افتتاحية: المغرب يقترب في حرية التعبير من السعودية ويبتعد عن السنغال وموريتانيا

صورة معبرة عن واقع حرية التعبير في المغرب

يحتفل العالم يومه الخميس “باليوم العالمي لحرية التعبير”، وتفتخر دول  بالرقي في حرية التعبير بينما أخرى تعيش وضعا مقلقا وترديا مثل حالة المغرب من خلال التضييق والاعتقالات، حيث فقدت الصحافة دورها وبدأت تحل محلها وسائل التواصل الاجتماعي.

ويكشف تقرير مراسلون بلا حدود الصادر خلال الأيام الماضية كيف تقدمت دول ومنها جارتنا الجنوبية موريتانيا لتحتل المركز 72 عالميا من أصل 185، بينما جرى تصنيف المغرب في الخريطة العالمية باللون الأحمر، رفقة دول مثل الجزائر ومالي ولم يبقى له سوى مراكز قليلة ليصبح باللون الأسود لينضم الى مصر المحكومة عسكريا وكوريا الشمالية وإيران. وبهذا احتل المغرب المركز 135 متأخرا بدرجتين عن السنة الماضية، ولم يعد الفارق بينها وبين الجزائر سوى مركزا واحدا. لقد شهدت السنة الأخيرة تراجعا حقيقيا في حرية التعبير ويتجلى في المستويات التالية:

-التضييق على الصحفيين  من خلال الاعتقال والمحاكمات ومن أبرز هذه المحاكمات ما تعرض مدير الجريدة الرقمية حميد المهداوي من اتهامات سوريالية تعود الى زمن المخزن العتيق في القرون الغابرة، وما تعرض له عدد من نشطاء الاعلام في الريف والمحاكمات المتتالية لمدير أخار اليوم توفيق بوعشرين من غرامات طائلة الى اتهامات بالاتجار في البشر، ثم محاكمة آخرين بتهمة “الخيانة” مثلما حدث مع مجموعة المعطي منجب ومرية مكريم.

-استعمال ورقة المال لإعدام وسائل الاعلام التي لا تتبنى الخط الاعلامي للدولة مثل التضييق في الحصول على الإشهار لاسيما بعد دخول بارونات المال والأعمال الى الحقل السياسي.

– استيراد الطابع المصري من خلال ظهور منابر إعلامية جعلت من السب والقذف ركيزة أساسية في تعاطيها الاعلامي في التهجم على نشطاء الحقل الحقوقي والسياسي والخطير أنها تستفيد من حماية القانون لها. ويحدث هذا في وقت أزكمت الأنف الفضائح المالية والفساد لبعض المسؤولين الذين يصفقون لهذا النوع من الصحافة.

مأساة الدولة المغربية أنها في الوقت الذي تسعى ومنذ قرابة من عقدين للقضاء على الصحافة المستقلة وكأنها هي المسؤولة عن فشل التنمية وارتفاع الفساد ودخول البوليساريو الى المناطق العازلة،  تفشل فشلا ذريعا في خلق إعلام بديل له مصداقيته في أعين الرأي العام المغربي، وبهذا يجد المغاربة أنفسهم أمام بديل واحد وهو اللجوء الى وسائل إعلام أجنبية، حيث استغلت فرانس 24 باللغة العربية هذا الفراغ وتشغله بذكاء، وأصبحت، رغم بعض مساوءها، الجهة التي يشاهدها المغاربة لتتبع قضايا الساعة الساخنة في بلادهم لأن الاعلام الرسمي غارق في مسلسلات “أحبك وأحبته وخانته وخانها”.

في الوقت ذاته، غذت وسائل التواصل الاجتماعي النافذة الرئيسية لنشر وبث ومتابعة أخبار الوطن، وتحول بعض الشباب الى نجوم في شبكات الفايسبوك ويوتوب، يحققون مشاهدات بمئات الآلاف، وهو ما تعجز عنه معظم بل ربما كل وسائل الاعلام المغربية. واتضح هذا من خلال الكيفية التي روج لها نشطاء لحملة المقاطعة الحالية.

إن دولة تطورت في سلم الفساد نحو الأعلى وفشلت في التنمية لا يمكن أن تنتظر منها التقدم في حرية التعبير لأن حرية الصحافة تعد تهديدا لمصالحها.

كان المغاربة في الماضي يتطلعون الى حرية التعبير في دول الشمال ليصبحوا مثلهم، القارة الأوروبية، والآن سبقته دول تقع جنوبه، نعم أيها الناس، السينغال تحتل المركز 50 في حرية التعبير وغامبيا والنيجر 63 وموريتانيا 72 وساحل العاج 82. إن الفارق بيننا وبين السنغال 85 مركزا ، بينما المغرب يتقدم فقط ب 34 عن السعودية.  يا للمفارقة، المغرب يبتعد عن السنغال في حرية التعبير ويقترب من السعودية.

Sign In

Reset Your Password