَت منها.. خصوصاً ما سُجِّل تمويهاً باسم القوات المسلحة؛ ومِنْ ضمنها أرض العبدليّ ومعسكرات الزرقاء ودابوق. كما أنه يجب عدم تجديد الاتفاقيّة الخاصّة بتأجير أراضي الغمر والباقورة مع العدوّ الصهيونيّ؛ فلا شرعيّة وطنيّة أو شعبيّة لها، وتتحمّل الحكومة المسؤوليّة كاملةً عن أيّ خطوة تقوم بها خلافاً لذلك.
  2. 6. الديوان الملكيّ ليس له أيّة صفة دستورية لتولِّي أيّ سلطة تنفيذيّة.. كما هو ممارس، الآن، خلافاً للدستور؛ حيث أصبحت سلطته فوق سلطات الدولة كلّها (التشريعيّة، والقضائيّة، والتنفيذيّة). ولكي تستقيم الأمور، وتصبح الدولة دولة مؤسَّسات وقانون، يجب وقف هذه التجاوزات، ووضع حدٍّ لتدخّل الديوان الملكيّ بسلطات الدولة وتداخل صلاحيّاته مع صلاحيّاتها. كما يجب حلّ جميع الدوائر التابعة له التي تمّ إنشاؤها مِنْ دون أيّ سندٍ قانونيّ لتستولي على صلاحيّات سلطات الدولة ومؤسَّساتها المنصوص عليها في الدستور والقوانين، ويجب العمل على إعادة هيكلته بما يتناسب مع طبيعة الواجبات البروتوكوليّة المسندة إليه، وتوزيع الفائض مِنْ موظّفيه (وهو كبير جدّاً) على دوائر الدولة المختلفة. ويجب أنْ تكون موازنته واضحة ومبرَّرة وخاضعة للقانون والنظام وديوان المحاسبة.
  3. 7. مغادرةُ الملك للبلاد، لأيّ سببٍ من الأسباب، يجب أنْ تكون بموافقة مجلس الوزراء؛ على أنْ تشمل الموافقةُ بيانَ الجهة المراد السفر إليها، والمدّةَ المحدّدة للزيارة، والغايةَ منها، وبيانَ المصاريف اللازمة لها. كما يجب أنْ يؤدِّي نائب الملك القسَمَ بحضور مجلس الوزراء.
  4. 8. يُخصَّصُ للملك وأسرته راتبٌ محدّدٌ، وتخضع نفقاتُهم لقانونٍ ونظامٍ خاصّين. كما تخضع دخولهم لجميع الضرائب التي تُفرَض على المواطنين الأردنيين.
  5. 9. لا يجوز للملك وأفراد الأسرة المالكة العمل في أيّ مجال مِنْ مجالات التجارة أو العمل الاقتصاديّ الخاصّ. ومَنْ يرغب منهم بذلك، يتنازل عن لقبه ومخصَّصاته. وفي هذه الحالة فقط، تحقّ له ممارسة أيّ عملٍ يرغب به. فالتجارة والإمارة لا تجتمعان.
  6. 10. السلام الملكيّ هو نشيدٌ خاصٌّ بالديوان الملكيّ، ويُعزف في مناسباته الخاصّة فقط. لذلك، لا بدَّ مِنْ نشيدٍ وطنيٍّ أردنيٍّ يعبّر عن الدولة والشعب.
  7. 11. القوّات المسلّحة والأجهزة الأمنيّة درع الوطن وحصنه المنيع، وعملها ضمن الدستور والقانون هو الضمانة الأكيدة لحماية الوطن والمواطن ودولته. وإنَّ تعزيز قدرات الجيش والأمن، وتكامل عقيدتيهما القتاليّة والأمنيّة باتّجاه حماية حدود الوطن وأمنه الداخليّ، واجبٌ أساسيٌّ تؤدّيه الدولة، على أنْ تكون تلك الأجهزة أذرعاً للحكومة.. باعتبار الحكومة هي صاحبة الولاية العامّة في الدولة والمسؤولة عن جميع أجهزتها.
  8. 12. القوّات المسلَّحة والأجهزة الأمنيّة مسؤولةٌ مسؤوليّةً مباشرةً عن حماية أمن الوطن والشعب، الداخليّ والخارجيّ. ولا يجوز أنْ تصدع لأيّ أوامر أو تعليمات سوى تلك التي تصدر لها من الحكومة.. وبما لا يتعارض مع الدستور والقوانين.
  9. 13. لا يتولَّى منصب رئيس الوزراء والوزير ومن في حكمهم من يحمل جنسية دولة أخرى.
  10. 14. لا يجوز أنْ يشغل موقع عضو مجلس الأمّة بشقّيه (النوّاب والأعيان) مَنْ يحمل جنسيّة دولة أجنبيّة.
  11. 15. نرفض رفضاً قاطعاً المشاريع الدوليّة الرامية إلى تفكيك دول الإقليم العربيّة بشكلٍ يخدم المصالح الأجنبيّة
  12. 16. نرفض مشروع البينولوكس المقترح مع الكيان الصهيونيّ، أو الكونفدرالية مع السلطة الفلسطينيّة، أو ما يشاع عن صفقة القرن؛ لأنَّ كلَّ ذلك يصبّ في خدمة الكيان الصهيونيّ، ويؤدِّي إلى التفريط بحقوق الشعب الفلسطينيّ المشروعة ومطالبه العادلة على حساب الشعب الأردنيّ ودولته.
  13. 17. نؤكِّد على ضرورة تبنّي سياساتٍ خارجيّة متوازنة مع جميع الأشقاء تنسجم مع قناعاتنا بالمشروع النهضويّ الوحدويّ العربيّ.

وبناءً على ما تقدم، فإنَّ الخطوات الحقيقيّة للإصلاح الذي ذكرناه، تتطلّب المباشرة الفوريّة بما يلي:

  1. 1. تشكيل حكومة وطنيّه مِنْ شخصيّاتٍ معروفةٍ وموثوقةٍ ونظيفةٍ ولديها القدرةُ والشجاعة للتمتّع بالولاية العامّة بكلّ معانيها وحسب النصوص الدستوريّة.
  2. 2. إجراء انتخابات حقيقيّة نزيهة تعبّر عن إرادة الأردنيين، وفق قانون انتخابٍ يتضمّن تمثيلاً للأحزاب متوافقاً عليه شعبيّاً.
  3. 4. فتح جميع قضايا الفساد على مبدأ المصارحة والمصالحة وإعادة جميع الأموال المنهوبة، وسداد العجز والمديونيّة منها.. وليس عن طريق فرض الضرائب على كواهل الفقراء ومحدوديْ الدخل.
  4. 5. البحث الجادّ عن الثروات الطبيعيّة والاستفادة بها، ووضع خططٍ اقتصاديّة مدروسة للتنمية الوطنيّة والنهوض بالبلاد.
  5. 6. استعادة كافّة البيوعات التي تمّت خلال عمليّة الخصخصة.
  6. 7. إلغاء كافّة الهيئات المستقلّة.
  7. 8. إلغاء كافّة المحاكم التي تمّ استحداثها خارج نصوص الدستور.
  8. 9. إطلاق سراح كافّة المعتقلين السياسيين ومعتقليْ الحراك الشعبيّ والسيّدات الغارمات.
  9. 10. إعادة تأهيل الإعلام، بأشكاله كافّة، ليصبح إعلاماً وطنيّاً حرّاً وموضوعيّاً ومستنيراً، وإعلام دولة وشعب وليس إعلام سلطة حاكمة وحكومات.

 

شعبنا الأردنيّ العظيم

إنَّ كلَّ ما ذكرناه يستلزم إجراءَ تعديلاتٍ دستوريّةٍ ديمقراطيّةٍ جوهريّة، ويمكن اعتبارهُ مقدّمةً لمشروعٍ وطنيٍّ للإصلاح وللخروج من الأزمات التي يعاني منها الوطن والشعب. وإنَّ أية خطوات ترقيعيّة – مثل تلك التي درجت عليها العادة – لن تكون مقبولةً بتاتاً مِنْ كلِّ قوى شعبنا الحيّ.

ومِنْ هنا، فإنّه لا بدَّ مِنْ توجيه تحيّة إجلالٍ واحترامٍ لكلّ أحرار الأردن الذين استشعروا الخطر وانحازوا للشعب الأردنيّ الصابر القابض على الجمر خوفاً من انزلاق الوطن إلى ما لا تُحمد عقباه. ونحن مع شعبنا الأردنيّ الأبيّ نتعاهد على أن نبقى يداً واحدة، للمضيّ على درب الوطنيين الأحرار، ولن نتوقّف في مسيرتنا هذه إلا ببناء وطنٍ أردنيٍّ حرٍّ ومستقلٍّ وديمقراطيٍّ ويسير على درب النهوض والنماء.

وفي الختام، فإنّنا نعلن بدء برنامج عملٍ وطنيٍّ متدرِّج ومتواصل، يبدأ بوقفةٍ وطنيّةٍ في الساحة المقابلة لمستشفى الأردن، يوم السبت 20 – 10 – 2018، من الساعة الخامسة مساءً ولغاية الساعة السابعة مساءً.

 

Sign In

Reset Your Password