افتتاحية/ قف وانتبه: انظر كيف ارتكبت الدولة أبشع الجرائم في حق الشعب المغربي ومستقبله

أسود

اعترف صندوق النقد الدولي بخطء برنامج المغادرة الطوعية الذي فرضه على المغرب، مؤكدا عدم تحقيق النتائج التي كانت مرتقبة. ويؤكد هذا الاعتراف مدى استغلال هذه المؤسسة المالية لغباء مسؤولي الدولة المغربية وكيف أصبح الشعب المغربي في الوقت الراهن ومستقبلا مطالبا بتأدية الملايير من الدولارات، ولكن: من ستتم محاسبته؟

وهكذا، في لقاء مع مجموعة إيكوميديا في الدار البيضاء الشهر الماضي، اعترف بيير شوفور كبير خبراء الاقتصاديين بالنبك الدولي بالمغرب ومنسق التجارة الإقليمية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن عملية المغادرة الطوعية التي أوصى بها البنك الدولي المغرب من أجل تخفيض كتلة الأجور كانت خطئا ولم تحقق المرجو منها. مبرزا في الوقت ذاته وفق جريدة الصباح المنتمية الى المجموعة نفسها، أن العملية كانت ترمي الى إعطاء دماء جديدة للإدارة المغربية وتخفيف الضغط على الميزانية، لكن النتائج جاءت معاكسة أدت الى مغادر الأطر المؤهلة الإدارة مما أفرغ الإدارات من الكفاءات. مسؤول البنك الدولي يؤكد أن الخطء وارد في تقديرات الاقتصاديين ويجب الاستفادة من الأخطاء.

خلال العقد الماضي، عمد صندوق النقد الدولي الى تقديم المغادرة الطوعية بمثابة الحل السحري لمشاكل المغرب، وصفق وطبل وروج النظام لهذا المشروع الذي قدمه كأكبر مشاريع ما يصطلح عليه بالعهد الجديد. وأصبح كل من يعارض ويحذّر يتم وصفه بالعدمي وغير الوطني بل والعميل.  وذهب صندوق النقد الدولي والدولة المغربية الى التعاقد مع مكاتب الدراسات لإضفاء المصداقية على هذا البرنامج.

وكان يفترض ظهور النتائج بعد خمس سنوات، أي في الميزانيات المقبلة، كما تعهد صندوق النقد الدولي والدولة المغربية. ومع مرور الوقت، التزم الطرفان الصمت وتجنبا الحديث عن النتائج، وها هي هذه المؤسسة الدولية تعترف بارتكابها الخطء بينما الدولة المغربية تلتزم موقف الجبان، أي الصمت.

معطيات الواقع المغربي تؤكد النتائج الكارثية بكل ما تحمله هذه الكلمة من حمولة على المجتمع المغربي. لقد تسببت المغادرة الطوعية في إفراغ الإدارة من الأطر ذات الكفاءة في المستشفيات والتعليم أساسا وباقي الوزارات مثل المالية والمعادن والتجارة. وتوجه الكثيرون الى الخارج، بينما قام آخرون بإنشاء مكاتب للتعاقد الدولة معهم بميزانيات عالية للغاية. نعم بشكل بير،، الواقع المزري الذي يعيشه الآن المغرب بانهيار قطاعات حيوية مثل التعليم والشغل والصحة مرتبط بالمغادرة الطوعية.، ويضاف الى كل هذا ارتفع المديونية بشكل لم يشهده تاريخ المغرب.

لم يسبق للدول الواعية التي تحترم مستقبل شعوبها أن طبقت المغادرة الطوعية بل بالعكس تعسى الى جلب الخبراء من الخارج. لقد اختار صندوق النقد الدولي المغربي كمختبر وجعل من الشعب المغربي فئران هذا المختبر. وجاء هذا الاختيار لمعرفته الدقيقة بغباء المسؤولين المغاربة واستعدادهم لتطبيق التجارب على شعبهم. ونتساءل: لماذا رفضت الدول الواعية تطبيق المغادرة الطوعية التي أوصى بها صندوق النقد الدولي، ولماذا قبل المغرب؟

الدول التي ترغب في تخفيف القطاع العمومي على الميزانية لا تلجأ الى المغادرة الطوعية بل الى محاربة الاحتكار، وتوظيف ذكي لموارد الدولة، ومحاربة الفساد وتشجيع الكفاءات لتطوير القطاع الخاص. لكن المغرب قام بالعكس، حارب الكفاءات بسبب تطبيق شعار الولاء قبل الكفاءة، ولا يرغب في مكافحة الفساد بشكل جدي، ويجعل ثروات البلاد ومشاريع الوطن في يد فئة قليلة من النافذين المقربين من السلطة علاوة على النهب، وكل هذا جعل القطاع الخاص لا يتقدم نهائيا بل ويشهد المغرب اضطرابات مثل حالة الريف الذي خرجت ساكنته من أجل الصحة والشغل وجرادة ومناطق أخرى. إن هذا البرنامج يعد من أسباب تأخر المغرب في التنمية البشرية وتراجعه بين الأمم.

المغادرة الطوعية لم تكن برنامجا إصلاحيا بل كانت برنامجا إجراميا يؤدي الشعب المغربي فاتورته. لتمتلك الدولة المغربية الشجاعة وتخبر الشعب، إن كان لديها احترام لهذا الشعب، كم الكلفة المالية والسياسية والمجتمعية لهذا البرنامج الذي تبنته بغباء مطلق؟

برنامج المغادرة الطوعية له مرادف واحد: جريمة في حق الشعب المغربي. لكن: من ستتم محاكمته حول هذه الجريمة؟

Sign In

Reset Your Password