افتتاحية: لا تنتظروا بيانا توضيحيا من الدولة المغربية في ملف أميناتو حيدر

أميناتو حيدر

يوم الأحد الماضي، أقدمت مجموعة من الصحراويين بزعامة أميناتو حيدر على تأسيس هيئة جديدة تسمى “الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي”، وينتظر الرأي العام المغربي ردا من طرف الدولة، وليس بالضرورة أن يكون أمنيا وقضائيا، بل فقط بيانا توضيحيا، فالصمت في هذه الحالة ليس حكمة لاسيما على ضوء ما جرى في منطقة الريف.

وهذه الهيئة الجديدة التي تأسست في مدينة العيون تعني وجود تنظيم سياسي يصنف التواجد المغربي “بدولة الاحتلال”. وتشهد المنطقة منذ اندلاع النزاع خطابا من هذا النوع، أي الرافض للسيادة المغربية والمدافع عن تقرير المصير، وكان محصورا على مستوى الأشخاص  أو محتشم في ثوب جمعية حقوقية وهي “كوديسا”. ويأخذ الآن شكلا علنيا وتنظيميا مع تأسيس الهيئة الجديدة، والتي تعني الوجود الرسمي لجبهة البوليساريو في منطقة مغربية.

خبر التأسيس يخلف الكثير من التساؤلات وبعضها بمرارة كبيرة، فقد أقدم محامون على ضرورة تحرك القضاء والضابطة القضائية لتطبيق القانون المغربي الذي يتضمن بنودا واضحة في حق كل من تجرأ على الوحدة الوطنية. وفريق آخر، ذهب الى محاولة التخفيف عن النفس، وهي محاولة للتمويه ليس إلا،  من خلال القول بأن ما يفترض الديمقراطية المغربية “جلبابها واسع” وقادرة على احتضان حركة انفصالية وعدم السقوط في فخ البوليساريو والجزائر. لكن أصحاب هذه الأطروحة كانوا صقورا في مواجهة مطالب الريف البسيطة من تعليم وشغل وصحة.

في المقابل، يطالب الرأي العام يطالب بموقف توضيحي من طرف الدولة المغربية طالما يتعلق الأمر بملف يهم كل المغاربة. فقد اعتادت الدولة المغربية ولاسيما القضاء والداخلية عبر فروعها الأمنية بإصدار بيانات في الكثير من القضايا بما فيها الهامشية التي لا تستحق. والآن نجد الدولة وبعد مرور على أيام على تأسيس هيئة تصف التواجد المغربي “بالاحتلال” ملتزمة صمتا مريبا رغم أهمية الحدث. صمت يتناقض والدينامية الفائقة التي تبديها الدولة في الرد على  منظمات دولية في ملفات حقوق الإنسان التي تهم الصحفيين. في الوقت ذاته، لا يقل صمت الأحزاب ريبة عن صمت الدولة، وهي المنتظرة على ما يبدو لضوء ما للتحرك في هذا الاتجاه أو ذاك، بينما هرولت لإدانة مطالب نشطاء الريف البسيطة.

إن ما يحدث في ملف “الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي”، يساءل تصرفات الدولة المغربية ومنطق بعض النافذين في تأويل القانون المغربي، وهذه التساؤلات التي تدور في شبكات التواصل الاجتماعي وفي أشرطة بعض النشطاء هي:

أولا، هل كانت تعلم الدولة بحدوث الاجتماع أم لا، لأن معرفة الجواب هام للغاية لمعرفة هل كان هناك تقصير أم جرى اتخاذ قرار عدم التحرك.

ثانيا، الدولة المغربية تؤكد استقلالية القضاء عن كل التدخلات السياسية، وهناك مثال حدث الأسبوع الماضي في رد المجلس الأعلى للقضاء على منظمة أمنستي أنترناشنال في ملف عمر الراضي وقبلها في ملف بوعشرين على الأمم المتحدة. وعليه، هل دوافع سياسية أملت على القضاء المغربي عدم التحرك ولو باستدعاء رمزي للمجتمعين.

ثالثا، لماذا اجتهدت الدولة المغربية في إلصاق تهمة الانفصال في حق نشطاء الريف لتجريم الحراك الشعبي الاجتماعي رغم غياب أي أدلة بل ونفي هؤلاء النشطاء للتهم وحكمت عليهم بعقوبات تعادل الاعدام،  بل وفاقت الخيال في تلفيق التهم في بعض الملفات مثل حالة الصحافي حميد المهداوي وحكاية الدبابة، بينما تقف الدولة المغربية صامتة أمام ما صدر عن مجموعة أميناتو حيدر من تحديات كبرى للقانون.

الدولة المغربية صامتة حتى الآن وعودتنا الصمت في ملفات الفساد الكبرى التي تهدد مستقبل المغرب وتمس الأمن القومي المغربي، كما عودتنا الصمت المخزي في قضية المغربيات العالقات في سبتة ومليلية المحتلتين. وهذا الصمت لا يعكس المثل المعروف “الصمت حكمة” بل الصمت هو نتاج غياب بوصلة حقيقية لدى الماسكين بالأوضاع  لأن الأمور تسير وفق رغبات أشخاص يتحركون في هذا الملف ويصمتون في الآخر لمصلحة ما، ولديهم مفهوهم الخاص للوطنية ومنها عدم الاقتراب من ملفات “الفساد الأعظم”.

لا تنتظروا بيانا توضيحيا من طرف الدولة المغربية في ملف أميناتو حيدر بل انتظروا تهجما من طرف البعض على كل من يطرح تساؤلات، فالدولة المغربية تراهن على مرور الوقت والزمن حتى ينسى الرأي العام هذا الحادث.

Sign In

Reset Your Password